strong>محمد بدير
اختيار قرية البقعية في أراضي 48 موقعاً للتدريب لمحاكاتها قرى الجنوب اللبناني

وجد وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس نفسه أمس في مواجهة التقديرات الاستخبارية المهنية التي أعدها جيشه في شأن تنامي القدرات العسكرية لحزب الله في أعقاب الحرب وجاء فيها أنها تجاوزت المستوى الذي كانت عليه قبلها، ما دفعه إلى الاعتراض عليها، تحت عنوان تصويبها، دافعاً الضابط الذي كان يعرضها أمام إحدى لجان الكنيست إلى التراجع عنها. جاء ذلك في وقت يُعد فيه جيش الاحتلال نفسه للمواجهة المقبلة على قاعدة افتراض أن حزب الله سيستعيد ما كان لديه من قوة، بل ويحسن قدراته، استناداً إلى استخلاص العبر من أدائه خلال العدوان الأخير. وتزامن مع الكشف عن توجه الجيش الإسرائيلي إلى اعتماد قرية عربية في الجليل الغربي للتدريب على القتال ضد حزب الله، نظراً لشبهها الكبير بـ«قرى الجنوب اللبناني».
وفي سياق عرض استخباري قدمه أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، قال رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية، العميد يوسي بيدتس، إن «حزب الله استعاد القدرات التي كان يملكها قبل الحرب الأخيرة في لبنان، بل وأصبح أكثر قوة».
وحسب ما نقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن أعضاء اللجنة سألوا بيدتس أكثر من مرة إذا كان ما يقوله يعني أن حزب الله زاد قوته مقارنة بالقدرات التي كانت بحوزته عشية الحرب، فأجاب بالإيجاب.
عندئذ، تدخل عامير بيرتس قائلاً «إن حزب الله لم يعزز قوته (الفعلية)، بل فقط قوته الكامنة»، معتبراً أن القوة الفعلية للحزب أمر لا يمكن قياسه.
وعلى أثر كلام بيرتس، تراجع بيدتس عن كلامه الأولي، و«قوّم» أقواله وفقاً للملاحظة التي أبداها وزير الدفاع، مشيراً إلى أنه كان يقصد القوة الكامنة لدى الحزب.
وأثار تراجع بيدتس عن موقفه الأول صخباً وسط أعضاء اللجنة الذين رأوا في ما حصل أمراً خطيراً.
وشددت عضو الكنيست عن حزب الليكود، ليمور ليفنات، على عدم حصول سوء فهم «فقد سألنا بيدتس عن حزب الله مرات عديدة، وأجاب بأن حزب الله فعلاً عزّز قوته». وأضافت إن الضابط قدم عرضاً للوضع، وليس أمراً سويّاً أن يتدخل وزير الدفاع لتصويبه.
وأعرب وزير الخارجية السابق، سيلفان شالوم، عن سخطه إزاء «محاولات الترميم» التي قام بها بيريتس لأقوال بيدتس. وقال «إن ما سمعناه في اللجنة يثبت أن القرار 1701 أفلس، وقد حذرت سلفاً من ذلك». وأضاف «إذا كان حزب الله يواصل تنمية قوته مقارنة بما كان عليه قبل الحرب، فإن ذلك خطير جداً ويثبت أن هذه الحرب كانت فاشلة. لم نفعل شيئاً، والوضع في الواقع أسوأ مما كان عليه».
ودافع بيرتس عن نفسه رافضاً التفسيرات التي أثارها أعضاء اللجنة لأقوال ضابط الاستخبارات. وقال «إن حزب الله يطمح إلى الوصول إلى حالة التسلح التي كان عليها قبل الحرب، وهو يملك نيات كهذه، إذا تحققت فإن الوضع سيكون سيئاً للغاية، إلا أن ذلك لم يحصل فعلياً حتى الآن».
