حيفا ـــ فراس خطيب
«ساعات مجنونة» أصابت عشرات الجنود بـ«الصرع»


كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في ملحقها الأسبوعي الذي يصدر اليوم الجمعة، أنَّ مئات الجنود الإسرائيليين، ممن ينتمون إلى الوحدات القتالية، عانوا خلال خدمتهم العسكرية من مرض «الصرع».
وجمعت الصحيفة شهادات من تسعة جنود على الأقل، أكدوا أنهم بدأوا خدمتهم العسكرية وهم يتمتعون بصحة ممتازة، إلا أنهم أصيبوا بـ«الصرع» خلال الخدمة، مبينين أنهم عانوا من قلة النوم ومن شروط خدمة صعبة للغايةونقلت الصحيفة عن أطباء اختصاصيين قولهم: إنّ قلة ساعات النوم «تؤدي إلى تفشي هذا المرض»، بينما لا تزال وزارة الدفاع الإسرائيلية تتنصل من مسؤوليتها وترفض الاعتراف بهم على أنهم «معاقو الجيش»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد إثبات بأنّ ظروف الخدمة أدّت إلى تفشي المرض».
ويكشف التحقيق عن «ويلات» في أروقة الجيش الإسرائيلي، حيث جمعت شهادات من جنود استعرضوا ظروف الحياة الصعبة التي يعيشونها: شروط سيئة، وساعات عمل طويلة. وركّز التحقيق على قصة الجندي الإسرائيلي، شاؤولي أمون. ويروي صديق له، كيف كان أمون يحرس سجن الأسرى السياسيين في «مجيدو» ليلاً نهاراً، حتى صار يعاني من «الصرع» إلى أنْ فارق الحياة. ويقول صديقه، ويدعي إيلي أميتاي، ممن حرسوا إلى جانبه: «كنا دائماً نتساءل متهكّمين، من هو الأسير فعلاً؟ هل نحن؟ أم السجناء السياسيون؟»
وأشار أميتاي إلى أنّ صديقه أمون «كان يعلم بأنه سيموت قريباً». وأضاف: إنّه كان دائماً يقول لعائلته «لم أنم في الجيش، الضباط لم يسمحوا لي. الجيش مسؤول عن إصابتي بالصرع».
وقال أميتاي إن أمون طلب منه قبل أسبوعين من موته رواية قصته، وكيف أنه تجنّد للجيش سليماً وأصيب بالصرع نتيجة نقص في ساعات النوم.
وتجنّد أميتاي وأمون إلى وحدة «شابيط»، التي تختص بإنقاذ «المحتجزين» خارج حدود إسرائيل: من تركيا إلى المكسيك. وضمّت الوحدة 180 جندياً. وبعد الدورات التأهيلية للحملات، بعث أعضاؤها لحراسة سجن «مجيدو». ونتيجة الظروف الصعبة للخدمة، تسرّب غالبيتهم من الوحدة، التي تقلّص عددها إلى 40 جندياً فقط. ويقول أحد جنود الوحدة «لم ننم. مزاجنا كان صعباً طوال الوقت».
أصيب شاؤولي أمون بـ«الصرع» بعد عام على تجنيده، نقل إلى المستشفى، وعاد إلى وحدته كالمعتاد، ومن بعدها تفشى المرض به أكثر، إلى أن وقع نهائياً ومات نهاية العام الماضي في حمام بيته، ولا يزال والده يحمّل الجيش مسؤولية موته.
وتجمع الصحيفة شهادات أخرى من مجنّدين ومجندات عانوا من قلة النوم ومن الحالة نفسها، ويخافون من أن يكون مصيرهم مثل مصير شاؤولي. ويتهم هؤلاء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بالمسؤولية عن وضعهم الصحي اليوم.
وقد استعرضت الصحيفة قصة المجندة عميت، التي قالت إنها عملت يومياً حتى الساعة الثالثة صباحاً، حتى انهارت ذات يوم نتيجة المرض. كما روى جندي آخر عمل في وحدة الإسعاف عن «الساعات المجنونة» التي عمل على مدارها إلى أن وقع أرضاً وتدهورت صحته.
وأشارت الصحيفة أن في أيديها ما يقارب الـ 9 شهادات من جنود إسرائيليين ادّعوا بأنّهم تجندوا للجيش وهم يتمتعون بوضع صحي سليم، بينما أصيبوا بالمرض أثناء الخدمة.
وتشير إحصائيات للجيش الإسرائيلي إلى أنهم اعترفوا في العام 1998 بـ90 جندياً مصاباً بالصرع، و200 جندي في عام 2002 و50 آخرين في العام الماضي. غالبية هؤلاء المصابين عانوا ظروفاً صعبة داخل الجيش الإسرائيلي.