strong>محمد بدير
ليفني تتعهّد عرض أي اتفاق مع أبو مازن على الكنيست للمصادقة عليه

بدت الحماسة الإسرائيلية أمس منخفضة إزاء النتائج المتوقعة من المؤتمر الدولي المقرر عقده في واشنطن بعد نحو شهرين. وإن كان هذا الانخفاض ناشئاً عن خشية متأخرة من تداعيات السقوط في الهوة بين ما يمكن إنجازه وسقف التوقعات المرتفع، فإن التململ الداخلي إسرائيلياً أعطى مفاعيله الأكيدة على هذا الصعيد، وخاصة بعد دخول أقطاب من حزب كديما على خط التحفظات المعلنة من النهج الذي يتبعه رئيس الوزراء إيهود أولمرت على المسار الفلسطيني.
وقالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني إن إسرائيل تعمل بموجب مبادئ في اتصالاتها مع الفلسطينيين، أولها التمييز بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وثانيها التفريق بين الاتصالات مع الفلسطينيين والاتفاقات التي ستتحقق وبين التنفيذ الفعلي لهذه الاتفاقات المشروط بالوضع الذي سيسود في الأراضي الفلسطينية.
وتعهدت ليفني، خلال جلسة خاصة عقدتها الهيئة العامة للكنيست أمس لبحث الاتصالات الإسرائيلية الفلسطينية، أن يُطرح أي اتفاق يتوصل إليه الطرفان على الكنيست للمصادقة عليه.
وعقدت الهيئة العامة للكنيست جلستها رغم العطلة الصيفية بناءً على طلب أحزاب المعارضة اليمينية، وهي الليكود والوحدة القومية والمفدال، لبحث الاتصالات التي يجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس حول اتفاق الحل الدائم.
وقالت ليفني إن «الجمود (السياسي) ليس خياراً، وعندما تكون هناك نافذة فرص، علينا أن نفتح باباً مع الحفاظ على المكاسب الاستراتيجية الإسرائيلية». وأضافت أن أي مباحثات مع الفلسطينيين «لن تعمي أعين الحكومة» وأن «الحوار مع (رئيس السلطة الفلسطينية) أبو مازن لن يضع حلاً في الأمد القصير لما يحدث في غزة» في إشارة إلى استيلاء حركة «حماس» على القطاع.
وتابعت ليفني أنه «إذا استمر الوضع في غزة، فإننا سنضطر إلى التعامل مع وضع بعيد الأمد ويجب علينا العمل لتقليل حجم إطلاق صواريخ القسام» من القطاع باتجاه جنوب إسرائيل.
أما رئيس حزب الليكود اليميني، بنيامين نتنياهو، فقال من جهته: «إننا سنحصل على دولة مع ثلاثة اتجاهات صاروخية، والسؤال هو كيف، بعدما تعلمنا هذه العبرة، سنقبل استمرار الخطأ؟» في إشارة إلى استمرار إطلاق صواريخ «القسام» من القطاع بعد انسحاب إسرائيل منه في إطار خطة «فك الارتباط».
وأعلن نتنياهو أنه يعارض كل انسحاب إسرائيلي آخر من الأراضي الفلسطينية وأن «أي انسحاب هو في الواقع تسليم مناطق لعملاء إيران وإنشاء موقع تقدمي آخر لإيران».
وأضاف: «لا يكفي انسحاب أحادي الجانب من لبنان ومن غزة، والآن يخططون لانسحاب أحادي الجانب ثالث» من الضفة الغربية «لكن الآن يقولون لنا إن ثمة شريكاً. ومن هو هذا الشريك، أبو مازن؟ هل هذا شريك؟».
بدوره، طالب وزير المواصلات الإسرائيلي، شاؤول موفاز، رئيس الحكومة الإسرائيلي ببلورة «خطوط حمراء وخضراء» تشكل ضوابط لحدود التنازلات الإسرائيلية المسموحة في المباحثات الجارية مع الجانب الفلسطيني تمهيداً لانعقاد المؤتمر الدولي في تشرين الثاني المقبل.
