أبقت إسرائيل على التعتيم الإعلامي حول الاعتداء الذي نفذته في الأراضي السورية الخميس الماضي، الأمر الذي فتح باب التكهنات على مصراعيه أمام العديد من وسائل الإعلام المحلية والعالمية، عن هدفه الحقيقي، وتمحورت حول ثلاثة أهداف هي مخاوف إسرائيلية من سعي دمشق إلى امتلاك أسلحة نووية أو اختبار الدفاعات الجوية الجديدة لسوريا أو منع وصول الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله في لبنان، حسبما ذكرت شبكة «سي أن أن» أول من أمس، وهو ما نفته مصادر سورية أمس.وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس أن إسرائيل قامت في الآونة الأخيرة بطلعات جوية استطلاعية فوق سوريا والتقطت صوراً لما يحتمل أن يكون منشآت نووية، يعتقد مسؤولون إسرائيليون أنها قد تكون جهّزت بمعدّات من كوريا الشمالية. وكتبت أن مسؤولاً في الإدارة الأميركية ومسؤولين إسرائيليين يعتقدون أن كوريا الشمالية قد تكون ترسل بعض معداتها النووية إلى سوريا.
وأبلغ مصدر أميركي مسؤول وكالة «رويترز» أن لدى واشنطن مخاوف من أن تكون كوريا الشمالية قد خبّأت بعض منشآت تخصيب اليورانيوم في الخارج. إلا أن دبلوماسيين كبيرين مقربين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا أكدا أنهما لم يسمعا بأي شكوك جادة عن صلات نووية بين سوريا وكوريا الشمالية.
وقال مسؤول استخبارات أميركي سابق «أنه مقتنع بتصريحات سابقة لدبلوماسيين غربيين في دمشق خلصت ألى أن الغارة هدفها اختبار الدفاعات الجوية السورية، وما اذا كانت قد تحسّنت بعد شراء معدات جديدة من روسيا».
أمّا صحيفة «الصنارة» الأسبوعية، التي تصدر في مدينة الناصرة، فأشارت إلى أن هدف الطيران الحربي الإسرائيلي كان قاعدة صواريخ إيرانية ـــــ سورية مشتركة وأنه على ما يبدو قد تم تدميرها كلياً. ونقلت عن مصدر إسرائيلي، رفض الإفصاح عن اسمه، قوله إن «الحديث يدور عن قاعدة صواريخ سورية ـــــ إيرانية، وإيران هي التي تمول القاعدة».
وفي الكويت، نقلت صحيفة «الجريدة» عن «مصادر مطّلعة» قولها إن اسرائيل هاجمت قواعد سورية شمال الدولة، وصفتها بأنها «ذات حساسية استراتيجية عليا وخاصة»، تتضمّن قاعدة للإنذار المبكر وعدداً من منصات إطلاق الصواريخ المتطورة البعيدة المدى وصلت من إيران براً.
إلا أن وكالة «فارس» الإيرانية نقلت أمس عن مصدر سوري مطلّع نفيه أن تكون الطائرات الإسرائيلية قد استهدفت شاحنة محمّلة بالأسلحة متوجهّة إلى لبنان عبر سوريا. وقال «إن هذا الكلام عار من الصحة وسخيف ومفبرك ويهدف إلى التضليل عن أهداف هذا العمل العدواني الخطير والاستفادة منه في الساحة اللبنانية أو ضدّ إيران».
وأشار المصدر نفسه إلى أن «تفاصيل التسلل الإسرائيلي واضطرار الطائرات إلى رمي خزانات وقودها وذخائرها بسبب تصدي الدفاعات الجوي السوري يؤكّد سخف الادعاء الإسرائيلي». وتساءل «لماذا تكتفي إسرائيل بالتسريبات وتستمر بالتعتيم على أهداف هذا العدوان الخطير ولا تعلن حقيقة ما جرى ببيان رسمي؟». وتساءل أيضاً «من أين هذه الشاحنة وإلى أين تتجه والاختراق الإسرائيلي حصل من الشمال وعلى الحدود مع تركيا؟».
وفيما رفض متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية مجدداً التعليق على الغارة، تفرّد الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بتصريح عن هذا الموضوع من دون أن يقدّم أي تفاصيل عن العملية.
وقال بيريز، للإذاعة الاسرائيلية العامة، إن «المشكلة في هذه القضية ليس السرية بل اقتراح إسرائيل إجراء مفاوضات مباشرة مع سوريا وهذه الرسالة لم تتغير خلال الأسبوع». وحذّر من «أن المشكلة الرئيسية مع سوريا هي لبنان. علينا أن نعرف ما إذا كان لبنان سيكون لبنانياً أم إيرانياً. يدعم السوريون حزب الله ويمدونه بالأسلحة. وما داموا مستمرين على هذا النهج، فستسود أجواء من التوتر».
من جهته، قال وزير الخارجية السابق سيلفان شالوم، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إن «على سوريا استخلاص الدروس من الماضي وتغيير موقفها لتجنب سقوطها بأيدي إيران».
ويبدو أن التعتيم سحب نفسه أيضاً على المسؤولين الأوروبيين، حيث أكد وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، للصحافيين بعدما أنهى زيارة لإسرائيل، أنه حاول الحصول من محاوريه الإسرائيليين على مزيد من المعلومات «لكنه لم ينجح» في مسعاه.
في هذا الوقت، جدّد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري التحذير من عواقب وخيمة إذا ما استمر مجلس الأمن الدولي في التغاضي عن الانتهاكات الإسرائيلية. وقال، لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أمس، «تقدمنا برسالتين متطابقتين إلى كل من الأمين العام بان كي مون ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر لإحاطتهما بتفاصيل العدوان الإسرائيلي على سيادتنا وعلى أجوائنا ووضعناهما بصورة ما حدث وطلبنا تعميم الرسالة كوثيقة رسمية على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن». وأضاف «نقلنا في الرسالة تحذيراً إلى إسرائيل من مغبة العمل الذي قامت به وحمّلناها مسؤوليته ومسؤولية عواقبه».
(الأخبار، ا ف ب، رويترز، يو بي آي، د ب ا)