حيفا ــ فراس خطيب
رجّحت تنحّي عباس في حال الفشل... واليمينيّون يشبّهون المؤتمر بـ«البعوضة»

رغم التحضيرات المتسارعة للمؤتمر الدولي للسلام في مدينة أنابوليس الأميركية والاقتراب من تحديد موعد الانعقاد وتوجيه الدعوات إليه، لم تخفِ الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تشاؤمها من احتمالات نجاحه، التي قالت إنها «تقترب من الصفر». شعور يبدو عاماً في إسرائيل، حيث وصف بعض النواب اليمينيين المؤتمر بـ «البعوضة».
وذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس أن شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) «متشائمة للغاية» من احتمالات نجاح قمة «أنابوليس»، مشيرة إلى أنها «تقترب من الصفر». وأضافت التقديرات أنه إذا فشلت القمة «فمن شأن هذا أن يدفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) إلى التنحي عن منصبه»، لأنه يرى أن «انابوليس» «الفرصة الأخيرة لإحياء العملية السلمية».
وألقت الجهات الاستخبارية مسؤولية «العائق الأساسي» على الجانب الفلسطيني، معتبرةً أنه «يكمن في قدرة الفلسطينيين على تطبيق ما طلب منهم ضمن المرحلة الأولى من خطة خريطة الطريق»، التي تنص على «الالتزام بمكافحة البنى التحتية للإرهاب».
وقالت «هآرتس» إن استقالة أبو مازن «ستخلق فضاءً فارغاً في السلطة الفلسطينية ما سيزيد تأثير حركة حماس في ظل غياب شخصية ترث عباس». وتقدّر الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن «القياديين المحيطين بالرئيس الفلسطيني منقطعون عن قادة الحركة الميدانيين، ما يؤدّي إلى صعوبة في فرض السيطرة على الأجهزة الأمنية والفصائل والنشطاء الميدانيين. ما سيصعّب مستقبلاً على قيادة السلطة الفلسطينية تنفيذ التزاماتها، في حال التقدّم نحو اتفاق سياسي».
وفي السياق، أكدّت صحيفة «معاريف» أن احتمالات نجاح مؤتمر أنابوليس منخفضة «نظراً للفجوات الكبيرة في مواقف الطرفين الفلسطيني ـــــ والإسرائيلي»، حيث ترى الاستخبارات العسكرية أن السلطة الفلسطينية «لم تبذل جهداً لتهيئة الشعب الفلسطيني لقبول تنازلات مؤلمة».
وأشارت مصادر في شعبة الاستخبارات إلى «أن الفجوات لا تزال كبيرة وقائمة حول الكثير من الإشكالات، وفي صلبها حق العودة الفلسطيني ومصير القدس المحتلة. وأن الرئيس الفلسطيني يطالب بتعويضات كاملة عن ستة في المئة من أراضي الضفة الغربية (الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية وشرقي القدس المحتلة)».
وتطرّقت «معاريف» إلى نقطة خلاف أخرى بين الطرفين في شأن آلية عمل الأجهزة الأمنية، حيث تطالب «الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بعد المؤتمر، بنقل السيطرة على المدن الكبرى في الضفة الغربية اليها، فيما يرفض الإسرائيليون مدعين أنه في أعقاب تجارب الماضي ممنوع الموافقة على مطلب كهذا».
وفي مقابل «التشاؤم»، ترى شعبة الاستخبارات تقدماً بين الجانبين من حيث «التنسيق الأمني». وأوضح مسؤولو الاستخبارات أن «الأجهزة الأمنية الفلسطينية تنقل معلومات هامة لإسرائيل، وأحياناً تحبط عمليات تفجيرية».
وعلى الصعيد السياسي الإسرائيلي الداخلي، تلقّت قمّة انابوليس معارضة كبيرة من الأحزاب اليمينية. وأطلق عضو الكنيست عن حزب «إسرائيل بيتنا»، يسرائيل حاسون، على القمّة مسمّى «مباحثات أنوفوليس»، مشيراً إلى أن «المباحثات المنتظرة تثير لديه الأعراض نفسها، التي تثيرها بعوضة أنوفوليس التي تنقل وباء الملاريا، وهي: الهلوسة والرعشة والحمى».
أمّا زعيم المعارضة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، فيقول ساخراً إن «حكومة ايهود أولمرت تريد عقد سلام مع شريك وهمي في عالم وهمي للسلام».
إلى ذلك، أفاد استطلاع للرأي نشرته صحيفة «هآرتس»، أمس أن غالبية الإسرائيليين ترى أن مؤتمر أنابوليس لن ينجح وأنه أكثر أهمية بالنسبة إلى الفلسطينيين منه بالنسبة إلى الإسرائيليين.
وأظهر الاستطلاع، الذي يجري شهرياً تحت عنوان «مقياس السلام»، أن 40 في المئة من الجمهور اليهودي في إسرائيل يرى أن قمة أنابوليس قادرة على توضيح النقاط الخلافية بين إسرائيل والفلسطينيين بصورة جوهرية، في مقابل 50 في المئة يعتقدون خلاف ذلك. ورأى 51 في المئة من المستطلعين أن المؤتمر «لن يزيد فرص توقيع اتفاق سلام بين الطرفين»، فيما أعرب 37 في المئة عن اعتقادهم بأن الفلسطينيين أشد حاجة لاستئناف المفاوضات السياسية، في مقابل 29 في المئة رأوا العكس. ورأى 68 في المئة أن الفلسطينيين يمثّلون تهديداً أمنياً جدياً على إسرائيل في موازاة 65 في المئة رأوا أن غالبية الفلسطينيين لم تسلم بوجود إسرائيل وأنهم كانوا سيقضون عليها لو تمكنوا من ذلك.