محمد بدير
موسكو تروّج لمؤتمر مكمّل... وأولمرت متحمّس «للرقص في عرسين»

في موازاة الانشغال الإسرائيلي في مؤتمر أنابوليس بعنوانه الفلسطيني، حجزت مسألة احتمال مشاركة سوريا فيه مساحة مهمة أمس في تقارير الصحافة العبرية، التي رجّحت حضور ممثل عن دمشق إليه في مقابل موافقة تل أبيب وواشنطن على الإشارة إلى قضية الجولان المحتل في البيانين الختامي والافتتاحي، وعدم استبعاد إقامة مؤتمر آخر مخصص للمسار السوري الإسرائيلي.
وحفلت صحف إسرائيل أمس بتقديرات إسرائيلية وأخرى أميركية وروسية تشير بمجملها إلى رجحان مشاركة سوريا في المؤتمر الدولي. وفيما نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية قوله إن سوريا والسعودية ستبعثان بمندوبين لحضور المؤتمر، قالت «معاريف» إن إسرائيل والولايات المتحدة مستعدتان لأن يلقي المندوب السوري كلمة في المناسبة يتحدث فيها عن الجولان، إضافة إلى الإشارة في البيان الختامي للمؤتمر إلى «الحاجة إلى التوصل إلى سلام شامل بين إسرائيل وكل جيرانها».
وبحسب «معاريف»، فإنه لا يزال من غير الواضح حتى الآن أثر هذا الاقتراح الأميركي ـــــ الإسرائيلي على الموقف السوري في مسألة المشاركة، على رغم تأكيد «يديعوت» أن الرياض ودمشق «أعطتا وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، إشارة إلى المشاركة»، بعدما استجابت واشنطن للطلب السوري بإدراج قضية الجولان في البيانين الافتتاحي والختامي للمؤتمر.
وقالت «معاريف» إن هناك جهوداً يبذلها الفرنسيون في هذا السياق، مشيرة إلى أنهم «يرغبون جداً في رؤية سوريا في أنابوليس، ويقترحون على إسرائيل قمّة سلام منفصلة مع دمشق في وقت لاحق».
من جهتها، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن روسيا طلبت من إسرائيل أن يتضمن البيان المشترك المزمع صدوره عن أنابوليس جملةً مفادها أن «المؤتمر هو خطوة أولى في سياق المسيرة السياسية في المنطقة، وأن إسرائيل معنية بالتوصل إلى السلام مع كل جيرانها». ونقلت عن مسؤولين روس زاروا إسرائيل أول من أمس قولهم إن «مثل هذه الصيغة، قد تمكّن سوريا من المشاركة، وهي في الوقت نفسه لا تتناقض مع الموقف الاسرائيلي، الرافض لأي ذكر لقضية الجولان في المؤتمر».
وبحسب الصحيفة، فإن نائب وزير الخارجية الروسي لشؤون الشرق الأوسط، ألكسندر سلطانوف، والمبعوث سيرغي يوكولوف، قالا إن «سوريا ستشارك في مؤتمر أنابوليس، حتى لو كان مندوبها متدني المستوى».
إلا أن مفاجأة المسؤولين الروس كانت اقتراحهما على إسرائيل عقد مؤتمر مكمّل لأنابوليس في موسكو خلال الشهرين المقبلين، يتم عرضه على أنه مؤتمر «إقليمي شرق أوسطي». وأوضح المسؤولان أن المؤتمر المكمل سيبحث قضايا «أكثر من القضية الفلسطينية»، ملمحين إلى أن مشاركة السوريين فيه ستكون عبر مندوب رفيع المستوى «على الأقل وزير خارجية».
ونقلت «هآرتس» عن مصدر إسرائيلي قوله إن لدى الروس «تأثيراً كبيراً» على دمشق وعلى موقفها من المؤتمر، وإنهم الوحيدون الذين يستطيعون جلب السوريين لأنابوليس، «وهم يبذلون قصارى جهدهم لتحقيق هذا الأمر».
وفي السياق، ذكرت صحيفة «معاريف» أن العلاقات السورية ـــــ الإسرائيلية «سجلت رقماً قياسياً جديداً» تمثل في تفويضهما تركيا بشكل مشترك للتوسط وإدارة الاتصالات بينهما. وذكّرت الصحيفة بما قاله الرئيس التركي عبد الله غول لـ«معاريف» قبل أسبوع بأن «المسار السوري الإسرائيلي حي يرزق».
وبحسب الصحيفة، بدأت «الرسائل تمر بين دمشق وتل أبيب في الأسابيع الثلاثة الأخيرة بعد توقف لأشهر»، رغم أن الحديث لم يصل بعد إلى قناة تفاوضية. ووصفت ما يحصل على هذا المسار بـ«الغليان على نار هادئة»، مشيرة إلى أن أولمرت أخذ يهتم بالمسار السوري وإلى أن الأميركيين سحبوا «الفيتو» الذي كانوا قد فرضوه في هذا الإطار.
وحول الخلفية التي ينطلق منها أولمرت على هذا الصعيد، رأت «معاريف» أن هناك تفسيرين: الأول، يرى أن أولمرت «يسخن الجبهة السورية كتهديد لأبو مازن قبيل أنابوليس، وكذلك كخيار لوقت الحاجة يلجأ إليه في حال موت المسار الفلسطيني». أما الثاني فيعتبر أن أولمرت يريد «الرقص في العرسين» بالتزامن، مدركاً أن الأمر قد «ينتهي بالنحيب»، إلا أنه لا يملك الكثير ليخسره. ووفقاً لأنصار هذا التفسير، فإن أولمرت «جدي جداً جداً في مغامرته السورية، إلى درجة أنه قد يكون يجري مفاوضات حقيقية سرية مع السوريين، في الوقت الذي يضلل فيه العالم كله بالكلام الفارغ عن حكاية أنابوليس الفارغة».