strong>حديث السلام ومؤتمره يصمّ الآذان، والإجراءات على الأرض تسدّ أي طريق للوصول إلى الغاية المنشودة، ولا سيما أن القدس المحتلة لا تزال عرضة لمزيد من مصادرة الأراضي وإجراءات التهويد، التي تؤكّد أن أي انسحاب لن يكون قريباً أبداً
بالتزامن مع الحديث عن موافقة مسؤولين إسرائيليين على خطط تقسيم القدس، أمرت سلطات الاحتلال أمس بمصادرة 110 هكتارات من الأراضي الفلسطينية قرب المدينة المحتلة، في خطوة أثارت استنكاراً فلسطينياً وعربياً، ولا سيما أنه يأتي في ظل مخاوف من إعادة إحياء مشروع ربط مستوطنة «معاليه ادوميم بالقدس»، في الوقت الذي يعكف فيه طاقما مفاوضات إسرائيلي وفلسطيني على إعداد وثيقة مشتركة لعرضها على المؤتمر الدولي المقرّر الشهر المقبل في واشنطن.
وقال المدير العام لوزارة الحكم المحلي الفلسطينية في منطقة القدس، حسن عبد ربه، إن أوامر المصادرة، التي صدرت نهاية أيلول، تشمل 110 هكتارات مقسمة على بلدات أبو ديس والسواحرة والشرقية والنبي موسى والخان الأحمر. وأوضح أن «عمليات المصادرة هذه تهدف الى إنشاء مجمع استيطاني يضم معاليه أدوميم والمستوطنات القريبة من ميشور ادوميم وكيدار، ومنع أي تواصل للأراضي الفلسطينية مع وادي الأردن».
وأضاف عبد ربه «إنهم يغتصبون عشرات الهكتارات من الأراضي في الضفة الغربية لمصلحة مشروعهم الاستيطاني المسمّى القدس الكبرى، الذي يضم معاليه ادوميم».
وفي أوامر الإخلاء، التي سلّمت إلى مالكي الأراضي أمس، برّر جيش الاحتلال هذه المصادرات بـ«غايات عسكرية» و«إجراءات تهدف إلى منع أعمال إرهابية». وذكرت صحيفة «هآرتس» أن الأراضي المصادرة ستُستخدم في شق طريق جديدة تربط القدس بأريحا.
وكتبت الصحيفة أن «هذه الطريق الجديدة ستسمح بإخلاء المنطقة المسماة «إي-1» التي تمر عبرها الطريق الحالية التي تربط بين القدس وأريحا، لمصلحة مشروع يهودي قديم العهد يقضي ببناء 3500 مسكن ومجمع صناعي».
وأكد الجيش الإسرائيلي مصادرته أراضي فلسطينية. وقال متحدث باسمه، في بيان له، إن هذا «الإجراء يلبّي حاجات شق طريق يربط جنوب الضفة الغربية بأريحا ووادي الأردن لتحسين مستوى عيش الفلسطينيين»، مشيراً إلى أن «بناء هذه الطريق بات ضرورياً بسبب الحاجز الأمني الذي بُني في قطاع معاليه أدوميم». وأوضح أن «الطريق المنوي شقها بطول 15.5 كيلومتراً ستبنى على 144 هكتاراً من الأراضي الأميرية و23 هكتاراً فقط من الأراضي الخاصة».
وكانت إسرائيل قد تعهّدت في 2005 أمام الولايات المتحدة تجميد هذا المشروع الاستيطاني الضخم.
واستنكر الفلسطينيون بشدة هذا المشروع لكونه يقسّم الضفة الغربية إلى قسمين، ما يعرقل قيام دولة فلسطينية مستقلة. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات «نحن ندين القرار الإسرائيلي بمصادرة أراض فلسطينية، في الوقت الذي نحاول فيه استئناف عملية السلام». وأضاف «إن توسيع المستوطنات، ولا سيما في منطقة القدس، سيقوّض، لا بل سيقضي على هذه الجهود. نحن ندعو الحكومة الإسرائيلية إلى رفض هذا القرار لإعطاء فرصة للسلام».
كما دان المتحدّث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة مصادرة الأراضي، داعياً اللجنة الرباعية الدولية إلى التدخل لـ«إنقاذ عملية السلام والمفاوضات الجارية للإعداد لمؤتمر السلام من خطر الاستيطان الإسرائيلي». ووصف مصادرة الأراضي بأنها بمثابة «صفعة قوية» وجّهتها الحكومة الإسرائيلية إلى المفاوضات.
وأشار أبو ردينة إلى أن «مصادرة الأراضي الفلسطينية وربط مستعمرة معاليه أدوميم بالقدس العربية المحتلة يعنيان أن حكومة إسرائيل تصرّ على عزل مدينة القدس عن محيطها وسلخها عن الأراضي الفلسطينية، وشطر الضفة الغربية إلى قسمين».
كذلك انتقدت مصر بشدة القرار الإسرائيلي، معتبرةً أنه يهدف إلى «استكمال فصل الجزء الشمالي من الضفة الغربية عن جنوبها». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، حسام زكي، إن «تفاصيل المشروع، الذي يتردّد أن إسرائيل تزمع الإقدام عليه، والذى ينتج منه استكمال فصل الجزء الشمالي من الضفة الغربية عن جزئها الجنوبي، إنما يدعو إلى القلق البالغ ويتطلب وقفة واضحة من المجتمع الدولي لحث اسرائيل على وقف العبث بمقدرات شعوب المنطقة ومستقبلهم من خلال الإلقاء بخيار السلام العادل من النافذة».
وأضاف إن «مثل هذا الإجراء يلقي بظلال من الشك حول النيات الحقيقية للجانب الإسرائيلي الذي يرفض بشكل مستمر الإعلان عن تجميد نشاطه الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية».
وناشد المتحدّث المصري القوى الدولية الساعية إلى تحقيق السلام في الشرق الأوسط، «وفي مقدمتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة وأطراف الرباعية الدولية الآخرين، السعي إلى منع تنفيذ مثل هذه المخططات التي لا تخدم سوى أعداء السلام وأجنحة التطرف».
وفي تعليق أميركي على الخطوة الإسرائيلية، قال مصدر في السفارة الأميركية في تل أبيب إن موقف واشنطن «يقضي بعدم تنفيذ أي أعمال في المنطقة قد تمس بقدرة الجانبين على التوصل إلى اتفاق دائم».
وفي إطار الإعداد لمؤتمر السلام، شدّد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس على ضرورة الدخول في المفاوضات حول قضايا الوضع النهائي وتحديد جدول زمني لها. وقال، خلال اجتماعه في رام الله مع مبعوث اللجنة الرباعية الدولية طوني بلير، إن «إنجاح مؤتمر الخريف يتطلب الوصول إلى وثيقة أو إطار يمكن أن يعدّ خطوة أولى نحو إنقاذ السلام».
وفي السياق، كشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن غالبية الإسرائيليين تعارض تقاسم القدس في إطار اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وأظهر الاستطلاع أن أكثر من 63 في المئة من الإسرائيليين يعارضون في المبدأ أي تسوية تتناول المدينة المحتلة. وعارض 68 في المئة من الإسرائيليين نقل الأحياء العربية في القدس الى السيطرة الفلسطينية.
إلى ذلك، أعلن مدير أوقاف القدس الشيخ عزام الخطيب أمس أن نحو مئتي الف فلسطيني صلّوا الليلة قبل الماضية في المسجد الأقصى وفي باحاته لمناسبة ليلة القدر.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي، د ب أ)