strong>يحيى دبوق
الجيــش الإسرائيلي سعى إلى عــرض عسكـري في المدينــة خــلال العــدوان رداً على خطــاب «بيــت العنكبــوت»

كشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أمس تفاصيل جديدة عن محاولة لرفع العلم الإسرائيلي في مدينة بنت جبيل وتصويره، خلال الحرب الأخيرة على لبنان في تموز 2006، مشيرة إلى أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، دان حالوتس، أصرّ على التقاط صور «الانتصار» من المدينة، حيث كان مقرراً أن يستعرض الجيش رتلاً من المدرعات، رداً على خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في عام 2000، والمسمّى خطاب «بيت العنكبوت»، الذي سخر فيه من إسرائيل.
وكتب معلق الشؤون العسكرية في الصحيفة، عامير ربابورت، أن «رئيس أركان الجيش الإسرائيلي دان حالوتس أعطى الأمر في الأسبوع الأخير من الحرب، لإكمال احتلال بنت جبيل، في المرحلة نفسها التي تكبّد فيها الجيش خسائر جسيمة في الأرواح لدى محاولاته التقدم لاحتلال المدينة»، مضيفاً أن «هيئة الأركان كانت مصرّة على تحطيم رمزية بنت جبيل. والدافع الرئيسي وراء ذلك، هو خطاب بيت العنكبوت للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله قبل ست سنوات، والذي سخر فيه من تماسك المجتمع الإسرائيلي».
وأشار تقرير ربابورت إلى أن الجيش الإسرائيلي أراد تصوير انتصاره في حرب لبنان الثانية، من أجل أن يظهر للعالم مدى قوته، «لكن الخطط الكبرى نفذت، ودفع الجيش ثمناً باهظاً من دماء جنوده، بعد المعارك القاسية وانسحاب (لواء) المظليين من المدينة».
وفي تفاصيل المحاولة الإسرائيلية لرفع العلم والتقاط الصورة، أشار ربابورت، نقلاً عن شهادات لجنود إسرائيليين، إلى أنه «على نحو غير متوقع، تلقّى مسؤولو لواء المظليين أمراً باحتلال بنت جبيل، في حين أنهم كانوا في موقع بعيد يقع إلى الشمال من المدينة، فطُلب منهم العودة إلى الوراء من أجل التقاط صورة رمزية، شبيهة بصورة هبوط المظليين الأميركيين الذين رفعوا العلم على قمة جبل سوربيتشي، خلال الحرب العالمية الثانية».
ويشير ربابورت إلى أنه في موازاة رفع العلم بالقرب من المكان الذي ألقى فيه نصر الله خطابه، «خطط الجيش الإسرائيلي لمسيرة انتصار في المدينة، على أن يستعرض خلالها رتل من الدبابات والمدرعات، كان من المفترض أن يتحرك في الشارع الرئيسي في القسم الشمالي من المدينة، حيث كان مقر قيادة اللواء الغربي لوحدة الارتباط والتنسيق (الإسرائيلية) في لبنان حتى عام 2000».
وتابع التقرير أنه بالإضافة إلى مسيرة الانتصار، «قرر الجيش الإسرائيلي أن يلقي قائد لواء المظليين العقيد حغاي مردخاي، خطاب الانتصار في المدينة من أجل تفنيد ادّعاءات نصر الله بخصوص ضعف المجتمع الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن «مردخاي صُدم عندما سمع من ضابط التثقيف التابع للواء أنها تلقّت من القيادة العليا نسخة من الخطاب المفترض أن يلقيه»، علماً بأنه جرى تزويد الجنود «بكاميرات فيديو وكاميرات عادية من أجل توثيق الخطاب التاريخي، وتصوير عملية رفع العلم» الإسرائيلي.
ورغم أن قائد المظليين لم يتحمس لفكرة رفع العلم وإلقاء خطاب في بنت جبيل، إلا أنه كان مضطراً لإدخال جنوده إلى المدينة. «وفي السابع من آب، أي قبل يوم واحد من الموعد المقرر، طُلب من الفرقة 91 التي عمل في إطارها لواء المظليين، إكمال احتلال بنت جبيل، لكن كان واضحاً أن عناصر حزب الله لا ينوون إلقاء السلاح، إذ قتل في اليوم نفسه ثلاثة جنود من المظليين».
ويشير التقرير إلى أن «شيئاً ما عرقل تنفيذ العملية، كما حصل أكثر من مرة خلال الحرب، إذ أصيب أحد الجنود، ومن لحظة إصابته، بدأت معركة بطولية كان كل هدفها العمل على إنقاذه من داخل منطقة الاشتباك، لكن أحد الجنود من سرية الهندسة قتل خلال ذلك، بعدما أصيب بنيران أصحابه عن طريق الخطأ».
أما المهمة الأساسية، والمتمثلة برفع العلم في بنت جبيل وتصويرها كانتصار، «فلم يجر التخلي عنها، وكُلّفت الكتيبة 890 التابعة للواء المظليين بها، وقام عدد من المقاتلين والقادة التابعين للكتيبة بالصعود إلى أحد المباني الواقعة في المدينة، لكن المبنى لم يكن المبنى الأساسي المفترض أن يرفع العلم فوقه كما هو مقرر، واتضح بعد الحرب أن المظليين كانوا مكشوفين لنيران حزب الله في اللحظة التي كانوا فيها على السطح من أجل التصوير، ولحسن حظهم أنه لم تطلق عليهم النيران».
وأضاف رابابورت أن الجنود الإسرائيليين تمكّنوا من «رفع العلم وتصويره ونقل الصور من بنت جبيل إلى وحدة المتحدث باسم الجيش، لكن جرى إهمال الصور، ولم توزّع مطلقاً على وسائل الإعلام»، ناقلاً عن مصادر في الجيش قولها إن «السبب يعود إلى النوعية الرديئة للصور التي التقطها جنود ليست لديهم خبرة في التصوير». غير أنه شدد على أن السبب الأساسي لعدم نشرها يكمن في أن «صور الانتصار التي كانوا يرغبون في إظهارها، لم تكن واقعية، لأن المظليين كانوا (في تلك الأثناء) في طريقهم للخروج من بنت جبيل، من دون أن يحطموا أي رمز» تمثله المدينة.
يذكر أن تقارير إعلامية إسرائيلية نشرت قبل أشهر شهادات لعدد من الجنود الإسرائيليين، ممن شاركوا في معارك بنت جبيل، كانوا قد أدلوا بها أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، أشاروا فيها إلى أنه جرى تكليفهم رفع العلم الإسرائيلي فوق سطح أحد المباني في المدينة، والتقاط صور لهم من أجل أهداف دعائية بحتة، مؤكدين أن ثلاثة جنود إسرائيليين سقطوا بنيران حزب الله فوق أحد المباني لدى محاولة رفع العلم وتصويره، كما سقط عدد آخر من الجنود لدى محاولة المدرعات الإسرائيلية سحب الجثث من أرض المعركة.

تلقّى مسؤولو لواء المظليين أمراً باحتلال بنت جبيل، في حين أنهم كانوا في موقع بعيد يقع إلى الشمال من المدينة، فطُلب منهم العودة إلى الوراء من أجل التقاط صورة رمزية شبيهة بصورة هبوط المظليين الأميركيين الذين رفعوا العلم على قمة جبل سوربيتشي، خلال الحرب العالمية الثانية