ودعا موفاز، في رسالة وجهها إلى أولمرت أول من أمس، إلى ترسيم هذه الخطوط داخل كتلة حزب «كديما»، مقترحاً إنشاء لجنة لبحث القضية وبلورة تفويض متفق عليه يتم منحه لأولمرت للتفاوض انطلاقاً منه. ورأى موفاز، في رسالته التي أرسل نسخاً منها إلى أعضاء الكنيست من حزب «كديما» أيضاً، أنه ليس بالإمكان التوصل إلى اتفاقية حل نهائي مع الفلسطينيين في ظل «الواقع غير المستقر داخل السلطة الفسلطينية التي لا تشكل في وضعها الراهن شريكاً لاتفاقية حل نهائي». ورأى موفاز أن «الضعف البنيوي» للسلطة الفلسطينية يعتبر «عقبة رئيسية أمام تنفيذ أي اتفاق سياسي»، محذراً من «إيداع ممتلكات استراتيجية بيد الفلسطينيين في هذه المرحلة».
وأشار موفاز إلى أن المؤتمر الدولي يتيح فرصة للتقدم في المسار الفلسطيني، إلا أن «المحاولة الجارية اليوم للتوصل إلى اتفاق دائم مع كيان غير قادر على فرض سيادته على مواطنيه هي خطوة محكوم عليها بالفشل، وستسبب الضرر أكثر من الجدوى».
ويبدو أن أولمرت، الذي يشعر بارتفاع منسوب التحفظ داخل حزبه إزاء نهجه على المسار الفلسطيني، بدأ يعد العدة داخلياً وخارجياً لحفظ خط الرجعة. وبعدما أعلن أول من أمس نيته عقد اجتماع لكتلة «كديما» لتوضيح الأمور أمامها، قالت مصادر إسرائيلية أمس إن أولمرت سيسعى خلال المحادثات التي سيعقدها مع مبعوثين أميركيين ودوليين يزورون إسرائيل إلى الحد من التوقعات بتحقيق انفراجات كثيرة وسريعة بشأن الدولة الفلسطينية. والتقى أولمرت أمس بمبعوث الرباعية الدولية، طوني بلير، فيما يجتمع مساعدوه اليوم مع مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش الذي يسعى إلى تضييق هوة الخلافات بين الطرفين حول نطاق اتفاق مقترح بشأن مبادئ إقامة الدولة الفلسطينية يمكن طرحه خلال المؤتمر.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع قبل المحادثات مع ولش: «نحن نحاول تقديم أهداف واقعية»، فيما أوضح المتحدث باسم وزارة الخارحية الإسرائيلية، مارك ريغيف، أن توقع إمكان تسوية كل المشكلات خلال بضعة أشهر أمر غير واقعي، مضيفاً: «ذلك لا يعني أن تحقيق تقدم ملموس صعب المنال».
إلا أن مصادر أخرى رجحت التوصل إلى اتفاق ما في المؤتمر الدولي بسبب الضغط الأميركي. وقالت إن «أولمرت سيتوصل لاتفاق مع عباس. والسؤال الوحيد هو: بأي شأن»، موضحة أن رسالة أولمرت في المؤتمر ستكون «لنمضِ قدماً بطريقة مطردة من دون القفز فوق مراحل. لا يمكن القفز إلى (المرحلة) النهائية في هذه الحالة. هذا لن يحل شيئاً، وقد يؤدي إلى أن تصبح الأمور أكثر سوءاً» وأنه «لا يمكنك أن تتعجل الأمور نحو شيء ملموس في الحال».
(الأخبار، يو بي آي، رويترز)

أولمرت سيتوصل لاتفاق مع عباس. والسؤال الوحيد هو: بأي شأن؟ رسالة اولمرت في المؤتمر ستكون: لنمض قدما بطريقة مطردة من دون القفز فوق مراحل. لا يمكن القفز الى (المرحلة) النهائية في هذه الحالة. هذا لن يحل شيئا وقد يؤدي إلى ان تصبح الامور اكثر سوءا. لا يمكنك ان تتعجل الامور نحو شيء ملموس في الحال