محمد بدير
جهد الجيش الإسرائيلي أخيراً إلى إعادة تعريف المصالح الأمنية الحيوية لإسرائيل، قبل مؤتمر السلام المزمع عقده في أنابوليس. وتأتي هذه المهمة امتداداً لمهمات مشابهة سبق أن قام بها الجيش خلال المفاوضات التي جرت بين إسرائيل والفلسطينيين ولكنها توقفت بعد انهيار قمة كامب ديفيد وقمة طابا عام 2000.
وتولّى هذه المهمة فريق برئاسة رئيس شعبة التخطيط في هيئة الأركان اللواء عيدو نحوشتان، الذي سيفحص المناطق التي يُعدّ الحفاظ عليها حيوياً لأمن إسرائيل، ولا سيما في الضفة. ومن ضمن ما سيحدده ضباط الجيش، مناطق ذات أهمية استراتيجية تمكن من الدفاع ضد هجوم محتمل في المستقبل واحتلال مواقع ذات تفوق طوبوغرافي، تسمح باستمرار السيطرة الاستخبارية الإسرائيلية. وتم استبعاد الموارد والمطارات وغيرها، من مهمات الفريق على أن تقوم محافل سياسية بفحصها.
وتقرر في هذه المهمة أن يكتفي الجيش بتسجيل موضعي فقط للمصالح لا ترسيمها، وأن التعريفات لن تترجم عملياً الى «خريطة مصالح» في الضفة الغربية، وفي قطاع غزة وفي الحدود كما حصل في الماضي. وأفادت التقارير الإسرائيلية أن هذه العملية، في تعريف المصالح الأمنية، هي الأولى من نوعها بعد توقف استمر سنوات في أعقاب انهيار محادثات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في كامب ديفيد في تموز 2000 ومحادثات طابا في كانون الأول من العام نفسه. وكانت شعبة التخطيط قد رسمت في المفاوضات السابقة، اوسلو، واتفاق الخليل، ومحادثات واي ريفر وغيرها، «خريطة مصالح» مفصلة ومترابطة. وعُرضت في بعض المحادثات نقاطها الأساسية على الإدارة الأميركية وكبار المسؤولين الفلسطينيين.
وبحسب خريطة المصالح التي تبلورت في أيار 2000، كموقف ابتدائي إسرائيلي قبل مؤتمر كامب ديفيد، عرضت إسرائيل على الفلسطينيين ثلثي أراضي الضفة الغربية، فيما حُدد نحو 14 في المئة أخرى كـ«مناطق أمنية» (بالأساس في غور الأردن) كانت ستنتقل الى السلطة .
وكما حصل في الماضي، يبدو أن الجيش الإسرائيلي سيقوم في المفاوضات السياسية الحالية بدور مهمّ في الجانب المهني. ويُشار إلى أنه وُجّهت في التسعينيات انتقادات سياسية إلى الدور المبالغ فيه لكبار الضباط في المسيرة السياسية. وأُنشئت منذ ذلك الوقت الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع (برئاسة اللواء احتياط عاموس جلعاد)، التي أخذت على عاتقها جزءاً من صلاحيات شعبة التخطيط.
ولكن القيادة السياسية لا تزال بحاجة الى خبرة الضباط في هذه المسائل ـــــ ومن غير المستبعد أن يشارك مندوبو الجيش في انابوليس أيضاً. ومع ذلك، يبدو أن رئيس الأركان الفريق غابي اشكينازي ووزير الدفاع ايهود باراك سيسعيان الى الحرص على أن يقوم الضباط بأدوار أقل علنية في المفاوضات.