حيفا- فراس خطيب
قصف «ساعر» غطّى على عمليّة للكوماندو في الأوزاعي خلال حرب تموز!

«قبل الحرب، كان حزب الله بنظري شيئاً مختلفاً كلياً عمّا اعتقدته في ما بعد. كنت أراه تنظيماً إرهابياً مع صواريخ كتف، يسير في الأقفار والغابات، يملك في أحسن الحالات سفناً مطاطية مع صاروخ قصير المدى، لا صواريخ تُطلق إلى المدى البحري الدولي... لم نتخيّل أنّ حزب الله يملك هذه الأسلحة؟». هذا جزء من حديث لقائد سلاح البحريّة الإسرائيليّة، الأدميرال دايفيد بن بعشت، لصحيفة
«يديعوت أحرونوت»، نشر أمس.
بن بعشت، الذي يُعدّ مستقيلاً رسمياً بعد أسبوع بعدما تنحّى في تمّوز الماضي، كشف عن أنّ «القصف المؤسف» للبارجة الحربية الإسرائيليّة، «أحي حانيت»، من طراز «ساعر 5»، خلال عدوان تمّوز على لبنان، غطّى على «عمليّة ناجحة» نفّذتها القوّات الخاصّة البحريّة الإسرائيليّة، «شييطت 13»، ضدّ «أهداف تابعة لحزب الله» في ميناء الأوزاعي.
وادّعى بن بعشت أنّ الفرقة البحرية «استطاعت تدمير وتفجير منشآت ومخازن تابعة للتنظيم، إضافةً إلى إغراق قارب وإصابة بعض عناصر التنظيم»، مشيراً إلى أنّ قصف البارجة أدّى إلى تأخير العملية، التي أُعدّت بالاستناد إلى «معلومات استخبارية جُمعت على مدى فترة طويلة»، وقد قادها شخصياً.
ويذكر بن بعشت أن صاروخاً من طراز «سي 802»، صيني الصنع وبتطوير ايراني، «تسرّب بسهولة من فوق منظومات المراقبة على السفينة، التي أبحرت على بعد 14 كيلومتراً عن شواطئ لبنان، وضربها، ما أدّى إلى مقتل 4 جنود من طاقمها».
وقال بن بعشت، الذي استعاد ما جرى قبل 12 تموز من العام الماضي، تاريخ بدء العدوان على لبنان، «في ساعات الصباح، تلقينا خبراً عن اختطاف 3 جنود إسرائيليّين (وليس اثنين كما هو معلوم) عند الحدود الشمالية، وكان القرار الفوري هو إخراج بارجتين حربيّتين باتجاه شواطئ لبنان، لاحتمال اضطرارنا إلى المشاركة في عمليات الردّ. وبدأت البارجتان ضرب أهداف تابعة لحزب الله على امتداد الشاطئ».
وتابع بن بعشت إنّه اقترح على هيئة الأركان العليا للجيش الإسرائيلي فرض حصار بحري على لبنان في المرحلة المقبلة. وقال إنّ «المجلس الوزاري المصغّر للشؤون الأمنية والسياسية صادق على الاقتراح، ومنذ تلك اللحظة حضر سلاح البحرية بكل مركباته، ومنظومات المراقبة والرصد والإنذار التابعة في حال استعداد وجهوزية كاملة». وفي الليلة نفسها، لفت إلى أنّه قال للمسؤولين في البحريّة «يا سادتي، علينا التعاطي مع هذا الحدث على أنّه حرب».
وأشار بن بعشت إلى أنّه حذّر المسؤولين العسكريّين من أنّ عليهم التنبّه من الصواريخ المضادّة للدبابات من طراز «كورنيت»، التي يمكن استعمالها أيضاً ضدّ السفن. وأوضح أنّ الاستخبارات العسكرية أكّدت أنّ تلك الصواريخ هي «التهديد الأكبر للبوارج الإسرائيليّة»، في إشارة إلى أنّه لم يتلقّ معلومات استخبارية عن حيازة «حزب الله» لصواريخ متطوّرة.
