strong>الحدود الإسرائيلية ـ اللبنانية أصبحت «هادئة للغاية» منذ انتهاء حرب لبنان الثانية في آب من العام الماضي، بحسب ضابط في فرقة الجليل المسؤولة عن الجبهة مع لبنان، مشدداً في الوقت نفسه على أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستعد لاحتمال خوض حرب جديدة مع «حزب الله»
قال ضابط إسرائيلي أمس إن فرقة الجليل، التي ينتمي إليها والمعروفة أيضا بالفرقة 91، وقوات من فرق عسكرية أخرى تقوم بنشاط عسكري حثيث عند منطقة الحدود الإسرائيلية ـــــ اللبنانية بهدف منع مقاتلي حزب الله من الاقتراب من الحدود ومن الخط الأزرق.
وأضاف: «إننا نقوم بأعمال تمشيط في الأماكن التي لم نعمل فيها من قبل، وندرس الواقع الذي كان سائداً في الماضي والواقع السائد اليوم في منطقة الحدود». وتابع إن «القوات الإسرائيلية لا تدخل الأراضي اللبنانية بتاتاً، لكنها تصل إلى الخط الأزرق فحسب».
وخلال جولة على طول الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، أشار الضابط إلى قوارير زرقاء خلف الشريط الحدودي، تشبه قوارير الغاز الصغيرة، وقال: «هذه القوارير تشير إلى مسار الخط الأزرق، وهي تبعد عن الشريط الحدودي ما بين أمتار إلى عشرات الأمتار».
كما أشار الضابط إلى مجموعة من آليات بيضاء اللون متوقفة داخل الأراضي اللبنانية بمحاذاة الحدود، وقال: «هنا موقع لقوات يونيفيل الدولية، وهذه قرية عيتا الشعب، وهناك موقع للجيش اللبناني، ويمكن مشاهدة العلم اللبناني مرفوعاً فيها»، مضيفاً: «قبل عام ونيف كان يسيطر حزب الله على هذه المواقع. لكن منذ انتهاء الحرب وصدور القرار 1701، لم نعد نرى حضوراً لحزب الله وجاءت مكانه قوات الجيش اللبناني وقوات يونيفيل». وشدد الضابط الإسرائيلي على أن «هذه الحدود لم تشهد هدوءاً كهذا منذ 30 عاماً».
لكن المشهد عند الشريط الحدودي أكثر تعقيداً مما يصفه الضابط؛ فعلى بعد أقل من عشرة أمتار من موقع «تسوريت» العسكري الإسرائيلي، داخل الأراضي اللبنانية، وضع أحد ما علم حزب الله الأصفر على عمود يرتفع ثلاثة أمتار على الأقل، ويمكن كل من يسير في «طريق الشمال القديمة»، الواقعة داخل حدود إسرائيل، أن يشاهد هذا العلم وعلماً آخر لحزب الله على بعد مئة متر تقريباً. وقال الضابط الإسرائيلي، لدى مشاهدته علم حزب الله: «لن نعرِّض حياة جنودنا للخطر من أجل إنزال علم، وليس بالضرورة أن يكون مقاتل من حزب الله هو الذي وضع هذا العلم وربما كان أحد الرعاة أو مواطنين عاديين» ليرتفع وسط مثلث من المواقع العسكرية الإسرائيلية واللبنانية والدولية.
وأضاف الضابط: «نحن نعلم أن مقاتلي حزب الله موجودون في المنطقة، لكنهم لا يحملون السلاح، والأهم من ذلك أن حزب الله لم يعد المسيطر في جنوب لبنان، بل هناك أربع جهات تسيطر، وهي قوات يونيفيل والجيش اللبناني وحزب الله ومنظمات صغيرة جداً قريبة من تنظيم القاعدة، ووجود هذه الأخيرة في هذه المنطقة يثير قلق حزب الله».
وقال الضابط الإسرائيلي إن هناك تنسيق كامل بين الجيش الإسرائيلي وقوات اليونيفيل في جنوب لبنان «التي كشفت أخيراً عن العديد من مخازن الأسلحة التابعة لحزب الله ودُمِّرَت». وأضاف: «نحن لا نزال نقوم بعملية إعادة قواتنا إلى حالة جهوزية لاحتمال نشوب مواجهة جديدة مع حزب الله قد تقع خلال شهر أو بعد أربع سنوات».
لكن الضابط استدرك قائلاً إنه «ليس لدينا معلومات عن هجوم ضدنا عند الحدود مع لبنان، رغم أننا نعلم تماماً أن تهريب الأسلحة لحزب الله ما زال مستمراً». وأضاف: «لا نعتزم وقف تحليق طائراتنا المقاتلة في لبنان»، مشيراً إلى أن هذه «عملية دفاعية ستتواصل حتى وقف أعمال تهريب الأسلحة إلى لبنان».
من جهة أخرى، رفض الضابط التعقيب على تصريحات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بخصوص مفاجأة يعد لها حزب الله في حال نشوب حرب ثانية، وقال: «إننا لا نخوض في أقوال كهذه ولا نعقب عليها والأمر المركزي هو أن هذه التصريحات تمس بالشعب اللبناني... وخصوصاً أن شرخاً قد حصل في صدقية نصر الله».
ويمكن كل من يتجول في شمال إسرائيل، وخصوصاً في الأماكن المحاذية للشريط الحدودي، أن يلحظ الحركة الكثيفة للجيش الإسرائيلي، فالدوريات العسكرية في عربات «الهامر» العسكرية ناشطة للغاية، وخصوصاً على طول الطريق بين مستوطنة كريات شمونه ومنطقة مزارع شبعا في القطاع الشرقي من الحدود. وتنتشر نقاط المراقبة العسكرية الإسرائيلية أيضاً في قمم التلال المشرفة على مزارع شبعا، التي لا يوجد فيها شريط حدودي يفصل الأراضي التي تحتلها إسرائيل عن الأراضي اللبنانية المحررة. وفسر الضابط الإسرائيلي عدم وجود شريط حدودي بسبب «تضاريس المنطقة». وفي محاذاة مزارع شبعا، تقع قرية الغجر التي ضمتها إسرائيل إليها بواسطة «قانون ضم الجولان» الذي سنه الكنيست في عام 1981.
ورغم أن إسرائيل ترى أن قرية الغجر تقع تحت سيادتها، إلا أن الجيش الإسرائيلي يضع حاجزاً عسكرياً عند مدخل القرية وحاجزاً آخر في وسطها وفي المكان الذي يمر فيه «الخط الأزرق».
وأوضح الضابط الإسرائيلي أن «الإجراءات العسكرية في القرية سببها قيام حزب الله بتنفيذ هجمات عديدة في السنوات الأخيرة» ضد القوات الإسرائيلية، «ولأن القسم الشمالي من القرية مفتوح على الأراضي اللبنانية ولا يوجد شريط حدودي هناك».
ورغم كلام الضابط الإسرائيلي على «حدود هادئة» مع لبنان، إلا أنه لا يمكن زائر تلك المنطقة إلا أن يشعر بشيء من التوتر، وخصوصاً أن مشاهد الحرب في الصيف الماضي لا تزال ماثلة بقوة في أذهان الإسرائيليين المدنيين، وأكثر من ذلك في أذهان العسكريين.
(يو بي آي)