حيفا ــ فراس خطيب
«الــموساد» يطالــب بــاستجوابه بعــدمــا مثّلــت معلــوماته «صدمــة» للاستخبــارات الإسرائيــلية


أحبطت معلومات وصلت إلى إسرائيل من الولايات المتحدة وهم الاستخبارات الإسرائيلية بوجود الطيار المفقود رون أراد في إيران، أو بعلم طهران بمكان احتجازه، بعدما فقد في لبنان عام 1986.
وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في ملحقها الأسبوعي الذي يصدر اليوم الجمعة،
عن «معلومات مفاجئة» من التحقيق الأميركي مع الجنرال الإيراني علي رضا أصغري في تشكك بوجود الطيّار الاسرائيلي في إيران، وعن أن اصغري، الشخص الذي يعتقد الاسرائيليون بأنه الأكثر معرفة بقضية رون أراد، «لا يعرف شيئاً أكثر من المعلومات المتوافرة».
وأشارت الصحيفة إلى أن المعلومات مثّلت صدمة للاستخبارات الإسرائيلية، التي كانت «تطرق الباب الخطأ».
مفتاح الحلّ
على مدى 20 عاماً كان الاسرائيليون، ولا يزالون، يلهثون وراء معلومات عن مصير الطيّار الاسرائيلي. ومع مرور كل عام، تزداد التعقيدات الى حد انقسام الاستخبارات الاسرائيلية حول سؤال ما إذا كان الطيّار الاسرائيلي بأيدي الإيرانيين أم لا.
الغالبية في جهاز الاستخبارات اعتقدت بأنَّ أراد في ايران، وتحولت هذه الفرضية إلى «حقيقة». في المقابل، كان هناك من خمَّن بأنَّ أراد «مات في لبنان أو نقل إلى سوريا».
المؤيدون لفرضية وجود أراد بأيدٍ إيرانية، اتفقوا على أنَّ مفتاح حل هذه القضية، هو الجنرال الإيراني علي رضا أصغري، الذي يعتقد أنه فرّ من ايران الى الولايات المتحدة.
ويعتقد الإسرائيليون أن أصغري حصل على أراد من الشيخ مصطفى الديراني ونقله إلى إيران عن طريق سوريا، ليحتجز على أيدي رجال تحت رقابة أصغري نفسه.
وتشير «يديعوت أحرونوت»، على لسان محللها للشؤون الاستخبارية رونين برغمان، إلى أنه في أعقاب طلب إسرائيلي واضح من الأميركيين، سئل أصغري اثناء التحقيق معه في الولايات المتحدة عن موضوع رون أراد، فأجاب أنه لا يعرف شيئاً جديداً عن هذه القضية، و«لم يكن في يوم شريكاً».
وكشفت الصحيفة عن أن إجابة أصغري «أحدثت هزة في جهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية». وقالت «من الممكن أن كل الجهود الاستخبارية التي بذلتها اسرائيل على مدى 15 عاماً، المعتقدة أن اراد موجود في ايران، ذهبت سدى، وأن دولة اسرائيل طرقت الباب الخطأ».
ويذكر أن أصغري، بحسب «يديعوت أحرونوت»، أنهى عمله قائداً لحرس الثورة الايرانية في عام 1993 في لبنان، وعُيّن نائباً لوزير شؤون الاستخبارات في إيران. شغل منصب نائب وزير الدفاع الايراني ومستشاراً للرئيس الايراني السابق محمد خاتمي. وأقيل من منصبه على أيدي الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد. وفي شباط 2007 سافر أصغري الى اسطنبول في تركيا، حيث فُقد أثره. ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن «مسؤولين اميركيين» قولهم إن الجنرال الايراني موجود الآن في الولايات المتحدة. وأضافت أن أصغري زوَّد الاميركيين معلومات عن مسارٍ سرّي للمشروع النووي الإيراني.
مراقبون لبنانيون
«المعلومات الجديدة» عن أراد، تقوّي الاطراف الاستخبارية التي ادعت على مدى سنوات أنَّ فرضية وجوده في ايران مشكوك بها، وخصوصاً انه كانت هناك مصادر منذ البداية تشير إلى أنَّ رون أراد ليس في ايران بل في مكان آخر.
ويعتقد رامي أيغرا، الذي أدار شؤون الأسرى والمفقودين في سنوات التسعين في «الموساد»، أنَّ أصغري «كان المصمم الاعلى للإرهاب الشيعي هناك (لبنان)»، مضيفاً «اذا كان أصغري لا يعرف شيئاً عن أراد، فلا دخل للايرانيين في هذه القضية». وافترض أنه «لا يعقل بعد المجهود الاستخباري والمادي الذي انفقته اسرائيل ألا تنجح في جلب معلومة ايجابية وجدية واحدة عن أراد سوى أنه في إيران».
