يديعوت ــ زلمان شوفال
اهتمت واشنطن، منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، بقدر آخذ بالتضاؤل تدريجاً بالتعاون الاستراتيجي مع إسرائيل. بل إن المحلل السياسي في صحيفة «نيويورك تايمز»، توماس فريدمان، كتب في الماضي، ربما بشيء من المبالغة، أن عهد العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين قد انتهى؛ فدعم الولايات المتحدة السياسي والأمني لإسرائيل لا يزال يُعد، بحق، عامل استقرار في الشرق الأوسط، لكنه لا يتجاوز ذلك. في حرب الخليج الأولى، عندما طُرحت مسألة إمكان أن تُسهم إسرائيل، وبخاصة عبر سلاحها الجوي، بنصيب فاعل في القتال، جهدت الولايات المتحدة بشكل كبير لمنع ذلك. يواصل أصدقاء إسرائيل، وبخاصة في الحزب الجمهوري، الحديث عن إسرائيل كـ«حاملة طائرات برية» لأميركا، لكن لست أخالهم يملكون فكرة عن الظروف التي ستتحرك فيها «حاملة الطائرات» هذه، إذا تحركت أصلاً.
كل هذا قد يتغير الآن، في واقع مواجهة آخذة في التعاظم بين العالم الحر بقيادة أميركا (حتى لو ضعفت الولايات المتحدة في أعقاب التورط العراقي، فلا يوجد في الأفق بديل من زعامتها) وبين الأصولية الإسلامية برأسيها ــ إيران الشيعية من جهة و«القاعدة» السنيّة من جهة أخرى ــ وجهات مثل حزب الله، و«حماس» والعصابات الشيعية في العراق، التي تنضم إليهما.
لا ريب في أن السلوك البائس لإسرائيل في حرب لبنان الثانية سبب خيبة أمل شديدة للإدارة الأميركية، سواء على الصعيد السياسي أو في المجال العسكري. لكن لا يزال الجيش الإسرائيلي وأذرع إسرائيل الأمنية يُعدان بين الأفضل في العالم، ولذلك فإن أسهمهما في بورصة واشنطن انخفضت مؤقتاً فقط، طبعاً بشرط أن تُتخذ في إسرائيل خطوات بناء ثقة فعالة لتحسين وجه القيادة الأمنية والسياسية.
يمكن أن نلاحظ هذا الواقع الجديد بوضوح في كل ما يتعلق بإيران، التي ينشأ معها وضع قد تجد فيه إسرائيل نفسها، سواء أرادت أو لا، تشغل، في ظروف ما، دوراً فاعلاً، وليس مراقباً جانبياً. إسرائيل ليست تواقة إلى الدور المخصص لها، لكن كما في مسرحية فرنديلو، يبدو أنه لن يكون أمامها خيار سوى أن تشغله عاجلاً أو آجلاً.
لكن إيران جزء من المشكلة فقط، لأنه في النضال العام ضد الأصولية الإسلامية، لا يوجد للعالم الحر حلفاء مخلصون كثيرون جداً في منطقتنا. إن أنظمة الحكم، إن لم يكن السكان بالضرورة، في الدول السنيّة «المعتدلة»، (السعودية، ومصر، والأردن وإمارات النفط) شريكة في القلق الأميركي، لكن واحدة من هذه الدول على الأقل، وهي السعودية، تشكل مصدر وحي أيضاً وتمويل للجهادية السنيّة، وتوجد علامات استفهام غير قليلة تتصل بالأخريات أيضاً.
في الأعوام الأخيرة، كما قيل آنفاً، حصل تآكل ما في التعاون والتنسيق الاستراتيجي بين الجهات الأمنية في كل من إسرائيل وأميركا. وسواء تحولنا في المستقبل حقاً إلى «حاملة طائرات برية» لأميركا، أو بقينا أحد العوامل التي ستعتمد عليها في ما يوصف بـ«الحرب العالمية الثالثة» ــ يجب على الجانبين، إسرائيل والولايات المتحدة، التوجه نحو الإبكار في مهمة إعطاء مضمون جديد، ذي صلة، لمصطلح «التعاون الاستراتيجي».