ورأى بيرتس أن «التفريق بين الاستعداد للتسلح والتسلح الفعلي أمر صائب، ونحن نقوم بجهود للحؤول دون ذلك»، مشيراً إلى أن تعزيز قوة حزب الله يعكس نتيجة ممكنة لتواصل تدفق السلاح والذخائر باتجاه سوريا ولبنان.
وفي ختام النقاش، تقرر نقل الموضوع للبحث في إحدى اللجان الفرعية السرية المنبثقة عن لجنة الخارجية والأمن.
وتطرق بيدتس إلى سوريا، التي قال إنها «تمر في عملية تعاظم قوتها العسكرية والسوريون يخشون من مواجهة عسكرية مع إسرائيل وهم لا يريدون المبادرة إلى ذلك». أضاف إن الرئيس السوري بشار الأسد «يقصد ما يقول عندما يدعو إلى السلام
مع إسرائيل».
وفي سياق متصل، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن ضابط رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي قوله إن «الجيش يستعد بناءً على فرضية تقول إن على منظومة الدفاع الجوي في الحرب المقبلة أن تعمل لاعتراض الصواريخ التي تطلق باتجاه إسرائيل».
وأوضح الضابط أن الجيش يقدر «أن التهديد الصاروخي ضد إسرائيل سيتوسع، لذلك ننوي توسيع منظومة الدفاع الفعال». وكشف أن الدفاع الجوي في الجيش استعد أكثر من مرة خلال العدوان على لبنان لاعتراض صواريخ بعيدة المدى عبر بطاريات «باتريوت»، لكن عندما اتضح أن مسار الصواريخ يقود نحو البحر، لم تعد هناك حاجة إلى تفعيل الاعتراض.
وأضاف «لا شك في أن ما حدث في الحرب يثير لدى جهات ومنظمات الرغبة في تكرار نشاطها وحتى تحسينه».
ورأى المصدر نفسه أن حزب الله لم يرتدع من المواجهة الأخيرة ولم يراوح مكانه، بل يعمل على دراسة مكامن فشله بهدف تحسين أدائه. وأشار إلى أن «حزب الله يدرس الحرب ويستخلص العبر، تماماً كما فعل الجيش الإسرائيلي».
ورأى الضابط الإسرائيلي أنه «حتى لو لم يتوصل حزب الله حتى الآن إلى حيازة أسلحة بالحجم الذي كان بحوزته عشية الحرب، فإن حافزيته للعودة إلى ما كان عليه، يضاف إليها عدم منع تهريب السلاح إلى لبنان، سيؤديان به إلى هذه النقطة».
من جهة أخرى، وفي إطار ورشة الاستعداد وإعادة التأهيل التي يخوضها الجيش الإسرائيلي، قررت قيادته استخدام قرية البقعية العربية، الواقعة في الجليل الغربي، واعتمادها كنموذج لقرى جنوب لبنان من أجل تدريب قواته على القتال المتوقع في تلك القُرى.
وذكرت صحيفة «معاريف» أنه من المُزمع أن تقوم كتائب سلاح المشاة في الجيش الإسرائيلي والخاضعة لإمرة المنطقة الشمالية، بإجراء تدريبات قتالية في المناطق السكنية خلال الشهرين المقبلين.
وأشارت الصحيفة إلى أن كتيبة «حيريف» (السيف)، وهي كتيبة المشاة الدرزية في الجيش الإسرائيلي، نفذت قبل أشهر تدريبات قتالية في القرية المذكورة. ونقلت «معاريف» عن قادة عسكرييين قولهم إن القرية مشابهة من الناحية الطوبوغرافية للقرى الشيعية في جنوب لبنان، وبالتالي فإن التدرب فيها يُعدّ ناجحاً.


strong>إن ما سمعناه في اللجنة يثبت أن القرار 1701 أفلس، وقد حذرت سلفاً من ذلك. إذا كان حزب الله يواصل تنمية قوته مقارنة بما كان عليه قبل الحرب، فإن ذلك خطير جداً ويثبت أن هذه الحرب كانت فاشلة. لم نفعل شيئاً، والوضع في الواقع أسوأ مما كان عليه