حيفا ــ فراس خطيب
لم يقتصر تأثير صدمات «عدوان تمّوز» على جيش إسرائيل، بل تعدّاه إلى كلابها. فبحسب تقرير جديد، درس حالات كلاب «تتصرّف بهستيريا»، فقد أدّت «كاتيوشا» حزب الله إلى «رعب» لدى أصدقاء الإنسان في الدولة العبرية. وفيما «الرعب» المذكور هو أكبر من الذي تولّده صواريخ «القسّام»، يبدو أنّ الكلاب المصابة، بغضّ النظر عن أسبابها، قد تفيد الدولة التي تؤويها في نهاية الأمر!


إذا فقد الكلب الشهية على الطعام، أو ركض من وراء ذنبه بطريقة «غير مبرّرة»، فمن الممكن أنَّه مصاب بـ«صدمة حرب» في أعقاب حرب لبنان الثانية. فقد كشف تقرير طويل أعدّته صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنّ الكلاب في المناطق التي تعرّضت لقصف صواريخ الـ«كاتيوشا»، التي أطلقها حزب الله خلال عدوان تموز 2006، تعاني من هذه الظاهرة، التي لا تختلف كثيراً عن «صدمة الحرب» لدى البشر.
وأورد التقرير أن الكلاب التي تسكن مناطق حيفا وكريات شمونة ونهاريا (وهي أكثر المناطق التي تعرّضت لصواريخ الـ«كاتيوشا») تردّ «بشكل وحشي» في كلّ مرة تسمع أصواتاً أو صافرات تذكّرها «بحرب لبنان الثانية». والأمر لا يتوقف عند هذا الحدّ. فقد تمّ الكشف عن حالات «صدمة» لدى كلاب مستوطنة سديروت ومناطق «غلاف» قطاع غزة، التي تتعرّض لقصف الصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينيّة.
غير أنّ صدمة الكلاب في سديروت تختلف عن صدمتها في الشمال. بما معناه أن الصدمة من الـ«كاتيوشا»، تختلف عن الصدمة من «القسّام». لأنّ خطر سديروت «متواصل وتقليدي»، واعتادت الكلاب عليه أكثر، لذا فهي «ليست مبالية» كما هي الحال مع كلاب الشمال.
ويوضح التقرير أنه «في غالبيّة الأحيان، تتجلّى الصدمات بقلّة هدوء وحركة زائدة، تمترس تحت أثاث البيت وفي الملاجئ وفقدان الشهية على الطعام. هذه العوارض لا ترافق الكلاب فقط عند صافرة الإنذار أو الضجيج، إنّما أيضاً في حياتهم العادية اليومية».
وفي هذا الصدد، يقول الطبيب البيطري، رعنان رفائيلي، إنّ «الكلاب كانت تصاب بحالة هستيرية خلال الحرب، وتبدأ بالدوران حول نفسها قبل كل انفجار»، مشيراً بالتالي إلى أنّ الكلاب «عرفت بالانفجار قبل أن نعرف أنّ الكاتيوشا في طريقها إلينا».
ولفت الطبيب إلى أنّه يمنح الكلاب دواءً يسمّى «بروزاك» للتخفيف من حدّة الحالة، مشدّداً على أنّه «إذا تعامل الكلب مثل طفل تركه والداه وبدأ يمزّق الأثاث عند خروج أصحاب البيت فإنّ بروزاك هو الحلّ». وتابع: إنّ «غالبيّة الكلاب تناولت خلال الحرب حبوباً مهدّئة، ومن بعدها واظبت على تناول دواء البروزاك».
وتروي طالبة جامعية تربّي 4 كلاب وتسكن في بلدة «كفار جلعادي»، أنّه عندما تسمع كلابها أصوات ألعاب نارية «تبدأ بالركض من الحائط إلى الحائط وتصاب بحالة هستيرية». وتقول «عندها أصاب أنا بالجنون لأنّني لا أملك القوّة ولا القدرة على إعادتها إلى طبيعتها، والقول لها إنّ هذه الأصوات هي ألعاب نارية»، مشددةً على أنّ الكلاب «تفقد وعيها حين تسمع أصوات مروحيّات أو طائرة لرشّ المبيدات».
وبحسب الصحيفة، فقد تبيّن في ما بعد أنّ الكلاب التي تعاني من الصدمة هي الأكثر ملاءمة «للحفاظ على الوطن». ويقول مروّض الكلاب للكشف عن الألغام، جيبع تسيون، إنّ لهذا النوع من الصدمات إيجابيّات. ويوضح أنّ «الكلاب المصدومة هي أكثر حذراً، لا تركض بشكل أوتوماتيكي بين السيّارات»، مشيراً إلى أنّه من الممكن استغلال الكشف عن حالة «الصدمات المستمرّة» التي تتعرّض لها الكلاب في سديروت، أو «الذكريات المخيفة» التي اختزنتها خلال حرب لبنان الثانية، وبالتالي تأهيل الكلب لمهمّة مفيدة قد تعكس مفعول الصدمة لتجعل «الكلاب المصدومة»... كلاباً مفيدة.