لم تشارك سلطنة عُمان في العدوان الذي تشنّه السعودية مع 9 دول خليجية وعربية وإسلامية على اليمن. تمايُز عمان عن دول الخليج في التعاطي مع الملفات الدولية يثير تساؤلاتٍ حول السياسة التي تتبعها السلطنة، من دون أن تؤثر في عضويتها في مجلس التعاون الخليجي.خلال الأزمة اليمنية الداخلية التي سبقت العمليات العسكرية الدولية، لعبت مسقط دور الوسيط بين القوى اليمنية، لا سيما بعد استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي ثم فراره إلى عدن وتفاقم النزاع، قبل أن تستقبله مسقط قبيل توجهه إلى السعودية.

ساعدت عُمان في بعض مفاصل الأزمة على تقريب وجهات النظر بين القوى المتصارعة، وساعدت على فتح قنوات تواصل بين القوى الاقليمية المؤثرة في اليمن، من دون تجاهل دورها في إجلاء الطاقم الدبلوماسي الأميركي من صنعاء، حين أرسلت له طوافة تقلّه إلى «مكان آمن»، بعد إغلاق واشنطن سفارتها في العاصمة اليمنية في كانون الثاني الماضي.
وحتى أيام قليلة سبقت العدوان السعودي على صنعاء، ظلّت هناك مؤشرات على أن القوى السياسية اليمنية تتجه إلى القبول بالحوار في مسقط بدلاً من الرياض أو الدوحة. ويمكن القول إن هذه الفرصة لا تزال مؤاتية في المرحلة المقبلة، وإن كان من المبكر الحديث عن حوار سياسي في خضم العدوان المستمرّ. غير أن ما يعزز فرضية نجاح الوساطة العمانية مستقبلاً، هو أن مسقط باتت أشبه بـ«نقطة التقاء» في الصراعات، إذ إنها أدّت قبل أشهر مثلاً دوراً محورياً في المفاوضات بشأن الملف النووي الايراني، حيث استضافت اجتماعات لطرفي التفاوض، إيران ودول (5+1)، ما ساعد على المضي قدماً في التفاوض.
قد تجد دول الخليج نفسها قريباً بحاجة إلى الوسيط العُماني لإبرام تفاهم مع اليمن يضع حداً للحرب المشتعلة، خصوصاً أن السعودية ستدرك قريباً أنها غامرت ووضعت حدودها الجنوبية في مرمى خصم خبرت قدراته عام 2009، عندما تورطت مع النظام اليمني في الحرب السادسة على صعدة.
وتجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي تنأى فيها عُمان بنفسها عن السياسة الخليجية، وخصوصاً حيال جارها اليمني. فلقد كفّت مسقط عن التدخل في شؤون صنعاء منذ التفاهم على الحدود بين البلدين، وحتى عندما استضافت نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض عام 1994، هي ألزمته بعدم تعاطي السياسة من داخل حدودها.

*رئيس تحرير صحيفة «الثورة» اليمنية