strong>«واشنطن بوست»: صور جويّة ترجّح منشأة نوويّة
الجدل حول هدف الغارة الإسرائيلية على سوريا في السادس من أيلول الماضي لا يزال يشغل الصحف الأميركية، التي لا تنفك تطلق فرضيات وتحليلات في سبب التكتم الإسرائيلي الأميركي على ما استهدفته هذه الهجمة.
وقد تكون صحيفة «واشنطن بوست» الأنشط في هذا المجال؛ فبعد نشرها قبل أيام معلومات عن قيام دمشق بإزالة الأنقاض من موقع الغارة لـ«تضليل التحقيق»، ذكرت أمس أن «خبراء مستقلين» اطلعوا على صور أقمار اصطناعية لما يعتقدون أنه «موقع نووي سوري استهدفته الغارة الإسرائيلية»، مشيرة إلى أن الصور التقطت قبل الهجوم.
ونقلت الصحيفة عن «معهد العلوم والأمن الدوليين» قوله إن الصور تظهر مباني قيد الإنشاء مماثلة في تصميمها لمفاعل في كوريا الشمالية قادر على تصنيع مواد لقنبلة نووية واحدة كل عام. وتظهر الصور، بحسب المصدر نفسه، مجمّعاً معزولاً يتضمّن منشآت طويلة ومربّعة، مشابهة للمباني التي تضمّ مفاعلات غاز الغرافايت.
وقال الباحثان في المعهد، ديفيد أولبرايت وبول برانان، إن «الصور تبيّن أيضاً ما يمكن أن تكون محطة ضخ تستخدم في تزويد المفاعل النووي بمياه التبريد».
وقال أولبرايت، وهو مفتش أسلحة سابق في الأمم المتحدة، إن «حجم الإنشاءات يشير إلى أن سوريا ربما كانت تبني مفاعلاً مماثلاً للمفاعل الذي أقامته كوريا الشمالية في يونغبيون». وأضاف أن حجم المبنى ممكن أن يضمّ مفاعلاً لغاز الغرافايت قادر على إنتاج 20 إلى 25 ميغاواط من الحرارة. وتابع: «أنا مقتنع بأن سوريا كانت تحاول بناء مفاعل نووي».
ووفقاً لتقرير المعهد، يطلّ هذا الموقع على نهر الفرات ويقع إلى الشمال مباشرة من قرية التبنة في منطقة دير الزور على بعد 145 كيلومتراً من الحدود العراقية.
إلا أن أولبرايت أقرّ بأن من الصعب تحديد ماهية المكان، ولا سيما أن السقف المنصوب يحجب الرؤية، مشيراً إلى أن في مفاعلات نووية أخرى يترك نصب السقف إلى المراحل الأخيرة لتمكين الرافعات من نقل معدّات ثقيلة إلى الداخل.
أما برانان، الذي اطلع على كمية كبيرة من صور الأقمار الاصطناعية، فاعتبر أن بُعد المنشأة عن المناطق المأهولة يعطي دليلاً إضافياً، ولا سيما أن المفاعلات عادة ما تكون بعيدة عن المناطق الحضرية الأساسية. وأشار إلى وجود مهبط طائرات على بعد ميلين من الموقع من الممكن أن يكون قد استخدم لنقل المعدات.
إلا أن الصحيفة نقلت عن خبراء نوويين آخرين دعوتهم إلى «توخي الحذر» في تفسير صور «معهد العلوم والأمن الدوليين». وأشاروا إلى أن نوع المفاعل الذي تفضله كوريا الشمالية له بعض العلامات المميزة المرئية من الجو. وقال جون بايك، وهو خبير نووي ومدير في مؤسسة «غلوبال سيكيوريتي»، «يمكنك أن تنظر إلى مباني (مفاعل) كوريا الشمالية وتجد أنها لا تشبه أي شيء»، مشيراً إلى أن المنشآت النووية الكورية الشمالية تفتقر إلى المستوعبات البيضاوية التي تمنع التسرّب الإشعاعي في حال الحوادث. وأضاف أن قرب المنشأة من مصدر مياه لا يعطي دليلاً كافياً.
وأشارت الصحيفة إلى أن التحليل الجديد يثير تساؤلات عديدة عن هدف سوريا من هذا المبنى غير المنجز، وما إذا كان هناك دور حقيقي لكوريا الشمالية في هذا النشاط، إضافة إلى تساؤلات عن اعتماد إسرائيل الخيار العسكري بدل الضغط الدبلوماسي ضد منشأة ما كان من الممكن أن تبدأ إنتاج مواد نووية قبل سنوات.
وفي غياب أي دور للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أبدى مديرها العام محمد البرادعي، في مقابلة مع صحيفة «لوموند» الفرنسية، امتعاضاً من السوريين والإسرائيليين ووكالات الاستخبارات الأجنبية لعدم تزويدها الوكالة بأي معلومات عن المنشأة المزعومة.
وأوضح البرادعي: «قلنا إذا كان أحد يمتلك أي معلومات تظهر أن هناك ما يربط المنشأة بنشاط نووي، فسنكون سعداء بالتحقيق في ذلك». وأضاف: «كنت أتمنى قبل المغامرة بالقصف واستخدام القوة، أن يأتوا إلينا لنقل قلقهم».
وقال البرادعي إن الغارة الجوية تعرّض جهود منع الانتشار النووي إلى الخطر، مشيراً إلى أن «الغارة الإسرائيلية التي دمرت مفاعل تموز العراقي في عام 1981، دفعت الرئيس العراقي السابق صدام حسين إلى متابعة البرنامج سرّاً، وبدأ برنامجاً نووياً عسكرياً تحت الأرض». وأضاف أن «استخدام القوة قد يعيد الأمور إلى الوراء ولا يتعامل مع جذور المشكلة».
إلى ذلك، نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤول في وزارة الخارجية السورية نفيه للتقرير الجديد، ورأى أنه «جزء من حملة اتهامات تستهدف سوريا». وأضاف أن «سوريا تنفي بشدة أن يكون هدف الغارة الإسرائيلية منشأة نووية».
(الأخبار)