بحثت المجموعة المصرفية الهولندية الكبرى (ING )، التي تعدّ من كبريات المؤسسات المالية في أوروبا، في التداعيات الاقتصادية على قيام إسرائيل أو الولايات المتحدة بشن هجوم مفاجئ على المنشآت النووية الإيرانية، فرأت أن هجوماً كهذا وردّ الفعل الإيراني عليه، سيؤثر تأثيراً مأسوياً على الأسواق المالية العالمية، حتى وإن كانت ردّة فعل طهران غير شديدة.ونقلت صحيفة «معاريف» أمس، في ملحقها الاقتصادي الأسبوعي، تفاصيل عن دراسة ING، التي رأى معدّوها أن احتمال قيام إسرائيل أو الولايات المتحدة بتوجيه ضربة الى إيران غير وارد حالياً، لكن «قد يندفع الرئيس الأميركي جورج بوش الى تعجيل موعد الهجوم، قبل انتهاء ولايته نهاية عام 2008، بعد تهديدات الرئيس الإيراني (محمود أحمدي نجاد) وتزايد المخاوف من امتلاك إيران للسلاح النووي قريباً».
ويرتكز سيناريو باحثي ING على فرضية أن «تقوم إسرائيل بمهاجمة خمسة أو ستة مفاعلات نووية إيرانية خلال شهر شباط الجاري أو آذار المقبل، على أن ينتهي الهجوم خلال ساعات أو يمتد لأيام أو حتى لأسابيع، مع مشاركة أميركية مباشرة أو من خلال تأمين جدار حماية لإسرائيل، من أجل منع إيران من تصعيد عمليات الرد، كي لا يتجاوز ردها إطلاق صواريخ شهاب 3 وهجمات تقوم بها حماس وحزب الله».
ورأى باحثو ING أن «هجوماً مفاجئاً على إيران، والرد الإيراني في أعقاب الهجوم، سيزعزع الأسواق المالية في أرجاء العالم، وليس فقط في إسرائيل». وأضافوا ان السؤال الأساسي المفترض طرحه يتعلق بإيران نفسها، كي يصار الى استشراف التداعيات الاقتصادية على الأسواق العالمية: «هل ستضرب إيران الدول الخليجية والمصالح الأميركية في المنطقة؟».
ويضيف الباحثون أن «اختيار إيران للرد على إسرائيل بشكل حصري، سيؤدي تقريباً الى اقتصار الأبعاد السلبية عليها»، رغم عدم استبعادهم أن «يكون للهجوم الإسرائيلي تأثير كبير جداً على الأسواق المالية»، وأن يؤثر أيضاً «على العلاقات الدولية والتزود بالنفط بشكل عام». لكن في حالة الولايات المتحدة، فيمكنها أن تستخدم ما لديها من احتياط «يكفيها طوال 75 يوماً أو تشتري نفطاً من مصادر أخرى»، علماً بأن «الولايات المتحدة أكثر ضعفاً من الناحية العسكرية والسياسية، مما كانت عليه قبل أربع سنوات».
ويرى باحثو ING أن «السبب الأساسي الذي لم يتم (التوصل الى) تقديره، هو حجم عمليات الرد الإيرانية» على الهجوم، فباستثناء عمليات إطلاق الصواريخ والهجمات «الإرهابية» على مراكز إسرائيلية وأميركية، فإن الخشية تتمحور حول «اندلاع نزاع إقليمي تتضرّر معه المصالح السياسية والاقتصادية على المدى البعيد».
وشدد الباحثون على «وجوب أن تقدم الأسواق المالية على دراسة الكلفة المرتفعة للهجوم المفاجئ على إيران، وعدم مساواتها بالهجوم الأميركي على العراق». وهم يذكّرون الجهات المعنية بأن ثمة فارقاً جوهرياً بين المسألتين العراقية والإيرانية، ففي الحالة الأولى كان للأسواق المالية متسع من الوقت للاستعداد له، أما في الحالة الإيرانية فالقصة مغايرة.
ويميل باحثو ING إلى أن إنتاج النفط الإيراني لن يتضرر بشكل فوري «ما لم تقدم إيران على شن هجمات على السفن المحملة بالنفط في الخليج، ما سيخلق رعباً في أسواق النفط ويؤدي الى عمليات بيع مذعورة يقفز معها سعر النفط الى ثمانين دولاراً للبرميل، مع خشية أن يصل الى مئة دولار أيضاً». لكن إذا قامت إيران بحصر ردها على إسرائيل فقط، فإن «ارتفاع أسعار النفط سيكون مؤقتاً».
ويقدر الباحثون أن الولايات المتحدة ستدفع ثمن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، «فالخطر يكمن في الهجمات الإرهابية التي من شأنها أن تزعزع الثقة بالدولار (الأميركي)، مع تعزيز لليورو والفرنك السويسري غير المرتبط بالنفط، إضافة الى الكورون النروجي»، لكنهم يقرأون تداعيات خاصة على العملة التركية «المرتبطة بالنفط الإيراني وإمكان أن تستهدف إيران القواعد العسكرية الموجودة على الأراضي التركية»، وينصحون بتقليص التعامل مع الليرة التركية طوال الأسابيع المقبلة.