strong>علي حيدر
جدّدت واشنطن وتل أبيب أمس رفضهما طرح قضية الجولان السوري المحتل على مائدة المؤتمر الدولي للسلام المقرّر في أنابوليس قبل نهاية العام، رغم أنهما رحبتا بمشاركة مندوبين عن دمشق، التي كانت قد ربطت مشاركتها في بحث قضية أراضيها المحتلة

اتفق رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، أمس، على أن إسرائيل والولايات المتحدة لا تعارضان مشاركة مندوبين سوريين في مؤتمر السلام «ما دام السوريون سيوافقون على أن يكون الموضوع الوحيد على طاولة المؤتمر هو الموضوع الفلسطيني، لا هضبة الجولان».
وجاء الموقف الجديد بعدما أبلغت رايس أولمرت أنها طرحت خلال لقائها مع نظيرها السوري وليد المعلم في تركيا أول من أمس «أن يكون لسوريا دور في المؤتمر»، وهو ما ردّ عليه أولمرت بالقول إنه «لا يعارض مشاركة سوريا في أنابوليس شرط أن يبقى الموضوع الوحيد في المحادثات في المؤتمر هو الموضوع الفلسطيني».
وذكر مصدر سياسي رفيع المستوى في مكتب رئيس الحكومة أنه «إذا كان السوريون مستعدين لقبول شروط الرباعية وشروط المجتمع الدولي»، في إشارة الى الاعتراف بإسرائيل وبالاتفاقات الموقعة ونبذ الإرهاب، «فإن إسرائيل ستكون فرحة جداً من مشاركة سوريا».
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن اولمرت بارك لقاء رايس مع المعلم.
وفيما بدا واضحاً بعد لقاء اولمرت ورايس أنه لم يحدد موعداً دقيقاً لعقد المؤتمر الدولي، صدر من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه اتفق مع عميدة الدبلوماسية الأميركية على أن يكون عمل المؤتمر وفق خريطة الطريق. وذكرت صحيفة «هآرتس» أن أولمرت «وافق على اقتراح الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن تكون الولايات المتحدة هي الحكم بين إسرائيل والفلسطينيين في ما يتعلق بتطبيق خريطة الطريق. وبموجب ذلك، تحدد الولايات المتحدة إذا ما نضجت الظروف للانتقال من المرحلة الأولى للخريطة».
وكانت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني قد التقت نظيرتها الأميركية رايس. وشددت ليفني على أنه «رغم وجود قواسم مشتركة مع المعتدلين في السلطة الفلسطينية، إلا أنه ينبغي أن يدركوا أن الأمن أولاً ومن ثم الدولة الفلسطينية». ورأت أنه «ينبغي التوصل إلى تفاهم أساسي على أن إقامة الدولة الفلسطينية يجب أن يكون فقط بعد تحقيق الأمن لإسرائيل».
ونفت ليفني وجود توتر مع الفلسطينيين، «لكنها أقرّت بوجود مشاكل وخلاف في وجهات النظر إزاء موضوع خريطة الطريق»، مشيرة إلى أن «المشكلة ليست في الوثيقة المشتركة بل في مضامينها التي ستكون مكتوبة فيها».
وبررت ليفني موقفها من أولوية الأمن على الدولة الفلسطينية بالقول إن «لا أحد يريد دولة إرهابية جديدة في المنطقة». وأشارت إلى أن «ذلك ليس في مصلحة إسرائيل ولا الفلسطينيين البراغماتيين»، مشددةً على أنه «يجب الإدراك أنه حتى لو توصلنا إلى ارضية توافق مع القادة البراغماتيين، فعليهم أن يفهموا أن تطبيق أي اتفاقات مستقبلية لن يتم إلا بموجب مراحل خريطة الطريق».
وكانت رايس قد قالت، للصحافيين المرافقين على متن الطائرة التي أقلّتها إلى تل أبيب، «لا أتوقع تماماً أن يتم التوصل إلى اتفاق في شأن الوثيقة»، في إشارة إلى فرص الانتهاء من إعداد الوثيقة مع اختتام زيارتها. وأشارت إلى أنه لا تزال هناك «مناقشات صعبة».
وقالت مصادر إسرائيلية إن الإدارة الأميركية تنازلت عن بحث قضايا الصراع الجوهرية وقضايا الحل الدائم (الحدود والقدس واللاجئين والمياه)، وسيأتي ذكرها بصيغة ما في الوثيقة التي ستتناول المرحلة الأولى من خريطة الطريق. ووصفت «يديعوت أحرونوت» هذا الموقف الأميركي بأنه «بمثابة قرار بالنزول عن الشجرة العالية التي علقت عليها الولايات المتحدة».
وفي موقف يشير إلى نية رايس عدم الضغط على إسرائيل، أعلن مسؤولون أميركيون أن وزيرة الخارجية «لن تثير مشاكل سياسية داخلية لأي من الجانبين».
وذكرت تقارير إسرائيلية أن رايس ستعود إلى المنطقة الأسبوع المقبل حيث من المحتمل أن توجّه حينها الدعوات لحضور المؤتمر. وقال مسؤول أميركي «إنها (الوثيقة) محاولة للتوفيق بين التوصل إلى صيغة مناسبة وعدم إثارة مشكلات سياسية داخلية لأي من الجانبين»، في إشارة الى رفض اليمين الإسرائيلي لخطوات أولمرت، وهو ما اعتبره محلّلون إسرائيليون «طوق نجاة» لرئيس الوزراء من أجل «عدم تقديم أي تنازلات للفلسطينيين».
وفي السياق، شدّد وزير الدفاع ايهود باراك لرايس أن «العقوبات المدنية على غزة، والسياسة التي تعتمدها اسرائيل لن تؤدّيا إلى أزمة إنسانية في القطاع». وتطرق إلى نشاط الشرطة الفلسطينية في نابلس، مشيراً إلى أن «الجيش سيواصل تحمّل المسؤولية الأمنية في المدينة وسيحافظ على حرية عمله فيها». وأضاف إنه «إذا أثبت نموذج نابلس نفسه وأعطى التنسيق الأمني ثماره، فسيتوسّع النموذج ليشمل مدناً أخرى».
وكان باراك قد عبّر، للمرة الأولى، خلال كلمة له بمناسبة الذكرى السنوية الـ12 لاغتيال رئيس الوزراء الأسبق إسحق رابين، عن تأييده للمؤتمر الدولي للسلام، رغم أنه سبق أن شكّك في مرات سابقة في نجاحه. وقال إن «أنابوليس فرصة وليس خطراً، وآمل من كل قلبي أن يعبر بسلام».