الحسكة | وُجِد الفصيل المسمّى "قوات المغاوير"، ليكون قوة مساندة للجيش السوري في معاركه الدائرة في محيط مطار دير الزور، وأرياف الحسكة الشرقية والجنوبية والغربية، وجزءاً من القوى الرديفة للجيش في مواجهة الإرهاب، واستعادة السيطرة على مناطق جديدة في المنطقة الشرقية في سوريا. يستفيد الجيش من كون قوام هذه القوة الجديدة من أبناء العشائر. هم أبناء الأرض، وقد خبروا جغرافيتها جيداً. وهي قيمة تضاف إلى مواصفات المقاتل في صفوف «المغاوير»، عدا عن كون نسبة جيدة منهم من أبناء المناطق الواقعة تحت سيطرة «داعش»، ما يجعل معنوياتهم القتالية أكبر، رغبةً منهم في تحرير مناطقهم.
يكشف مصدر عسكري لـ«الأخبار» أن «قوات المغاوير هم من نخبة من أهالي الحسكة ودير الزور الذين تطوعوا ليكونوا سند الجيش الأساس في قتال الإرهاب والقضاء عليه»، ويشرح المصدر: «تمّ تأهيل قوات المغاوير من خلال تدريبات عسكرية مركّزة طويلة وقاسية، هدفت إلى تعزيز قدراتهم البدنية والعسكرية، مع تدريبهم على مختلف صنوف القتال، بما فيها حرب الشوارع، بإشراف مختصين». يؤكد أنه «تم توزيعهم بحسب الاختصاص، بعد خضوعهم لدورات تخصصية، لتكون فاعليتهم أكبر على الأرض». ورفض المصدر تحديد عددهم، معتبراً «أنه سيكون لهم دور مهم في دحر داعش». ويلفت المصدر إلى أنّ «اختيار اسم المغاوير هو مؤشر للمهمات المنوطة بهذه المجموعات القتالية». وشارك «المغاوير» بفعالية في توسيع الطوق الآمن في محيط مدينة الحسكة، إضافة إلى دورهم في استعادة قرى تل غزال وأبو قصايب في ريف القامشلي، ووجودهم إلى جانب الجيش في معارك مطار دير الزور العسكري، وجزيرة حويجة صكر، وارتقاء عدد من الشهداء منهم.
ويبدو واضحاً اهتمام الجيش بهذه القوة الجديدة من خلال تخصيص معسكرات خاصة بهم، مع تزويدهم بمختلف صنوف الأسلحة. عيسى، الشاب ابن الـ25 ربيعاً، يقف على أحد الحواجز المتقدمة للجيش السوري في ريف الحسكة. يقول: «أنهيت خدمتي الإلزامية ولم أطلب للاحتياط، إلا أن واجب الدفاع عن الوطن دفعني إلى الالتحاق بصفوف قوات المغاوير المساندة للجيش السوري». ينتمي عيسى إلى قرية تقع تحت سيطرة «داعش»، ويردف «يعاني أهلي وأبناء جلدتي يومياً من الإرهاب. لا يمكن تركهم تحت نيره، ثقتي بالجيش دفعتني إلى الانتساب للمغاوير. سنكون معه ونحرر أرض محافظتنا قريباً». وفي مبنى قيادة الشرطة، وسط مدينة الحسكة، ينهي أحمد، ابن منطقة جبل عبد العزيز، أوراق تسويته، بعدما رمى سلاحه الذي حمله لفترة كمقاتل في صفوف «الجيش الحر». أحمد الذي لم يشارك «الجيش الحر» بأي معركة، يصف من كان يقاتل معهم بأنهم «سارقون، إرهابيون، مستغلون. إنهم يجعلون من الشباب وقوداً لمعركة ليس فيها إلا الخراب والقتل والتدمير، ولا يعرفون من الحرية إلا اسمها». هكذا يختصر أحمد تجربته السابقة التي يروي جزءاً منها لـ«الأخبار» لتكون وجهته مركز تطويع «قوات المغاوير». يقول أحمد: «يأكلني الندم، كنت أراهم يسرقون القمح، ويقتلون الناس ليكسبوا المال. أريد مسح تلك الصورة وأكون جندياً فاعلاً في القضاء على الإرهاب".
وعلى جبهة القتال، في طريق تل تمر الجنوبي، يواظب يومياً «المغوار» أبو أحمد، الأربعيني، على حمل السلاح في إحدى نقاط الاشتباك اليومية. أبو أحمد الذي كان قد فرغ توّاً من مراسم تشييع شقيقين من أبناء قريته، قضيا كمقاتلين في صفوف «المغاوير»، يؤكد لـ«الأخبار» بلغة الواثق: «نشيع شهداءنا نهاراً، ونحمل السلاح ليلاً، لا شيء يكسرنا، هذه سوريا، وتستحق أن نقدم أنفسنا أفواجاً كرمى عزتها وكرامتها». يحاول أبو أحمد أن يمسك الدمع في عينيه وهو يتابع: «للباطل جولة وللحق جولات، ونحن واثقون من أننا الحق، وجولات النصر قادمة، وسنطهر كامل ترابنا منهم».
الوقائع الجديدة شرق سوريا تؤكد أن ما قبل معركتي الميلبية ومطار دير الزور ليس كما بعدها، فسقوط خمسين شهيداً في معارك الميلبية، من الجيش والمدنيين، دفع بأكثر من مئة شاب للتطوع وحمل السلاح إلى جانب الجيش دفاعاً عن مدينتهم من تمدّد «داعش»، لتكرّ السُبحة ويصبح عدد المتطوعين بالمئات في مختلف القوى المساندة للجيش، مع ازدياد الالتفاف يومياً حوله. ليكون «المغاوير»، ربما، ذراع الجيش في أي عمليات عسكرية قد تستهدف مناطق ريف الحسكة ودير الزور.