معاريف ـ بن كاسبيت
بهذه الوتيرة، من شأن إيهود أولمرت أن ينجح حيث فشل كل أسلافه: أن يكون أول رئيس وزراء يشبه دافيد بن غوريون. ليس في النجاحات، بل في الحروب. بن غوريون كان رئيس الوزراء الوحيد حتى الآن الذي خاض حربين. وقد فعل ذلك في غضون ثماني سنوات. أولمرت سيكون كذلك خلال أقل من ثمانية أشهر. ولو أنه، على الأقل، منتصر في هاتين الحربين، لقلنا حسناً. الأولى لم ينتصر فيها والثانية، التي لم تندلع بعد: من يدري؟
التوتر بين إسرائيل وسوريا يتصاعد في كل يوم نحو ذرى جديدة. لا تولوا الانتباه إلى بيانات التهدئة. لم يتبدد شيء على هذه الجبهة في الأسابيع الأخيرة. ربما العكس. المشكلة هي أن معظم المعطيات خفية. كيف يمكن أن نشرح حقيقة أن إيهود أولمرت ألقى أمس خطاباً لمدة 45 دقيقة ولم يتفوه بكلمة عن هذه القضية؟ إن دولة تريد منع حرب ينبغي أن تخرج عن طورها في مثل هذا اليوم كي تهدئ الروع. لكن أولمرت صمت. ومعه، صمت الجميع. القيادة السياسية والأمنية نزلت أمس تحت الأرض. كما ألغى أولمرت على نحو مفاجئ مقابلات العيد، كأنهم يريدون من السوريين أن يفزعوا. وكأنهم يحاولون نقل رسالة. ماذا؟ أن سلاح الجو قادر على أن يجتاز سوريا ليلاً من دون عراقيل؟ ربما.
إلا أن هذه الرسالة لا تهدئ أحداً، ولا سيما في مقر الحكومة في تل أبيب. ثمة توتر هائل يلف كل المحافل المرتبطة بالمؤسسة الأمنية والأذرع المختلفة وأصحاب القرار. تجاه الخارج، يحاولون بث التهدئة، مثلما فعل نائب رئيس الأركان موشيه كابلنسكي قبل بضعة أسابيع. أما داخل الغرفة، فالفزع.
يمكن أن نفترض أن السوريين لم يختلقوا الحدث. ويمكن القول إنهم لو كانوا يختلقونه، لكانت إسرائيل كلفت نفسها عناء النفي. لكن إسرائيل تصمت، مثل الولايات المتحدة. من المحظور نسيان أنه في الحرب الأخيرة أراد الأميركيون أن نهاجم سوريا. وكذلك الفرنسيون. الجميع أرادوا أن نهاجم سوريا، لكننا لن نهاجمها. فما الفرق بين اليوم وآنذاك؟
كيف، بحق السماء، وصلنا إلى هذا الوضع؟ كيف نجحنا في الوصول إليه بعدما كان (الرئيس السوري بشار) الأسد قبل سنوات معدودة مستعداً لأن يأتي إلى القدس ولاستئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة ونقل الرسائل الأكثر تصالحاً والأكثر اعتدالاً التي سبق أن تنقلت بين دمشق والقدس على. كيف نشأت هذه الوضعية التي يكف فيها المزيد والمزيد من الناس عن السؤال عمّا إذا ستندلع حرب بين إسرائيل وسوريا؟ ويسألون متى؟ لماذا لا نتعلم نحن الدرس قبل الصدمة؟ من سيقف على رأس لجنة التحقيق؟ من سيرد على كل هذه الأسئلة، ومتى؟