كشف مسؤول أميركي سابق رفيع المستوى أمس عن أن إسرائيل حذرت إدارة الرئيس جورج بوش من أن غزو العراق سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، وطالبتها بالاستعاضة عن ذلك بمهاجمة إيران بوصفها العدو الأساسي.ونقل موقع «انتر برس سيرفيسيز» (I P S) عن لورنس ويلكرسون، الذي كان من موظفي دائرة التخطيط السياسي في وزارة الخارجية، ثم عمل رئيساً لهيئة موظفي وزير الخارجية الأسبق كولن باول، قوله إن المسؤولين الإسرائيليين التقطوا إشارات تفيد بأن إدارة بوش تفكر بحرب على العراق، وردوا فوراً «قائلين لنا إن إيران هي العدو لا العراق».
وقال ويلكرسون إن الإسرائيليين قالوا في رسالتهم إلى إدارة بوش في بداية عام 2002 «إذا كنتم تريدون زعزعة ميزان القوى، فاستهدفوا العدو الأساسي»، مشيراً إلى أن التحذير من غزو العراق كان «مهيمناً» على الاتصالات الإسرائيلية مع إدارة بوش، ونُقل من خلال مصادر إسرائيلية عديدة، بما في ذلك شخصيات سياسية واستخبارية. وأوضح ويلكرسون أن النقطة الأساسية في الاتصالات هي أنه لا يجب على الولايات المتحدة ضرب إيران فوراً، وأنه «يجب ألا ننشغل بالعراق وصدام حسين بدلاً من التركيز على الخطر الأساسي».
وكان الصحافي بوب وودوورد قد كشف في كتاب «خطة الهجوم» عن أن وزير الدفاع دونالد رامسفيلد أمر قائد القيادة المركزية توم فرانكس في الأول من كانون الأول 2001 بالحضور إلى أول إيجاز رسمي في الرابع من الشهر نفسه بخطة حرب جديدة على العراق. وبدأت بعد ذلك سلسلة محادثات مكثفة بين رامسفيلد وفرانكس حول التخطيط للحرب.
وبعدما علم المسوؤلون الإسرائيليون بهذه الخطة، طلب رئيس الوزراء السابق أرييل شارون الاجتماع مع بوش وذلك لبحث النيات الأميركية تجاه العراق بشكل أساسي. وفي الأسابيع التي سبقت اجتماع شارون مع بوش، في 7 شباط 2002، نقل مسؤولون إسرائيليون الرسالة إلى إدارة بوش أن إيران تمثل خطراً أكبر، وذلك بحسب تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» نشر عشية اللقاء.
وكشف وزير الدفاع الإسرائيلي حينذاك، بنيامين بن اليعزر، الذي رافق شارون في زيارته، عن «الخلاف الاستراتيجي» بين تل أبيب وواشنطن حول استخدام القوة العسكرية بقوله للصحيفة: «اليوم الجميع مشغولون بالعراق. العراق مشكلة، لكن يجب أن تفهموا أن إيران اليوم أكثر خطراً من العراق». ولم يكشف شارون عما دار في اجتماعه مع بوش، لكن المستشار السابق لرئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك، يوسي ألفير، كتب في صحيفة «فوروورد» في كانون الثاني الماضي أن شارون نصح بوش بعدم احتلال العراق. وأشار ألفير إلى أن واشنطن لم ترد دعماً علنياً من إسرائيل، بل إنها طالبتها بالامتناع عن دعم الغزو علناً لتفادي ردات فعل سلبية من جيران العراق العرب. وبعد الاجتماع، التزمت حكومة شارون الصمت إزاء موضوع غزو العراق، باستثناء بيان أصدره رعنان غيسين، أحد مساعدي شارون، قال فيه إن «أي تأخير في ضربة للعراق في هذه المرحلة لن يخدم أي هدف باستثناء إعطاء صدام حسين أكثر من فرصة لتسريع برنامجه لأسلحة الدمار الشامل».
غير أن الموقف الإسرائيلي تناقض في حينه مع موقف المحافظين الجدد، اللوبي القوي داخل إدارة بوش، الذي كان يرى في إطاحة نظام صدام واستبداله بآخر موال لواشنطن وتل أبيب وسيلة أقل كلفة للدفع نحو التغيير في المنطقة. ومن وجهة نظر المحافظين الجدد، فإن ضعف العراق عسكرياً يجعله هدفاً منطقياً لاستخدام القوة العسكرية فيه.
في هذا الوقت، ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس أن نحو 250 إسرائيلياً، غالبيتهم رجال أعمال يعملون لحساب شركات الصناعات العسكرية، يقومون سنوياً بزيارة العراق. وأوضحت الصحيفة، استناداً إلى معطيات «سرية» حصلت عليها من الخطوط الجوية الأردنية «رويال غارديان»، أن معظم هؤلاء يتوجهون إلى العراق عبر مطار عمان. وتنظم الشركة المذكورة ثلاث رحلات أسبوعية من عمان إلى بغداد وأربيل والسليمانية. وأشارت الصحيفة إلى أن بعض هؤلاء يحملون جنسيتين ويدخلون العراق بجوازات سفر غير إسرائيلية.
(الأخبار، يو بي آي)