strong>يحيى دبوق
«اللقاء الثلاثي» فشل. هذا الاعتراف لم يصدر بعد عن أي مسؤول فلسطيني أو إسرائيلي أو أميركي. إلا أن المعطيات والتسريبات والتلميحات تشير إلى أنه كان لقاء عتاب متوتر، لم يمس جوهر القضية، التي خصص لمناقشتها

أجمعت المصادر الإسرائيلية والفلسطينية أمس على أن اللقاء الثلاثي، الذي عقد في القدس المحتلة أول من أمس بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، اتسم بالسجال والتوتر.
وذكرت مصادر إسرائيلية أن أولمرت واجه محمود عباس خلال اللقاء بالقول: «لقد خنتني بوصولك إلى اتفاق مع حماس»، فرد عليه عباس قائلاً: «أنت لم تعطني شيئاً ولم تحافظ على تعهداتك».
ورفض أولمرت الاقتراح الفلسطيني لتجاوز شرط اعتراف الحكومة الفلسطينية بشروط الرباعية بأن تكون منظمة التحرير الفلسطينية مسؤولة عن التفاوض. وطالب الحكومة الفلسطينية بتلبية شروط اللجنة الرباعية كشرط للاعتراف بها.
وقال أولمرت: «لن تجري إسرائيل اتصالات حتى مع معتدلين كوزير المالية المرتقب سلام فياض إذا شاركوا في حكومة لا تقبل مبادئ الرباعية»، فيما أبدى الوفد الفلسطيني تمسكه باتفاق الوحدة الفلسطينية.
إلى جانب ذلك، طالب أولمرت الوفد الفلسطيني بإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير لدى المقاومة الفلسطينية جلعاد شاليط، ووقف «عمليات تهريب السلاح من سيناء»، كما طالب بنشر قوات أمن فلسطينية في شمال قطاع غزة لمنع إطلاق صواريخ المقاومة.
وتعهد أولمرت مواصلة الاتصالات مع عباس، التي قال إنها ستقتصر على مجالين فقط: «الحرب على الإرهاب حسب المرحلة الأولى من خريطة الطريق، ومنح التسهيلات للسكان الفلسطينيين»، مع الإشارة إلى أن المرحلة الأولى تتضمن أيضاً تجميد الاستيطان.
إلى ذلك، أوضح عباس، بعد لقائه مع الملك الأردني عبد الله الثاني في عمان أمس، أن جولته المقبلة إلى أوروبا تهدف إلى «حشد الدعم السياسي والمالي للفلسطينيين خلال الفترة المقبلة». وعبّر عن «اقتناعه تماماً» باتفاق مكة، مشيراً إلى «فهم إسرائيل الخاطئ لهذا الاتفاق».
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) عن عباس قوله: «لقد أوضحنا للإسرائيليين أن هذا الاتفاق جاء لحماية وحدة الشعب الفلسطيني وصوناً لمصلحته الوطنية». ووصف لقاءه مع رايس وأولمرت بأنه «صعب ومتوتر»، لكنه رأى «أنه لم يكن فاشلاً وسيتبعه عقد اجتماعات أخرى»، مضيفاً أنه «تم خلال اللقاء استكشاف الآفاق المستقبلية لتطبيق رؤية الرئيس الأميركي جورج بوش القائمة على حل الدولتين».
وفي السياق نفسه، وصف رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، اللقاء الثلاثي بأنه «لقاء بداية وليس نهاية»، وأنه عقد من أجل استكشاف إمكان إطلاق قناة هادئة لفكرة الرئيس جورج بوش إقامة دولتين. وأضاف: «لقد اتفقنا على أن يتم استكمال النقاش حول تلك النقطة عبر لقاء ثنائي بين الرئيس عباس وأولمرت وسيعد له خلال الأيام المقبلة».
في المقابل، قال رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية إن الإدارة الأميركية وإسرائيل لا ينبغي أن يكون من حقهما تحديد برنامج الحكومة المقبلة، مضيفاً أن الفلسطينيين توصلوا إلى اتفاق بأنفسهم وسيتحركون وفقاً للمصالح الفلسطينية.
كما أعلن المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية، غازي حمد، أن الموقف الأميركي لا يزال غير محسوم، مشيراً إلى أن واشنطن تهدد مرة بمقاطعة حكومة الوحدة الفلسطينية المنتظرة ومرة تقول إنها ستنتظر وترى. وقال إن «حماس تأمل أن يتحلى هذا الموقف بمزيد من المنطقية والمرونة».


«حمام بارد»
رأت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أمس أن اللقاء الثلاثي في القدس المحتلة تحوّل إلى مهزلة لا طائل منها؛ «فكل الخطط الأميركية الفلسطينية التي بُلورت بتوجيه وغطاء من وزيرتي الخارجية كوندوليزا رايس وتسيبي ليفني، للبدء في رسم مسودة التسوية الدائمة من دون التحدث عن تطبيقها على الأرض، حصلت على حمام بارد نتيجة الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مكة. وتحولت القمة إلى مجرد زيارة دعم هامشية».