وأضاف بن بعشت إنّ البوارج الإسرائيلية «تلقّت معلومات لوقف سفن أجنبية في البحر من أجل منع حوادث دولية، وفي المقابل بدأت الاستعدادات» لقيام القوّات الخاصّة بـ«عملية خاصة»، كي «يرتقي سلاح البحريّة درجة» في تقويم أدائه.
هدف العملية «المعقّدة» كان «تدمير أساس القوّة البحرية لحزب الله»، وتمّ تحديد الساعة 11 ليلاً موعداً لانطلاقها. وأشارت الصحيفة إلى أنّها استقطبت اهتمام القيادة العسكرية الكامل. وفي حديثه، يلفت بن بعشت إلى أنّه في تلك الليلة، وعندما فهم أنّه سيقود العملية وسيقضي الليلة كاملة في مقرّ القيادة، عاد إلى منزله من أجل أخذ بعض الأغراض الشخصية، وعندما أوشك على المغادرة تلقّى مكالمة هاتفية أُعلم فيها بأنّ «أحي حانيت» قد ضُربت. وفي هذا السياق، ألقى باللائمة على الإعلام الذي روّج أنّه «كان يحتفل في حفلة خاصة».
الضابط نوعم فيغ، كان قائداً على البوارج الحربية في البحر. وفي الساعة 8:42 دقيقة تقريباً، سمع في جهازه اللاسلكي «تلقّينا ضربة». كان هذا البلاغ آتياً من «أحي حانيت». ووصف قادة سلاح البحرية، الذين جلسوا في مقرّ القيادة، اللحظة التي تلقّت بها البارجة الضربة، شعورهم بأنه «الأصعب في حياتهم»، وخصوصاً أنّهم لم يفهموا مباشرة السبب الذي أدّى الى هذه الضربة.
عندما وصل بن بعشت إلى مقرّ القيادة، انتقلت السيطرة على ما يحدث إلى يديه. عندها، تبدّلت مهمات فريق القوّات الخاصّة، وعوضاً عن الدخول لـ«تنفيذ العملية في الأوزاعي»، بدأت القوّات البحث عن المصابين والمفقودين في البحر. وفي تلك اللحظة، عمل الخبراء العسكريون في البحرية ساعات طويلة لإيجاد المخرج، وتبيّن في النهاية أنّه يمكن أن تسير السفينة باتجاه قاعدتها البحرية في ميناء أشدود عن طريق محرّكات يدوية لتبتعد عن الخطر.
عندما بدأت «أحي حانيت» تتحرّك بقواها الذاتية باتجاه إسرائيل، يقول بن بعشت، «توجّهت لأمور أخرى حتى إنّني اتصلت هاتفياً بقائد شعبة العمليات وقلت له: إسمع، أنا ماضٍ في هجوم الكوماندو، سأواصل ولن أتوقف». ويضيف إنّ «سلاح البحرية ضرب مركباً هاماً تابعاً لسلاح البحرية التابع لحزب الله»، فيما ذكرت «يديعوت أحرونوت» أنّ العملية «تمّت ونجحت من دون إصابات».
وعن الشعور الذي اعتراه لدى ضرب البارجة، يصفه بن بعشت بأنّه «صعب للغاية». ويقول «كان هناك شيء يكويني، لا شكّ في أنّ ضرب السفينة مؤلم»، ويضيف إنّ «حزب الله» نجح «في ضرب سفينة الصواريخ خاصّتي». إلّا أنّ الكشف عن عملية القوّات الخاصّة في هذه الآونة، يثير تساؤلات عديدة، وخصوصاً أنّ الجيش الإسرائيلي كان بحاجة إلى «علامات انتصار» بعد ضرب «أحي حانيت». فلماذا تمّ الانتظار أكثر من عام من أجل التباهي بها؟



عندما بدأت «أحي حانيت» تتحرّك بقواها الذاتية باتجاه إسرائيل توجّهت لأمور أخرى حتى إنّني اتصلت هاتفياً بقائد شعبة العمليات وقلت له: إسمع، أنا ماضٍ في هجوم الكوماندو، سأواصل ولن أتوقف... سلاح البحرية ضرب مركباً هاماً تابعاً لسلاح البحرية التابع لحزب الله.