حيفا ــ فراس خطيب
كُشِف النقاب أمس عن مخطّط واسع لحفر نفق جديد في محيط الحرم القدسي في القدس المحتلة، يمتد على مسافة مئة متر تحت الحي الإسلامي في البلدة القديمة، ليوصل بين «حائط المبكى» (البراق) وكنيس يهودي، الأمر الذي أثار غضب الأوقاف الإسلامية والقيادات الفلسطينية، التي رأت فيه «اعتداءً على المقدسات الإسلامية» يهدف إلى «زعزعة المسجد الأقصى» و«تصفية احتمالات الحل السياسي».
وكان «صندوق تراث حائط المبكى»، الخاضع للحكومة الإسرائيلية، قد وقّع اتفاقاً مع جمعية يهودية أخرى تابعة للملياردير اليهودي الأميركي الأصل، إيرفين موسكوفيتش، بهدف توطين اليهود في البلدة القديمة وإقامة مشروع سياحي يرتكز على تجويفات تحت الأرض ويوصل حائط المبكى بكنيس يدعى «خيمة يتسحاك».
ويندرج اسم موسكوفيتش ضمن أسماء الجمعيات اليهودية الفاعلة، التي تعمل على شراء العقارات من العرب، وبيعها لليهود لتوطينهم. وبينما ينتظر التخطيط تصديق الحكومة الإسرائيلية ووزارة الدفاع، أكدت مصادر أن العمل قد بدأ على مقربة من المسجد الأقصى، إذ تحدث اهتزازات قوية في الأرض ما يؤدي إلى تشققات في بيوت أهالي حي سلوان المجاور للموقع.
كذلك تقوم سلطات الآثار بحفريات في الموقع نفسه تصل إلى عمق 40 متراً، بهدف إقامة منشآت تجارية وسياحية تحت الأرض، وتتضمن إقامة نفق بين هذه المنشآت وبين حائط البراق وباب المغاربة.
ويؤمن اليهود بأن باحة «خيمة يستحاك» كانت عبارة عن كنيس يهودي، يعود تاريخه إلى عام 1917، وهُجِر في أعقاب الثورة العربية عام 1936. ويدّعي الإسرائيليون أن الأردنيين فجّروا المكان عند احتلال القدس عام 1967. وذكرت صحيفة «هآرتس» أنه خلال السنوات الـ15 الأخيرة، اشترت عائلة موسكوفيتش المكان وباشرت سلطة الآثار الحفريات في عام 2004.
وبحسب الاتفاق الذي أُبرم بين الصندوق وعائلة موسكوفيتش، يعمل الأوّل على إقامة المشروع الذي يضم مركزاً تربوياً ومتحفاً «مع الحفاظ على الآثار الموجودة هناك». ويبدو واضحاً أن سلطة الآثار لم تبد أي معارضة بهذا الخصوص.
ولا يزال الإسرائيليون يعارضون موقف الأوقاف والقيادات الفلسطينية، ويرون أن التهم الإسلامية في شأن الحفريات تحت المسجد الأقصى «ليست صحيحة»، بينما يظهر التاريخ غير ذلك. ففي عام 1981، عندما كان مناحيم بيغن رئيساً للحكومة الإسرائيلية، تبيّن أن وزارة الأديان الإسرائيلية حفرت في مناطق ما يسمى «أنفاق الهيكل»، وواصلت الحفريات إلى الشرق باتجاه المسجد الأقصى.
ووصف النائب عن الحركة الإسلامية إبراهيم صرصور المخطّط بأنه «جريمة أخرى في حق القدس والعملية السلمية».
أما رئيس كتلة «التجمع الوطني الديموقراطي»، النائب جمال زحالقة، فبعث من جهته رسالة عاجلة إلى منظمة «اليونيسكو» لمنع التصديق على هذا المشروع في الحكومة الإسرائيلية.
كذلك شكّك رئيس كتلة «الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة»، النائب محمد بركة، بأن الحكومة الإسرائيلية لم تقر بعد هذا المخطط، مشيراً إلى أن «النشر بمثابة رد فعل قبل المباشرة بالأعمال، هذا إذا لم تبدأ أصلاً».