strong>محمد بدير
كسرت صحيفة «هآرتس» أمس جدار الصمت الإسرائيلي المفروض على تفاصيل المفاوضات غير المباشرة لإنجاز صفقة تبادل أسرى مع حزب الله، الذي أوضحت أنه يسعى بجهد لتوفير معلومات جديدة عن الطيار الإسرائيلي المفقود رون أراد، إلا أنه لا يملك معلومات إضافية قادرة على الكشف عن مصيره

ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس، في تقرير طويل لمراسلها الأمني يوسي ملمان، نقلاً عن مصادر مطلعة على سير المفاوضات مع حزب الله، أن هناك «أملاً كبيراً، وربما كبيراً جداً» لإنجاز صفقة كبيرة لإطلاق الأسيرين الإسرائيليين لدى حزب الله ألداد ريغيف وإيهود غولدفاسر.
وقالت إن «حجم الصفقة له ارتباط بكون الاسيرين أو أحدهما على قيد الحياة، رغم أنه يتضح أن إسرائيل ستضطر في النهاية لدفع ثمن باهظ» لقاء إطلاق سراحهما.
وأوضح تقرير ملمان، المعروف بقربه من المؤسسة الأمنية الاسرائيلية، أن «حزب الله يطالب بتحرير ستة أسرى لبنانيين محتجزين في إسرائيل، إضافة الى المئات من المخربين الفلسطينيين، بينما تعارض إسرائيل إطلاق سراح أيّ من الفلسطينيين في إطار الصفقة». وأضاف ان «إسرائيل وإن تمسّكت بموقفها، أو استطاعت تقليص عدد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم (في إطار الصفقة المقبلة)، إلا أنها عالقة في طريق مسدود بسبب مطالبة حزب الله بإطلاق سراح اللبناني سمير القنطار»، رغم أن المسؤول عن الخلية التي نفّذت عملية نهاريا عام 1979، أطلق سراحه في إطار صفقة أحمد جبريل عام 1985.
وقال ملمان «كان من المفترض أن يطلق سراح القنطار في العام 2004، في إطار صفقة (ألحنان) تننباوم، ثمناً للمعلومات التي سيسلمها حزب الله عن مصير رون أراد، إلا أنه، تحت ضغط من عائلة أراد، أُخرج من اللائحة، وتحوّل (القنطار) الى رمز، سواء بالنسبة الى (الأمين العام لحزب الله) حسن نصر الله أو بالنسبة لعائلة أراد، وهو ما يصعّب إنجاز الصفقة».
وأضاف ملمان ان «حزب الله نقل في إطار الصفقة الاخيرة (قبل أقل من أسبوعين)، معلومات عن رون أراد، تضمّنت صورة ورسالة كتبها بخط يده، لكن الرسالة والصورة ليستا معلومات عملية يمكن أن يفهم من خلالها ما آل إليه مصيره، وخاصة أنهما من الفترة التي كان فيها أسيراً لدى حركة أمل، قبل أن ينقل الى جهة ومكان اختفت فيه آثاره». وتابع «من جهة حزب الله، فإن المعلومات التي أرسلها الى إسرائيل (عن مصير أراد) هي كل الموجبات الملقاة على عاتقه في إطار المرحلة الثانية من صفقة تننباوم، لكن (المسؤول الإسرائيلي عن المفاوضات) عوفر ديكل لا يرى ذلك، وهذا ما يعتقده أيضاً صديقه (رئيس الحكومة الاسرائيلية إيهود) أولمرت».
وفي إطار استعراضه للوقائع التي سبقت صفقة التبادل الاخيرة، كشف ملمان عن أن «ديكل ذكّر رئيس الحكومة (الإسرائيلية) ومساعديه في اجتماع للاستخبارات بأن المرحلة الثانية من صفقة تننباوم تنص بوضوح على وجوب أن يقدم حزب الله إثباتاً علمياً حول مصير رون أراد، بمعنى عينة «دي ان أي»، أو دماء، أو بصمة أسنان أو أصابع، لكن لا يكفي إسرائيل صورة أو رسالة أو تفاصيل عن عمليات أجراها حزب الله للبحث عنه»، مشيراً الى أن «حزب الله كان قد نقل رفات جثة عثر عليها في لبنان، وادّعى أنها تعود لرون اراد، لكن اتضح أنها ليست له، واعتقدوا في إسرائيل أن حزب الله يحاول الخداع، لكنهم توصلوا بعد ذلك الى استنتاج أن الحزب يحاول بصدق إنجاز ما التزم به في إطار الصفقة، لكنه ببساطة، لا يملك معلومات عن مصير أراد».
وشدد ملمان على أنه «إن لم يكن لدى حزب الله معلومات إضافية عن رون أراد، أو أنه لن يسلّمها رغم الضغوط، يبدو أن أولمرت وديكل سيتضطران الى اتخاذ قرار صعب: صفقة إعادة ريغف وغولدفاسر، سواء كانا حيّين أم لا، مقابل تحرير القنطار، أو الإصرار على القنطار مقابل أراد، وفي ذلك مجازفة كما في المفاوضات السابقة».
وتابع ملمان أن «الوسيط الألماني بين إسرائيل وحزب الله هو المسؤول عن الاستخبارات الألمانية في لبنان وسوريا غيرهارد كونرد، الذي يعمل حالياً بالإنابة لدى الأمم المتحدة وباسمها»، مشيراً الى أنه «لم يقم بزيارة إسرائيل منذ بداية المفاوضات خوفاً من انكشاف أمرها لدى وسائل الإعلام (الاسرائيلية)، وحرص على إجراء لقاءاته مع ديكل في أوروبا».