علي حيدر
فاجأ رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت الرأي العام الإسرائيلي أمس بالإعلان عن أن إسرائيل ستضطر في نهاية المطاف إلى التنازل عن كل هضبة الجولان، مكرراً موقفه الرافض لإجراء مفاوضات مع سوريا في المرحلة الحالية. وتشكك في إمكان التوصل إلى اتفاقية لتشكيل حكومة وحدة فلسطينية، رابطاً بين الموقف الإسرائيلي الإيجابي منها ومن إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط

أعلن إيهود أولمرت، خلال جلسة لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أن «إسرائيل ستضطر في المستقبل إلى التنازل التام عن هضبة الجولان». وحاول تبرير موقفه عبر الإشارة إلى أن «كل الحكومات الإسرائيلية، ما بين عامي 1993ــ2003، ومن ضمنها حكومات (إسحق) رابين و(بنيامين) نتنياهو و(إيهود) باراك، أجرت مفاوضات مع سوريا. وكان من الواضح أن أي اتفاق سيوقع كان سيتضمن تنازلاً إسرائيلياً تاماً عن هضبة الجولان والانسحاب إلى حدود 1967».
لكن نتنياهو قاطعه غاضباً ونافياً أقواله جملة وتفصيلاً. لكن أولمرت تابع كلامه موجهاً الحديث إلى نتنياهو: «أنت تعرف أن هذا صحيح ولا تحاول إخفاء الحقيقة». وأضاف: «على أساس هذه المفاوضات يدرك الجمهور في إسرائيل وفي العالم أننا سنضطر في المستقبل إلى التنازل عن كل الجولان». لكنه أضاف أن «الجانب السوري غير مستعد للتنازل عن دوره في الإرهاب»، في إشارة إلى الدعم السوري للمقاومة. ورأى أن دمشق «معنية بصناعة السلام لا بالسلام» نفسه.
وبعد الجلسة وما تخللها من مواجهات حادة، قال نتنياهو، خلال مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، «كم مرة يمكن أن يكرر أولمرت هذه الكذبة وهو يعلم أن إصراري على البقاء في هضبة الجولان هو الذي فجر المفاوضات مع سوريا؟». واتهمه بأنه يحاول من خلال هذا الكلام «صرف الأنظار عن الإخفاقات السياسية والأمنية لحكومته، التي كان آخرها عدم الرفض أو الموافقة على اتفاق مكة، الذي اعتبره (اولمرت) انتصاراً لحركة حماس التي ترفض الاعتراف بإسرائيل».
وتناول أولمرت، في حديثه أمام اللجنة، الموضوع الفلسطيني، مشيراً إلى أنه ليس مقتنعا أبداً بأن حركتي «فتح» و«حماس» ستتوصلان إلى اتفاق على تشكيل حكومة وحدة فلسطينية وأنه في جميع الأحوال سيتم اختبار حكومة كهذه من خلال إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة جلعاد شاليط، مدعياً أن «المستور (في اتفاق مكة) أكبر من المعلن».
وهاجم أولمرت نتنياهو قائلاً: «إنه أقام حماس وأحياها وأطلق سراح الشيخ (أحمد) ياسين ومنحه القدرة على النمو». وأضاف أن «كل هذا حدث بسبب التفاهات التي نُفِّذَت عندما كان نتنياهو رئيساً للحكومة».
وشدد أولمرت على أن الاجتماع الثلاثي المرتقب مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لا يزال قائماً.
في المقابل، طالب عضو لجنة الخارجية والأمن يوفال شطاينطس (الليكود) أولمرت بـ«إلغاء القمة فوراً مع أبو مازن، الذي باع روحه للشيطان الإرهابي حماس في مكة»، مشيراً إلى أن «دخول أبو مازن في حكومة حماس هو خرق فاضح للغاية لاتفاقيات أوسلو». كما طالب أولمرت بالاستقالة إذا عقد لقاءه معه. وكان شطاينطس قد رأى، قبل جلسة اللجنة، أن الحكومة فشلت في الحرب على «حماس» وحزب الله متسائلاً: «كيف يمكن أن تتحول حركة حماس إلى شريك محتمل من دون أن تغير من موقفها، ومن دون أن تعلن موافقتها على شروط الرباعية؟».
وفي هذا السياق، أوضحت مصادر سياسية إسرائيلية أن إسرائيل الآن في مرحلة انتظار لرؤية كيف سيُطَبَّق اتفاق مكة وإلى أي مدى ستكون الأطراف مستعدة لقبول شروط الرباعية الدولية. وأشارت المصادر نفسها إلى أن الدلائل لا تبدو مشجعة وأن «الفلسطينيين يسوِّقون رزمة فارغة سيشتريها الاتحاد الأوروبي وروسيا».
وترى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن المشاكل الأساسية بين حركتي «فتح» و»حماس» لم تحل حتى الآن، ولم تتبلور خطوط الأساس، وأن هناك جداول زمنية متناقضة مع حجم الخلافات. كما أشارت محافل سياسية إسرائيلية إلى ما قاله رئيس شعبة الاستخبارات «أمان» عاموس يدلين في جلسة الحكومة من انه ليس هناك أي ضمانة في أن تتألف حكومة الوحدة الفلسطينية في نهاية المطاف بسبب الخلافات الكثيرة بين الفصائل المختلفة التي لم تحل بعد.
إلى ذلك، جرى خلال جلسة لجنة الخارجية والأمن تناول العلاقة المتوترة بين أولمرت ووزير الدفاع عامير بيرتس. وشدد أولمرت على أنه «لا يوجد أي قانون ينص على وجوب وجود علاقات حميمة بين رئيس الحكومة ووزير الدفاع». لكنه طمأن أعضاء اللجنة إلى أن علاقات العمل سوية وأنها ليست كما يتم تصويرها في وسائل الإعلام. وقال، لأعضاء اللجنة: «اهدأوا، أنا ووزير الدفاع نتحدث مرات عديدة عبر الهاتف يومياً ونلتقي مرات عديدة كل أسبوع وهناك تبادل معلومات بين مكتبينا».