«بتفهّمكم نستمر»، شعار افتتحت به «الشركة العامة للاتصالات» قرارها برفع أسعار الاتصالات للخطوط الخلوية، بدءاً من اليوم. ويقضي القرار الجديد برفع سعر المكالمة للدقيقة الواحدة للخطوط اللاحقة الدفع من خلوي إلى آخر لتصبح 6.5 ليرات، بعد أن كانت 5 ليرات، وليصبح سعر الدقيقة من خلوي إلى أرضي 9.5 ليرات، في حين تغيّر سعر المكالمة للدقيقة الواحدة للخطوط المسبقة الدفع من 7.5 ليرات ليصبح 9.5 ليرات بين خلوي وآخر، ولتصبح 12 ليرة من خلوي إلى أرضي، حسب القرار.
وافترضت «الشركة العامة»، كما أوضحت في قرارها، تفهّم المواطنين لزيادة الأسعار الأخيرة، وهي فرضية لم تتحقق، إذ سادت الشارع السوري صيحات الاستنكار ضد القرار، باعتبار قطاع الاتصالات هو القطاع الأكثر ربحاً بين القطاعات الحكومية. مواطنون رفعوا أصواتهم عالياً برفض القرار، داعين إلى حملات مقاطعة لشركتي الخلوي الوحيدتين في سوريا، سيريتل وMTN، في اليوم المحدد لبدء التعامل وفق التسعيرة الجديدة.
وزير الاتصالات محمد الجلالي طلع على المواطنين، في تصريحات لوسائل إعلام محلية عقب صدور القرار، بالقول: «معدل الزيادة على أجور الاتصالات لن يكون ذا تأثير ملموس على المواطن»، مؤكداً أن معدّل الزيادة الأخيرة الحقيقية تقل عن 20%. ومن اللافت في حديث الجلالي دفاعه عن وضع شركتي الخلوي، مثار جدل المواطنين السوريين منذ إنشائهما، إذ قال: «تعرضت شركتا الخلوي لتخريب بمليارات الليرات، إضافة إلى اعتمادهما على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، في فترات انقطاع التيار الكهربائي، ورفعهما كتلة الأجور والرواتب، حفاظاً على الكوادر المؤهلة، وارتفاع كلفة المواد المستوردة، نظراً إلى تقلب أسعار الصرف».
ورغم تراجع الدخل الفردي للمواطن السوري، وفقدان ما يصل إلى 2.9 مليون شخص لمصدر رزقهم منذ بداية الأزمة إلى نهاية عام 2014 وارتفاع معدل الفقر إلى مستويات كبيرة، تشير البيانات المالية لشركتي الخلوي إلى محافظة إيراداتهما على مستواها السابق وزيادتها، وإن بشكل بسيط. فمثلاً، بلغت إيرادات شركة «سيرياتل» خلال النصف الأول من العام الماضي نحو 34.172 مليار ليرة (مقابل 26.288 مليار ليرة خلال الفترة نفسها من عام 2013) محققة بذلك ربحاً صافياً قدره 6.796 مليارات ليرة، وبزيادة كبيرة عن العام السابق. أما شركة MTN فإن إيراداتها خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي بلغت نحو 39.781 مليار ليرة (مقارنة بنحو 30.868 مليار ليرة من الفترة نفسها من عام 2013)، ولتحقق أيضاً ربحاً صافياً قدره 2.682 مليار ليرة، لكن بتراجع بسيط عن العام الذي قبله.

«الطفرانين»... لا يتفهّمون!

حملة المقاطعة تقضي بإغلاق الهواتف الخلوية، في الأول من نيسان، أو وقف المكالمات الصادرة والواردة خلال 24 ساعة، ما يعني خسائر مالية متوقعة للشركتين الخاصتين، أملاً في تخفيض الأسعار مجدداً. وباعتبار الشركتين الخلويتين مثار سخط السوريين، أساساً، بسبب سوء الخدمات، وضعف التغطية في معظم المناطق، ولا سيما بالتزامن مع فترة التقنين الكهربائي، فإن الكثير من السوريين رفضوا «تفهّم» سبب زيادة الأسعار غير المستحقة.
ويذكر همام يوسف، منظّم حملة مقاطعة شركتي الخلوي عبر مواقع التواصل الاجتماعي»، أن «لا غاية من زيادة أسعار الاتصالات الخلوية سوى زيادة الربح، والهدف من المقاطعة ليس إلا الوقوف في وجه من يستغل حاجة الناس». وبحسب يوسف، فإن الإقبال على حملة المقاطعة كان سريعاً، إذ وصل عدد المشتركين في حملته وحدها، خلال أيام، إلى ما يزيد على 15 ألف مشترك. وعلّق يوسف على كلام وزير الاتصالات بقوله: «عن أي تحسين خدمات يتحدث؟ الخدمات سيّئة منذ البداية، وهي تزداد سوءاً، سواء كنا نتحدث عن جودة الاتصالات أو الإنترنت». لا كلام إضافياً لدى وزير الاتصالات في التعليق على حملات المقاطعة، إذ إن «الأخبار» حاولت الاتصال بمكتبه، من دون جدوى. ناشطون عديدون أنشأوا حملات مقاطعة جديدة، مع توحيد تاريخ المقاطعة بين جميع الحملات، بهدف تحقيق جدوى من الجهود المبذولة لإقناع الشارع برفض القرار. حملة أُخرى نظّمها «الشباب اليساري السوري»، حملت عنوان «لأنو طفرانين... رح نقاطع»، ضمّت آلافاً أيضاً. وينتظر إعلان خسائر بملايين الليرات، في حال تنفيذ المقاطعة ضمن شرائح واسعة، ما يوضح لوزارة الاتصالات، بالأرقام، عدم تفهّم المواطنين لقرارها الأخير. يأتي ذلك في ظل خشية بعض المشاركين من عدم تنفيذ المقاطعة على نطاق واسع، باعتبار الخيارات البديلة في التواصل معدومة. وتمنى بعضهم ساخرين أن تعلن «الشركة العامة للاتصالات» تراجعها عن قرارها، تحت أي مخرج كان، حتى ولو كان الأمر عبارة من مزحة بين الحكومة والشعب تندرج تحت مسمى: كذبة أول من نيسان.