محمد بدير
أنباء عن خلاف فلسطيني ـ إسرائيلي على البيان المشترك وعن ضغوط أميركية لإطلاق مزيد من الأسرى وتجميد الاستيطان
دخل الإعداد لـ«أنابوليس» ما بدا أنها مرحلة الحسم في ظل حراك مكثف تشهده الأيام المقبلة يهدف إلى تمهيد الأجواء للمؤتمر الدولي وتذليل ما يعترض انعقاده من عقبات. ويتوقع أن تصدق الحكومة الإسرائيلية اليوم على إطلاق سراح نحو 450 أسيراً فلسطينياً وتقر تجميد الاستيطان في الضفة الغربية وإخلاء البؤر الاستيطانية العشوائية وسط تقارير إعلامية عبرية تحدثت عن موقف أميركي مؤيد للمطلب الفلسطيني بأن يكون عدد الأسرى الفلسطينيين المطلق سراحهم ألفين.
وفيما رأت إسرائيل، على لسان رئيس وزرائها إيهود أولمرت، أن نجاح المؤتمر يكمن في أصل عقده، أثيرت أمس شكوك حول درجة هذا النجاح، في ظل حديث عن انتكاسة في المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، الرامية إلى صياغة البيان المشترك المزمع إعلانه في المؤتمر. وتناقش الحكومة الإسرائيلية اليوم طلب رئيس الوزراء الإفراج عن 450 أسيراً فلسطينياً، بالإضافة إلى إعلان تعهد بوقف البناء في المستوطنات وإخلاء البؤر العشوائية. وفيما كان قد أشير في وقت سابق إلى أن أولمرت سيسعى للتوصل إلى تفاهمات مع الإدارة الأميركية يستثني الكتل الاستيطانية الكبرى من قرار وقف البناء، أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس بأن أعضاء الوفد الإسرائيلي الذي زار واشنطن الأسبوع الماضي من أجل التحضير للمؤتمر رفعوا تقريراً إلى أولمرت إثر عودته مفاده أن الولايات المتحدة تؤيد المطلب الفلسطيني بشأن زيادة عدد الأسرى الذين سيطلق سراحهم عشية المؤتمر أو خلاله إلى 2000. كما يشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة تطالب بأن يكون تجميد الاستيطان شاملاً، بما في ذلك الكتل الاستيطانية الكبرى، وذلك لأن المؤتمر تحول برأيها إلى مجرد «حدث إعلامي»، وعليه فالمطلوب من إسرائيل «تنفيذ خطوات عملية على الأرض».
وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن تل أبيب أوضحت للإدارة الأميركية أن زيادة عدد الأسرى الفلسطينيين تستوجب تغيير المعايير المعتمدة لاختيارهم، ومن ضمنها رفض إطلاق سراح «ذوي الأيدي الملطخة بالدماء» وكذلك أسرى «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وأن ذلك سيتطلب بحثاً معمقاً ولا يمكن إجراؤه قبل المؤتمر.
وفي موقف يعكس حقيقة التصور الأميركي الإسرائيلي للمؤتمر، رأى إيهود أولمرت أمس أن الاجتماع الدولي «لا يمكن أن يكون فشلاً». وقال، خلال لقائه وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير في القدس المحتلة أمس، إن «نجاح المؤتمر يكمن في مجرد انعقاده، حيث ستنطلق خلاله المفاوضات المتوقفة منذ سبع سنوات (بين إسرائيل والفلسطينيين) بحضور عشرات الدول وأمام العالم كله». وأضاف أن «اللقاء في أنابوليس هدفه إنشاء مظلة دعم دولية لعملية المفاوضات الثنائية التي ستجري بيننا وبين الفلسطينيين».
