علي حيدر
لا تزال العبوات التي اكتُشفت بالقرب من السياج الحدودي، في مقابل مستوطنة افيفيم، (على مقربة من مارون الراس)، تتفاعل داخل الأوساط السياسية والعسكرية الاسرائيلية، حيث توالت التهديدات على ألسنة المسؤولين الإسرائيليين باستخدام القوة ضد بيروت ودمشق والمطالبة بنشر القوات الدولية على الحدود اللبنانية ـــ السورية.

اتهم وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس أمس سوريا بأنها تسمح بنقل الأسلحة الى حزب الله عبر حدودها مع لبنان، من أجل إعادة تسليحه، مشدداً على أن لإسرائيل الحق في استخدام القوة ضد هذا الحزب لمنعه من تحقيق ذلك.
وأكد بيرتس، خلال كلمة أمام رؤساء الجالية اليهودية في الولايات المتحدة الذين يزورون اسرائيل، «أننا لا نستطيع، بأي وجه من الوجوه، تجاهل نقل السلاح وتسليح حزب الله»، معتبراً أنه «في الوقت الذي تلتزم فيه اسرائيل وقف النار، فإن لها الحق في الدفاع عن مواطنيها، وسنفعل ذلك أيضاً بالقوة ومن دون أي حلول وسط». وشدد على أن اسرائيل لا تستطيع «تجاهل عملية نقل الأسلحة الى حزب الله وخاصة بعد حادثة كشف العبوات التي زُرعت قرب السياج قبل أيام»، واصفاً الحادثة بأنها بمثابة «إنذار من ناحيتنا وتحذير من ناحيتهم».
وأشار بيرتس الى أن إسرائيل مستعدة لخطة شاملة «تتضمن استخلاص العبر وفق كل سيناريوهات حرب لبنان الثانية». وانتقد سياسة الكبح التي اعتمدتها اسرائيل خلال تولي وزراء الدفاع السابقين بالقول إن «العبرة الأساسية هي في أنه ينبغي إيقاف غضّ النظر الذي استمر خلال السنوات الماضية وجرَّنا الى أن وجدنا أنفسنا أمام قطاع مسلح ذي قوة نوعية»، مشدداً على أنه «من الممنوع تجاهل تعاظم حزب الله وإعادة تسليحه».
وتعهد بيرتس «أننا سنفعل كل شيء من أجل المحافظة على القرار 1701»، معتبراً أنه «ينبغي لنا المطالبة بتنفيذ تام للقرار (1701)، وخاصة في ما يتعلق بمادتين أساسيتين لم تنفّذا، إعادة المخطوفين وحظر السلاح» عن حزب الله.

أما نائب رئيس الوزراء شمعون بيريز فقال من جهته، خلال مقابلة مع القناة العربية في التلفزيون الاسرائيلي، إن إسرائيل «لن تسمح بأي حال من الأحوال لحزب الله بالتموضع مجدداً على امتداد الحدود الشمالية، والقيام باستفزازات لأنهم بذلك يَضرون لبنان والسلام والجميع، ونحن سنصر على أن ينفّذوا (أي حزب الله) قرارات الأمم المتحدة كما صيغت». لكنه أوضح أن تل أبيب «ستعتمد بدايةً الوسائل الدبلوماسية»، ملوّحاً بالضغط على لبنان من جهة المبالغ المالية التي تقررت في مؤتمر «باريس ــ3». وقال «إن لبنان سيحصل الآن على مساعدات بقيمة 7.5 مليار دولار، وإذا أراد حزب الله أن يوقف ذلك، فيمكنه القيام بأعمال طائشة، وهذا يعني أنهم سيتسبّبون بضرر كبير للبنان، لأن العالم سيمارس عندئذ ضغطاً كبيراً على لبنان».
وتعقيباً على اكتشاف العبوات، خلال الأيام الماضية، ذكرت القناة العربية في التلفزيون الاسرائيلي أن قيادة جيش الاحتلال ستقدم اليوم تقريراً الى رئيس الوزراء ايهود اولمرت في شأن الأوضاع الأمنية على الحدود الشمالية، مشيرة الى أنه اتضح للقيادة الشمالية، بعد عملية تقصٍّ، «أن العبوات الناسفة التي تم العثور عليها زُرعت من جانب مخربين من عناصر حزب الله خلال الأيام القليلة الماضية مستغلين أحوال الجوّ الماطر والضباب الكثيف الذي غطى المنطقة». وأضاف المصدر نفسه أن قيادة المنطقة الشمالية «عادت وشددت تعليماتها للقوات العسكرية المرابطة على الحدود مع لبنان، والقاضية بإطلاق النار على كل من يُرصد من الجانب اللبناني، وهو يُجري استعدادات أو ينفذ عملية عدائية ضد أهداف إسرائيلية».
في هذا السياق، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن سوريا نقلت كميات كبيرة من صواريخ «كورنت» المضادة للدبابات، الى حزب الله. وكانت صواريخ من الطراز نفسه قد أوقعت إصابات كبيرة في دبابات جيش الاحتلال خلال العدوان الاسرائيلي الأخير على لبنان. ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي رفيع المستوى قوله إن «قوة حزب الله في مسار تصاعدي وإسرائيل لا تفعل شيئاً».
وأضافت الصحيفة، نقلاً عن المصدر نفسه، «إن حزب الله أدرك، في إطار استخلاص العبر من الحرب، بأنه ينبغي له التسلح بكميات كبيرة من الصورايخ المتطورة، التي يستطيع مقاتلوه بواسطتها تدمير الدبابات الإسرائيلية».
وذكرت جهات سياسية، بحسب «يديعوت»، أن حزب الله يواصل، الى جانب تهريب صواريخ الكورنت، «تخزين صواريخ الكاتيوشا والصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى». ورأت المصادر نفسها أن حزب الله «قد أدرك قواعد اللعبة، كونه ينفّذ كل عمليات تهريب الوسائل القتالية شمالي نهر الليطاني، بعيداً عن جنود القوات الدولية الذين يعرفون بها لكنهم لا يفعلون شيئاً».
وأوضح المصدر الإسرائيلي أنه ليس أمام إسرائيل لمواجهة هذه المعضلة إلا حل من اثنين: إما المطالبة بنشر قوات دولية على طول الحدود السورية اللبنانية، أو جعل سوريا تدفع الثمن حتى تدرك أن إسرائيل لن تسلّم بنقل الوسائل القتالية الى أعدائها».
وكانت وزارة الخارجية الاسرائيلية قد أجرت، بحسب الصحيفة نفسها، مشاورات أخيراً بهذا الشأن، قررت بموجبها زيادة النشاطات السياسية الدولية من أجل إقناع المجتمع الدولي بفرض حظر على الأسلحة.
وأوضحت الصحيفة أنه «غداة اكتشاف العبوات الناسفة على الحدود مع لبنان، استفاق سكان مستوطنة المطلة على دليل آخر يشير إلى أن عناصر حزب الله لا يخشون الاقتراب من الحدود، حيث تبين أن ناشطي الحزب قاموا بزرع ثلاثة أعلام ثابتة، علم حزب الله وعلم لبنان وعلم فلسطين، على بعد بضعة عشرات الأمتار من البيوت».