معاريف ــ مناحيم بن
حافظوا على دولة «حماس»

  • لماذا علينا تقديمها لأبو مازن على طبق فضّي؟


  • يلوّح إيهود باراك إلى أننا في طريقنا إلى عملية برية واسعة في قطاع غزة، والسؤال، ما الهدف الرئيس من عملية كهذه: هل هو وقف اطلاق صواريخ القسام؟ أم منع تهريبات السلاح؟ أم انه ـــــ وهذا هو الاحتمال الأسوأ ـــــ احتلال القطاع من جديد لتسليمه لأبو مازن على طبق فضيّ من الضحايا الاسرائيليين.
    كل واحد من هذه الأهداف قد يخط مساراً لعملية مختلفة: اذا كان المقصد الرئيس هو وقف صواريخ «القسام»، فيكفي احتلال شريط ما يحول بيننا وبين مطلقيها. واذا كان المقصد مضاءلة تهريب السلاح الى القطاع، فإن احتلال محور فيلادلفي من جديد قد يكون هدفاً مشروعاً آخر إلا اذا فضّل الجيش الاسرائيلي حرية عمل متواصلة لقصف مستودعات السلاح وحاملي السلاح داخل القطاع من دون ان يحتلّ هذا المحور.
    في المقابل، اذا كان هدف اسرائيل الأعلى تسليم القطاع من جديد الى أبو مازن وإرسال أفضل شباننا من اجل ذلك ليُجرحوا أو ليقتلوا من اجله أو من اجل السلطة الفلسطينية الموحدة التي قد تصبح لاحقاً دولة، فإن هذه فكرة قبيحة لا مثيل لها. ليس فقط لأن أبو مازن أشدّ خطراً علينا من (اسماعيل) هنية بسبب اعتداله المتلّون، بل لأنه لا سبب يجعل اسرائيل تفضّل وحدة السلطة الفلسطينية على تقسيمها. على العكس. إن الفصل بين دولة «حماس» في غزة ودولة «فتح» في الضفة مصلحة اسرائيلية عليا. يحسن دائماً التفريق بين الاعداء، وإضعافهم بذلك. إن غبياً أو أعمى فقط لا يدرك أن الكيانين الفلسطينيين يطمعان بإسرائيل كلها ويختلفان فيما بينهما في سبيل التعاطي معها فقط.
    إن التوحيد بين الكيانين مقدمة لـ«فلسطين» التي تهدد جوهر وجودنا وتدبر لوراثتنا في كل لحظة، فيما التفريق بينهما سيضمن استمرار بقائهما سلطتي حكم إداري ضعيفتين ومفرقتين الى جهات أقل فلسطينية وقومية. وهكذا ستؤجل ايضا مشكلة اللاجئين كلها للجيل المقبل، الى أن لا يبقى لاجئ أصيل واحد.
    يتبين من جميع هذه الاسباب أنه يُفضّل ان تمكّن اسرائيل قدر استطاعتها سلطة «حماس» من البقاء، بل النماء في قطاع غزة، ما ضمنت المصلحة الامنية الاسرائيلية بدءاً بمنع صواريخ «القسام» وانتهاءً بمنع تهريب السلاح. إن دولة «حماس» مستقلة في هذه المرحلة مصلحة اسرائيلية عليا. لذا على اسرائيل أن تفتح المعابر وتضمن استمرار تزويد الكهرباء والوقود والماء. إن المصلحة الإسرائيلية الواضحة هي أن تكون دائماً قادرة على ضغط زر التحكم في لحظة تهديد حرجة لنا، لا قبل ذلك.
    آنذاك سنستطيع بالتأكيد جعل القطاع مظلماً وتجفيفه في اللحظة الحاسمة. لا قبل ذلك بدقيقة. من اجل ذلك أيضاً، لا يجوز لنا على أي نحو أن نقطع تعلق غزة هذا بنا. اذا كان يمكن التوصل الى كل هذا بتفاوض مباشر مع «حماس» وبلا حرب فليكن.
    من الجيد أن حماس تعلن أنها تنوي إزالة الكيان الاسرائيلي. ففي ضوء ذلك، لن يخطر في بال أحد أن يطلب منا أن نوافق على جميع أنواع التهديدات الامنية المباشرة علينا، مثل فتح ميناء فلسطيني في غزة، أو مطار بلا رقابة أمنية دولية ناجعة.
    الأمر الأكثر تعقيداً هو في مواجهة دولة «فتح»، التي ستكون نمراً في جلد شاة. لقد أصبح يُطلب منا ان نُخلي مستوطنات في الضفة قبل المؤتمر الدولي. ويُطلب أن نوافق على استيعاب لاجئين لأسباب إنسانية، وأن نقسم القدس، وأن نعود الى حدود 1967، وأن نعطيهم سلاحاً. مع «حماس»، بسبب صورتها الفظيعة، لا يطلب احد منا أي شيء. لهذا أبو مازن أشد خطراً من هنية. هل نجلب على انفسنا بأيدينا كارثة الوحدة الفلسطينية من جديد؟