وفيما ينتظر أن يجتمع أولمرت برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اليوم من أجل حل الخلافات الباقية على بلورة البيان المشترك للمؤتمر، أشارت مصادر إسرائيلية أمس إلى أجواء أزمة تلف المفاوضات بين الوفدين الإسرائيلي والفلسطيني المكلفين إعداد هذا البيان. وقالت المصادر إن الجانب الفلسطيني تراجع عن كل ما اتفق عليه حتى الآن وعاد إلى نقطة البداية في المفاوضات، من دون أن تستبعد عدم التوصل إلى بيان مشترك وأن يكون لكل جانب بيانه الخاص في المؤتمر.
ووفقاً لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن أولمرت سيناقش مع عباس في لقاء اليوم مشاركة الأخير في اجتماع الجامعة العربية المقرر يوم الجمعة في القاهرة للبحث في المؤتمر الدولي. وبحسب هذه الوسائل، وبما أن الاجتماع العربي سيوضح عدد الدول العربية المشاركة فيه وهويتها، فإن أولمرت سيضغط على عباس لدفعه إلى إقناع أكبر عدد من الدولة العربية للمشاركة في أنابوليس.
وفي كل الأحوال، أبدت صحيفة «معاريف» تشكيكها في أن يكون مستوى التمثيل العربي في المؤتمر عالياً، وتوقعت أن تقرر الجامعة العربية المشاركة على مستوى سفراء فقط «الأمر الذي سيجعل الحدث مهزلة ويشكل إهانة للولايات المتحدة». ورغم ذلك، أشارت «معاريف» إلى أن روسيا تواصل بذل الجهد لإقناع سوريا بالذهاب إلى أنابوليس، وأنها تحاول أيضا إقناع تل أبيب وواشنطن بعقد مؤتمر منفصل مع السوريين في موسكو في وقت لاحق.
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، نقلاً عن تقرير الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن، أن الولايات المتحدة سترسل دعوات المشاركة في المؤتمر في غضون اليومين المقبلين، وأن هذه الدعوات ستشمل 36 دولة. وأكدت الصحيفة أن المؤتمر سيعقد في السابع والعشرين من الجاري، وأنه سيستغرق بضع ساعات في قاعة كرة السلة في الأكاديمية البحرية الأميركية في أنابوليس. وأشارت إلى أن أولمرت سيكرس ابتداءً من الغد كل وقته من أجل المؤتمر، وأنه سيغادر إسرائيل متوجهاً إلى الولايات المتحدة يوم السبت المقبل وسيرافقه كل من وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، ووزير الدفاع إيهود باراك. وبحسب «يديعوت»، سيلتقي الرئيس الأميركي جورج بوش ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس بوفدي المفاوضات يوم الاثنين، وسيشارك أولمرت وعباس في لقاءات مع الرؤساء الذين سيشاركون في المؤتمر.
إلى ذلك، رأت ليفني، خلال مؤتمر صحافي مع كوشنير في القدس المحتلة أمس، أن قيام دولة فلسطينية «سيكون أيضاً حلاً للعرب في إسرائيل»، الأمر الذي أثار ردود فعل عنيفة من جانب أعضاء الكنيست الإسرائيليين اليساريين والعرب. وقالت ليفني إن «الدولة الفلسطينية لن تكون فقط حلاً للفلسطينيين الذين يسكنون في الضفة الغربية وقطاع غزة، إذ يفترض بها أن توفر حلاً وطنياً شاملاً لأولئك الموجودين في الضفة والقطاع وفي مخيمات اللاجئين، وأيضاً لأولئك الذين هم مواطنون متساوون في الحقوق في دولة إسرائيل، التي هي دولة يهودية من بين الدولتين».



قالت ليفني إن «كل هؤلاء الذين يؤيدون فكرة إقامة دولة فلسطينية من أجل توفير حل وطني للفلسطينيين، لا يمكنهم الإمساك بالعصا من الجانبين ــ بطلب إقامة دولة فلسطينية والعمل ضد وجود الدولة الوطنية اليهودية من الداخل»