strong>علي حيدر
انتقل التناول الإسرائيلي للعملية الجوية التي نفذها الطيران الإسرائيلي في سوريا الأسبوع الماضي إلى مرحلة الكشف عن خطورة الحدث بوصفه أنه سيرسم معالم الوضع في المنطقة خلال السنة المقبلة، ومحاولة تقدير تداعياته ومحاولة استقراء رد الفعل السوري الذي يؤكد الجيش الإسرائيلي أنه لا مفر منه رغم استبعاده نشوب حرب بين الدولتين

رغم عدم اعتراف إسرائيل رسمياً بالغارة التي شنتها طائراتها على سوريا الأسبوع الماضي، كشف المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس» عاموس هرئيل أمس عن أن «الكثير» مما سيحدد إذا ما كانت السنة المقبلة ستكون أفضل من سابقتها «معلقاً على ما يبدو على انعكاسات» العملية الجوية التي «سيكون لها انعكاسات عميقة على إسرائيل ومحيطها القريب».
وتعبيراً عن خطورة الحدث، أوضح هرئيل أن «التقارير الغامضة الواردة في وسائل الإعلام ليست نابعة فقط من التعتيم الرقابي. بل إن المستوى السياسي فرض على نفسه الصمت». وأضاف أنه طُرحت في وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال الأسبوع الجاري الكثير من التخمينات «فوَّت بعضها جوهر القصة» وأن «وسائل الإعلام الدولية استيقظت متأخرة».
وأورد هرئيل، في مقالته التي حملت عنوان «توقعوا ضربة» من سوريا، تقدير الجيش الإسرائيلي في هذا المجال، وهو أن «سوريا ستجد صعوبة في ضبط نفسها، وخاصة أن الرئيس (السوري بشار) الأسد وصف الزعماء العرب بأنصاف الرجال... من دون أن يعني ذلك أن الحرب على الأبواب». وأضاف أنه «كلما مر الوقت، تراجع احتمال فتح سوريا للحرب»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن عسكر إسرائيل يؤكدون «أنه سيكون هناك في نهاية المطاف رد سوري، وسيأتي من حيث لا يُتوقع».
وذكَّر هرئيل بأن «كل نجاح عملياتي، دفعت إسرائيل في نهايته ثمناً معيناً: حرب يوم الغفران بعد حرب الأيام الستة، وقصف الصواريخ في حرب الخليج، بعد عقد من قصف المفاعل النووي العراقي»، مستنتجاً من ذلك أن «الحساب في هذه المرة أيضاً سيكون مفتوحاً».
ورغم أن هرئيل أكد أن «لدى دمشق خيارات متعددة»، إلا أنه أقر بوجود صعوبة في تخمين ماهيته، مشيراً إلى أنه في حال اعتراف السوريين بقصف إسرائيل لـ«منشأة استراتيجية، فهذه علامة مقلقة على أنهم يفكرون برد قاس».
وقال هرئيل إنه «كان في وسع سوريا، انطلاقاً من فرضية أنها لا تريد المواجهة مع إسرائيل، أن تمر على ما جرى مرور الكرام، أو ترد عليها بخطوة عسكرية متأخرة جداً، من دون أن تعلن عن ذلك مسبقاً». لكن الذي حصل أن القيادة السورية «قيدت نفسها» وسببت لنفسها «مشكلة كبيرة هي الحاجة، وإن لم يكن بالضرورة، إلى الرد في أقرب وقت ممكن، وفي وقت تكون إسرائيل مستعدة فيه أكثر من أي وقت مضى». وأضاف: «كيف سيفسرون في سوريا والعالم العربي، ضبط النفس السوري على العملية العدوانية من جانب إسرائيل إذا كان حزب الله قد واجهها بشرف؟». وخلص هرئيل إلى أن الأسد يقف الآن أمام «معضلة حقيقية»: فهو من جهة غير معني بالانجرار إلى حرب شاملة مع إسرائيل، ومن الصعب معرفة كيف ستنتهي عملية محدودة يقوم بها الجيش السوري في الجولان. ومن جهة أخرى، فإن الرد على إسرائيل عبر «مقاول فرعي لن تحقق له الصدى المرجو». وشكَّك هرئيل بإمكان تطوع حزب الله، «الأخطر من بين المنظمات»، للقيام بهذه المهمة نتيجة انهماكه بالساحة السياسية الداخلية في لبنان، وبانتخابات الرئاسة».
وحذَّر هرئيل، الذي أكد أن «الرئيس الأسد، قطعاً، لن يجلس هادئاً» إسرائيل من أن عليها أن تأخذ بالحسبان أن من يقف أمامها «خصم، لا يمكن اعتبار كل القرارات التي اتخذها في السنوات السبع الأخيرة منطقية». كذلك عليها عدم التورط في حرب مع سوريا باعتبار أنه «لا تزال هناك فجوات مقلقة في الجبهة الداخلية، وأن الإصلاحات التي نفذت فيها قليلة جداً». وشدد هرئيل على أن «من غير الواضح إن كان الجيش الإسرائيلي قادراً، في أي سيناريو، على الحسم عبر القوات البرية وعلى معالجة الصواريخ والقاذفات التي تهدد الجبهة الداخلية بصورة متوازية في آن معاً» في أي حرب يشنها على سوريا.
وفي السياق، استبعد هرئيل أن يكون الهجوم الصاروخي، الذي نفذته المقاومة الفلسطينية ضد قاعدة زيكيم وأدى إلى سقوط عشرات الجرحى من الجنود الاسرائيليين، رداً سورياً على الغارة الإسرائيلية. وقال إن الهجوم الفلسطيني «خطوة صغيرة جداً في ما ستحاول سوريا نزع روح إسرائيل» التي أوضح أنها لن ترد، للأسباب نفسها تقريباً، على عملية زيكيم، عبر عملية عسكرية كبيرة في القطاع. وأوضح أنه «ما دامت العيون متجهة نحو الشمال، فإن الجيش الإسرائيلي يفضل ألا يتورط في جبهتين».
ووسَّع هرئيل من دائرة الأبعاد الكامنة وراء العملية الجوية الإسرائيلية على سوريا بالقول إن «كل ذلك يتعلق بشكل غير مباشر بإيران». وقال إنه «ينبغي للإيرانيين أن يكونوا قلقين لأن ما جرى قد يكون مقدمة لعملية أوسع بعشرات الأضعاف تأتي في سياق هجوم أميركي على إيران». وقدر أنه إذا اختار الرئيس الأميركي جورج بوش أن «يترك بصمته في المنطقة من خلال مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، فيبدو أنه سيفعل ذلك مع بداية صيف عام 2008»، مشيراً إلى أن «التحدي القائم حالياً مرتبط تحديداً بما سيمليه ضمير بوش أو كاهنه» في إشارة إلى البعد الديني في قراراته.