strong>مهدي السيد
أثار قرار الرقابة العسكرية الإسرائيلية السماح لوسائل الإعلام العبرية بالحديث عن حصول هجوم إسرائيلي على سوريا قبل نحو شهر، من دون إسناد الخبر إلى مصادر أجنبية، موجة عارمة من النقاش على خلفية اتخاذ الرقابة لهذا القرار من دون العودة إلى المستوى السياسي.
انتقدت محافل سياسية رفيعة المستوى، بعضها مقرّب من رئيس الحكومة، بشدة قرار الرقابة وهي تدّعي بأن الأمر من شأنه أن يؤدي إلى اشتعال في الحدود الشمالية، وفقاً لما نشرته معاريف.
وقال مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية «في الأسرة الدولية ـــــ سواء لدى محافل رسمية أو في الصحافة العالمية ـــــ يميلون إلى أن يعزوا صدقية عالية جداً للمعلومات التي تنشر في الصحافة وفي التلفزيون في إسرائيل بالنسبة لما يتعلق بإسرائيل نفسها. ولا ريب أنه الآن، بعد أن سمح بنشر أمر تنفيذ هذه العملية، فسيرتدي هذا معنى في وسائل الإعلام العالمية. وإذا كان قد ساد حتى الآن غموض وانعدام وضوح كانت ترغب فيهما الحكومة، فإن الأمر سيتضرر جداً الآن».
وقال معلق الشؤون الأمنية في «معاريف»، عامير ربابورت، إن «قرار الرقابة هو في ظاهر الأمر مسألة تقنية، لكنّ له معنى كبيراً بالواقع. هذه مسألة تقنية، لأن القرار لم يكشف عن أي تفصيل لم يكن معروفاً إلى الآن».
وأشار ربابورت إلى أن «قلة على علم بأن مجرد إجازة نشر أن الجيش الإسرائيلي هاجم موقعاً في سوريا ليس اعترافاً إسرائيلياً رسمياً بأن هجوماً كهذا وقع حقاً»، وأنه «يحق للرقابة أن تلغي أنباء خوف الكشف عن أسرار أمنية، لكن إجازة نشر نبأ ما ليست ضماناً لصحة التفصيلات التي تظهر فيه، كلها أو بعضها».
ومع ذلك، يرى ربابورت أن «هناك معنى كبيراً لحصول وسائل الإعلام في إسرائيل على إذن بنشر معلومات عن مجرد الهجوم، بسبب نظرة العالم العربي إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية من جهة، والخشية من حشر سوريا للرد عسكرياً من جهة ثانية».
بدوره، قال معلق الشؤون الأمنية في «يديعوت أحرونوت»، رونين برغمان، إنه «منذ سنين طويلة، تزعم جهات كثيرة في الاستخبارات الإسرائيلية أن الرقابة العسكرية (التي تتبع لشعبة استخبارات الجيش الإسرائيلي) ضعيفة جداً، وأنها بلا أسنان وبلا قوة تهدد الإعلام». وأضاف أنه «في ضوء التوجيهات الشديدة الأخيرة للرقابة العسكرية، أُصيب الإعلام الإسرائيلي بحالة ذُعر وكان مطيعاً جداً. وعلى نحو مفاجئ، غدت تفصيلات الهجوم على سوريا هي الموضوع الرئيس السري الوحيد الذي لم تقضم الصحافة أسوار صمته رويداً رويداً».
وفي السياق، قال معلق الشؤون الأمنية في «هآرتس»، أمير أورن، إن «حفل الأقنعة سقط جزئياً» بقرار الرقابة. وأضاف أنه على الرغم من أن التفصيلات المثيرة والمهمة ما يزال محظوراً نشرها، إلا أنه «يمكننا أن نحدد أنه يستتر من وراء نجاح الإسكات إخفاق كبير. لم يرم الصمت الإسرائيلي الرسمي إلى الدفاع عن أسرار عسكرية».
ورأى أورن أن «الأسد بكلامه فاجأ إسرائيل مرة أخرى، فقد ظهر وهم من توقع منه أن يرد على العملية بإجراء حربي». وأضاف أورن «إذا كانت هناك صفة واحدة تميز الجهد الإسرائيلي لتفسير إجراءات عائلة الأسد في العقود الأربعة الأخيرة فهي توالي الخطأ. إن جمع المعلومات عن القدرة السورية كان على نحو عام حسناً جداً. لكن التنبؤ بنيات قادة سوريا كان سيئاً جداً. فلم يتحقق تقريباً كل ما توقع الخبراء الإسرائيليون أن يفعله الأسد الأب وابنه بعده».
وختم أورن بالتحذير من أنه «إذا كان السوريون يخطئون تفسير النيات الإسرائيلية كما يخطئ الإسرائيليون تقدير النيات السورية، فإن الخطأ المشترك سيفضي في نهاية المطاف إلى كارثة».