strong>مهدي السيد
حسم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، أمس خياراته لجهة خطة التسلّح المقبلة لجيشه في السنوات الخمس المقبلة، من خلال إيلاء الأولوية لسلاح البر، في موازاة تعزيز قدرات سلاحي الجو والبحرية. وتظهر الخطة توجهاً جديداً في جيش الاحتلال وهو التركيز على سلاح البر على حساب سلاح الجو، على عكس ما كان متّبعاً طوال العقود الماضية.
ويأتي قرار أشكنازي هذا خلال مصادقته على توصيات ورشة العمل الأركانية التي جرت قبل أكثر من أسبوع حول بناء القوة البرية للجيش الإسرائيلي، والتي تقوم على أساس زيادة قدرة المناورة بالنار الدقيقة للفرق البرية والعودة الى مستوى المخزون الذي يسمح بالقتال لفترات زمنية أكثر مما كان في الماضي.
وإذا كانت الخلفية العسكرية التي جاء منها أشكنازي، سلاح البر، قد أدت دوراً في حسم خياره هذا، خلافاً للتوجه الذي كان سائداً أيام سلفه، دان حالوتس، خريج سلاح الجو، إلا أن ثمة شبه إجماع بين الخبراء الإسرائيليين على الدور الحاسم الذي أدته حرب لبنان الثانية ونتائجها في تحديد وجهة التسلح المستقلبية للجيش الإسرائيلي، وذلك على خلفية فشل سلاح الجو الإسرائيلي في حسم المعركة ضد حزب الله من جهة، والإخفاقات التي تلقاها سلاح البر، من جهة ثانية. ويدور الحديث عملياً عن قرارات ستحدّد طبيعة صورة الجيش الإسرائيلي في السنوات المقبلة في ضوء التهديدات وتقديرات الوضع الإسرائيلية.
ويمكن إجمال الخطوط العريضة لخطة التزود «تيفن» المتعددة السنوات حتى عام 2012، التي صادق عليها أشكنازي، كالآتي:
-على صعيد البر: استمرار إنتاج دبابة «الميركافا 4»، وإدخال تحسينات على مئات الدبابات من الطراز القديم وإضافة التحصين اليها، وتزويد الجيش الإسرائيلي ببضع مئات من المجنزرات الثقيلة الحديثة التي تسمى «نمر» . في المرحلة الأولى من خطة التسلح، ستتزود بمجنزرات «نمر» كتيبتان من سلاح المشاة. وفي مرحلة متأخرة، ستُضاف بضع مئات من المجنزرات الأخرى. وستدخل «نمر» قيد الاستخدام التنفيذي في الجيش الإسرائيلي في سياق السنة المقبلة. وستزوّد بتحصين باليستي نوعي، يمنحها قدرة عالية على البقاء على مستوى دبابات «ميركافا ـــــ 4» المتطورة. ويرى خبراء أن هذه الاستثمارات تمثّل تغييراً في مفهوم استخدام الجيش الإسرائيلي وتشديده على بناء القوة المدرعة المناورة.
- بالنسبة إلى سلاح الجو: يتوقع أن يتزود بطائرات «أف 35»، وهي طائرة متطورة جداً، تبلغ كلفة الطائرة الواحدة منها نحو 50 مليون دولار، من دون كلفة الإضافات الإسرائيلية عليها. وينوي الجيش الإسرائيلي التزود بـ25 طائرة من هذا الطراز، على أن يتسلّم الطائرة الأولى عام 2014. وسيواصل سلاح الجو تطوير الطائرات الموجودة لديه وتعزيز منظومة الطائرات من دون طيار، إضافة الى مواصلة كونه الذراع الطويلة للجيش، وتطوير منظومة الصواريخ المضادة للصواريخ البعيدة المدى.
- سلاح البحرية: سيتزوّد بما يُسمى «سفن ميدان متعددة المجالات». كما وتنص الخطة أيضاً على زيادة ميزانية الاستخبارات والرصد، لتحسين أدائها بعد الفشل الاستخباري الذي تجلّى في حرب لبنان الثانية.
وتعتمد الخطة بشكل أساسي على مساعدات الولايات المتحدة وستعرض على الحكومة لبحثها والتصويت عليها وستدخل إلى حيز التنفيذ ابتداءً من مطلع السنة المقبلة.
وبحسب كلام اشكنازي فإن «الهدف الرئيسي للخطة هو بناء الجيش وتدريبه وتجهيزه بطريقة تمكّنه من أداء مهمته في الدفاع عن إسرائيل ومواطنيها». وأضاف «سيتم تعزيز القوات البرية بشكل ملموس. وفي هذا الإطار ستستمر صناعة دبابات الميركافا ... وصناعة مئات من ناقلات الجند المصفحة من طراز ميركافا ـــــ تايغر».
وفي السياق،، كشفت صحيفة «معاريف» النقاب أمس عن أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ستحسم اليوم مصير أحد المشاريع المهمة في المؤسسة الأمنية، حيث سيعقد رئيس الأركان غابي أشكنازي اجتماعاً لضباط الأركان العامة، يُبلغهم فيه، سلسلة من القرارات التي اتخذت بشأن الخطة الخمسية للجيش التي سيبدأ تنفيذها عام 2008.
وفيما لم تكشف الصحيفة تفاصيل عن طبيعة المشروع المهم الذي وصفته بالسري، قالت إن احتمال تقليص المشروع السري للجيش الإسرائيلي الذي يتم الحديث عنه، يثير خلافات حادة داخل المؤسسة الأمنية.
واكتفت الصحيفة بالإشارة إلى أنه بُذلت في تطوير المشروع ملايين الشواكل، وأن من شأنه أن يثمر فقط بعد سنوات عديدة، حينها سيكون هذا المشروع كفيلاً بتقديم ردّ على سلسلة من التهديدات الأمنية، بحسب «معاريف».
وتطرقت الصحيفة الى الخلافات التي تدور حول هذا المشروع، فلفتت إلى أن شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي أوصت بتقليص مهم في الأموال المخصصة لهذا المشروع، الأمر الذي سيؤدي، بحسب تقدير مصادر أمنية، الى القضاء عليه. هذا الأمر دفع بجهات مختلفة داخل المؤسسة الأمنية كانت قد أيدته على مدى سنوات طويلة الى طرح انتقادات حادة ضد إمكان وقفه الآن، وفق الصحيفة. وبحسب هذه الجهات، فإن وقف المشروع سيمسّ بقدرة إسرائيل على المدى الطويل، فقط لأنه يحرر بعض الأموال للمدى القصير. وقال مصدر في المؤسسة الأمنية إنه وفق النظرة البعيدة المدى، فإن قراراً كهذا سيخلق مشكلة سيكون لها تأثير على مدى أجيال.