حيفا ـ فراس خطيب
«المــوساد» تبعهــا إلـى الدار الــبيضاء وألــصق علــيها جهــاز رصد لكــنّ شاميــر ألــغى العملــية


في ظلّ الأجواء «الحربية» التي تسود بين إسرائيل وسوريا منذ الأسبوع الماضي، ووسط المعلومات التي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أمس عن أنّ المقاتلات الإسرائيلية استهدفت منشآت نووية سورية مصدرها كوري شمالي، نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلة أمس مقتطفات من كتاب تستعدّ إحدى دور النشر لطبعه قريباً تحت عنوان «المتطوّع: سيرة ذاتية لعميل موساد»، يروي قصّة عمليّة استخبارية إسرائيلية، يُكشف النقاب عنها للمرة الأولى، عن محاولة تعطيل صفقة سلاح كورية ـــــ سورية في عام 1991.
ويدّعي الكتاب بأنّ جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد)، بعث عميلين إلى مدينة الدار البيضاء المغربية لإتمام مهمة إغراق سفينة كانت تقلّ على متنها صواريخ «سكاد سي» من كوريا الشمالية إلى سوريا. وبحسب الكتاب، وهو عبارة عن مذكّرات العميلين السابقين في «الموساد» مايكل روس وجونتان كي، فإنّ الرجلين أنهيا كلّ التحضيرات لتنفيذ المهمّة السرية، إلا أنَّ رئيس الحكومة الإسرائيلية إسحاق شامير أمر بإلغائها في اللحظة الأخيرة.
ويشير الكتاب إلى أن محاولات السوريين للتسلّح بالصواريخ الباليستية توقّفت مع نهاية ثمانينيات القرن الماضي، في أعقاب القيود التي وضعها اتفاق «منع انتشار السلاح النووي»، حيث مُنع الاتحاد السوفياتي في حينه من بيع دمشق صواريخ من طراز «إس إس 23»، ما دفع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد للتوجه إلى كوريا الشمالية طلباً لصواريخ بديلة من طراز «سكاد سي» التي تُزوّد بالوقود السائل.
ويشير المؤلَّف إلى أنّ العلامة الأولى للتعاون بين البلدين، برزت أثناء زيارة رئيس حكومة كوريا الشمالية يي تشونغ أوك في ربيع 1990 إلى سوريا، «عندما تمّ توقيع اتفاق بيع الصواريخ الكورية إلى سوريا، والذي لم يغب عن عيون إسرائيل»، بحيث إنّ الكوريين حينها، «لم تكن لديهم مشكلة مع إسرائيل، وكان همّهم ينحصر بالحصول على الأموال الضرورية لإنهاء العزلة الدولية التي كانت مفروضة من قبل الغرب عليهم».
وكان على شحنة الصواريخ أن تنطلق من كوريا الشمالية في كانون الثاني عام 1991 على متن سفينة «اليرموك»، التي كانت تمتلكها كل من سوريا والأردن. وفي هذا السياق، تؤكّد الاستخبارات الإسرائيلية أنه كان على متن السفينة 24 صاروخ «سكاد سي»، بالإضافة إلى 20 منصّة إطلاق صواريخ. وكان على السفينة أن تبحر إلى ميناء اللاذقية السوري عن طريق قناة السويس تحت رقابة الموساد الإسرائيلي «بانتباه شديد».
وبعد أن عرف كل من روس وكي التفاصيل عن السفينة من ضابط في تل أبيب أُطلق عليه اسم وهمي (كرواك)، زوّدهما بالخرائط والصور الجوية للسفينة. حُدِّدت المهمة بإيجاد الهدف في ميناء الدار البيضاء وتركيب جهاز الرصد في قاع السفينة المطلوبة.
ويشير الكتاب إلى أنّ هذه المهمة كانت صعبة للغاية بالنسبة لهما، لأنّ ذلك تطلّب أوّلاً الدخول إلى المغرب، ومن ثم إيجاد السفينة وإلصاق جهاز الرصد. إلاّ أنّهما تغلّبا على هذه الصعوبات ودخلا إلى المملكة، ونسّقا المهمّة مع رجل أعمال (لم يُكشف عن هويته) صاحب شركة للنقل البحري.
ويقول المؤلّفان إنهما استطاعا ربط الجهاز في قاع السفينة، وبعدها، أبلغ العميلان قيادة «الموساد» بأن المهمّة أُنجزت. وفي اليوم التالي، سافر الاثنان إلى فرنسا، حيث أُبلغا بعد نحو أسبوع بأن إغراق السفينة قد أُلغي. ويقول روس وكي إنهما عندما سألا عن سبب القرار، قيل لهما إن رئيس الحكومة إسحاق شامير هو من اتّخذ القرار المذكور، خوفاً من أن تعدّ دمشق الخطوة «عملاً حربياً»، وخصوصاً أن حرب العراق لم تكن قد انتهت بعد، ولأنّ شامير لم يكن مستعدّاً حينها لـ«المخاطرة وإغضاب المسؤولين الأميركيين».