استفادت الخارجية الروسية من استقبال وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، في موسكو أمس، لتعرض مواقفها من مجمل تطورات الحرب المزعومة على الإرهاب التي تقودها وانشطن عبر قيادة «تحالف دولي» في كل من العراق وسوريا، في الوقت الذي بدأت تشير فيه أحاديث وقوانين أميركية (تفويض الكونغرس المرتقب) إلى أنّ هذه الحرب لن تكون محصورة جغرافياً، بل لا بد أن يتسع نطاقها.
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي، استغرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، «اختلاف مواقف التحالف الدولي» في العراق وسوريا، معيداً إلى الأذهان أن «التحالف» يعمل في العراق اعتماداً على الموافقة الكاملة من الحكومة العراقية، في الوقت الذي لا وجود فيه لهكذا أساس قانوني في ما يخص الضربات فوق الأراضي السورية. وتابع قائلاً: «اتخذ قادة التحالف موقفاً مسيساً صارخاً، معتبرين أن التعاون مع الحكومة السورية في محاربة داعش أمر عديم الشرعية. وإنني أرى أن مثل هذا الموقف غير بنّاء». وفي هذا السياق، دعا الوزير الروسي شركاء روسيا الغربيين إلى العمل تحت إشراف مجلس الأمن الدولي لإجراء تحليل شامل للمخاطر القائمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ورأى أن مثل هذا التحليل ضروري لكي «لا ينشب هناك وضع غريب عندما يحارب الجميع في حالة من الحالات جماعة إرهابية معينة، وفي الحالات الأخرى يعتبرون نفس المتطرفين كشركاء في الجهود المبذولة لإسقاط الأنظمة التي لا تروق (للشركاء الغربيين)».
لافروف يهاجم
«اختلاف مواقف التحالف» في
العراق وسوريا

وربط الديبلوماسي الروسي حديثه عن الأوضاع في الشرق الأوسط بضرورة إشراك إيران في جميع المحادثات التي تتعلق بمشاكل هذه المنطقة. وقال، أيضاً، بخصوص الملف النووي الإيراني: «لقد تبادلنا الآراء حول الأوضاع في مفاوضات الملف... ومن صالح العراق وروسيا أن تتكلل بالنجاح وفي الوقت المتفق عليه».
وفي ما له علاقة بالتعاون مع العراق، كان التركيز أيضاً على نطاق تعزيز التعاون العسكري، إذ قال لافروف: «أبلغني وزير الخارجية العراقي بالتفاصيل حول الوضع في البلاد التي تتصدى للهجوم الإرهابي. نحن أكدنا تضامننا مع الدولة الصديقة وعزمنا على تقديم الدعم في تعزيز القدرات الدفاعية للعراق وضمان وحدة أراضيه وعدم السماح بالتدخل الخارجي». وأشاد الوزير الروسي بتطور التعاون الثنائي بين البلدين، مذكراً بأن التبادل التجاري الثنائي يقترب من ملياري دولار، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن تعزيز العلاقات في مجالات النفط والغاز والطاقة والعلاقات العسكرية ــ التقنية يكتسب في هذا السياق معنىً خاصاً. من جهة أخرى، قال وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، إنه نوقشت خلال اللقاء العديد من الملفات المحلية والإقليمية والدولية، مشيراً إلى إبلاغ الجانب الروسي بآخر التطورات في العراق على الصعيدين الأمني والسياسي. وبخصوص الحملة الأمنية الموجهة لتحرير الأراضي العراقية من سيطرة «داعش»، أوضح الجعفري أن القوات المشاركة في الحملة من قوات عسكرية وأمنية و«الحشد الشعبي» و«البشمركة» ورجال العشائر تعمل «حصراً» تحت إدارة القوات الحكومية ولا وجود لأي تدخل خارجي. وإجابة عن سؤال حول المعلومات الإشكالية التي تشير إلى إنزال طائرات «التحالف الدولي» لمساعدات من ضمنها عتاد لمسلحي «داعش»، نفى الجعفري وجود أي أدلة على دعم «التحالف» للتنظيم.
وفي سياق حديثه، أشار وزير الخارجية العراقي إلى ضرورة «اعتماد الحلول السلمية السياسية لتجنيب المنطقة مغبة الحرب».
وكان الجعفري قد وصل إلى موسكو أمس في زيارة تستمر يومين وتأتي تلبية لدعوة من نظيره الروسي. وحول أهداف الزيارة، أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية، سعد الحديثي، في حديث خاص لوكالة «سبوتنيك» الروسية، أنّها «تأتي لتطوير العلاقات بين البلدين، وتعزيز آفاق التعاون بينهما، خاصة أن روسيا لها دور بارز على المستوى الإقليمي يمكنها أن تلعبه في تعزيز محاربة الإرهاب، ودعم الاستقرار في المنطقة، فضلاً عن رصيد مهم من المصالح الاقتصادية المتبادلة». وتوقع الحديثي أن يبرم الجانبان عدداً من الاتفاقات في مجالات متنوعة، أبرزها على صعيد التعاون العسكري والتسليح والنفط والاستثمار.
وحول الحديث عن صفقات الأسلحة، قال الحديثي: «في الحقيقة هناك صفقات سلاح عقدت في وقت سابق بين روسيا والعراق، ويجري العمل على تفعيلها الآن، وهناك احتياجات متزايدة للعراق اليوم في مجال التسليح والتجهيزات العسكرية المختلفة بحكم المعركة التي نخوضها اليوم، ولتحقيق الانتصار يجب الحصول على الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية المختلفة، وروسيا إحدى الدول الموردة للعراق، ونحن على استعداد للوصول إلى اتفاقات في هذا الجانب ما دامت هذه الاتفاقات تخدم العراق».
(الأخبار)