وعلى الرغم من المعلومات التي وصلت من الولايات المتحدة، فإن هناك مسؤولين في جهاز الاستخبارات العسكرية لا يزالون يعتقدون بأنَّ أراد في ايران. وأوضح مسؤول في جهاز الاستخبارات للصحيفة، أنَّ من بين الإمكانات الثلاثة، ايران سوريا ولبنان، تشير أكثر الاحتمالات الى وجود أراد في ايران. وقال «في ايدي الاستخبارات الاسرائيلية معلومات تثبت ابرام صفقة لبيع رون أراد من الديراني الى حرس الثورة الايرانية»، مشيراً إلى أنَّ «الإيرانيين أذكياء». وفي يوم نقل أراد، «لم يصل قادة من حرس الثورة لتسلّمه فيما وصل مراقبون لبنانيون».
وأضاف المسؤول نفسه «ان المحققين الاميركيين هناك لديهم سلّم أولويات خاص بهم، أراد ليس في أوله»، مضيفاً أنه «إذا لم يتحدث الاسرائيليون بأنفسهم مع اصغري، فلن يعرفوا بالضبط ماذا يعرف»، معرباً عن أمله أن يسمح الاميركيون للإسرائيليين بمقابلة أصغري.
اختطاف ديراني
ويشير رونين برغمان إلى أنَّ الاستخبارات الاسرائيلية تتأقلم مع واقع مألوف كان مع بداية سنوات التسعينيات حين اعتقدت أن اختطاف الديراني من لبنان سيحل لغز رون أراد. إلا أنّ هذا لم يساعد.
وسعى «الموساد» بالتعاون مع الأجهزة الاستخبارية الاخرى لحل قضية «حرارة الجسد»، الاسم الذي اطلق على قضية رون أراد. وقد خططت عملية لاختطاف الديراني، على مدى ستة اشهر، جمعت خلالها معلومات استخبارية عن طريق الوحدة 504 العاملة في لبنان، وكذلك الوحدة 8200 التي عملت على التنصت على المكالمات لمعرفة مكان الديراني.
سمي الديراني على ايدي الاسرائيليين بـ «لدغة سامة»، وجمعت الاستخبارات معلوماتٍ كثيرةً عن عاداته اليومية، وكيف يقضي يومه، وصولاً الى لون الشبابيك في بيته، وملفه الطبي الشخصي في المستشفى الاميركي في بيروت.
وكتب رئيس شعبة الاستخبارات في حينه أوري ساغي، في كتابه «ضوء في الغبار»، «كنا نعرف جيداً أننا بذلنا أقصى الجهود في جمعنا المعلومات الاستخبارية، لكن، وقف امامنا السؤال الاساسي: هل إحضار ديراني سيزودنا بالمعلومات عن مكان رون أراد؟ في نهاية الأمر، تفوّق التوجه الذي أيدناه أنا وإيهود باراك (قائد الأركان)، الذي ادعى أن الديراني مستعدّ لأن يسدّ لنا فجوة استخبارية كبيرة نحتاج إلى سدّها في جهودنا لإعادة الطيار رون أراد».
في ليلة 21 أيار من عام 1994، تجهزت قوة من سرية هيئة الأركان (سييرت متكال) وهي الأكثر نخبوية في الجيش الاسرائيلي. وبحسب رواية «يديعوت أحرونوت» دخل الجنود إلى بيت الديراني خفية، وأيقظوه وضربوه بسلاح احد الجنود عندما حاول المقاومة. وضعوه على حمّالة وكموا فاه. قاوم الديراني الى حين وقع عن الحمالة على رأسه، فانتبه حراسه، الذين اطلقوا النار باتجاه الاسرائيليين وأصابوا أحد قادة الوحدة. إلا انَّ عملية الاختطاف تمّت.
بعد ثلاثة أشهر من التحقيق مع الديراني، تعرض في خلالها لوسائل تعذيب شتى، لم يتمكن الاسرائيليون من الحصول على معلومات يستثمرونها. وشعر المحققون، بحسب الصحيفة، بأنهم «متقوقعون» ولا يتقدمون.
نُقل الديراني من بعدها إلى «أبو الشريف»، وهو المسؤول عن طاقم «جهاز فحص الكذب» التابع للشاباك. وبعد التحقيق معه، كتب «ابو الشريف» في توصياته: «الديراني إنسان هادئ الأعصاب، صاحب ذاكرة متقدة، لطيف، لا يتردد في قول الحقيقة حتى لو كان من الصعب سماعها».
بعد التحقيق والتعذيب اللذين تعرض لهما الديراني من دون أن يفصح عن شيء، اتّبع الاسرائيليون أسلوباً آخر معه في السجن. راقبوا الرسائل التي كتبها للشيخ عبد الكريم عبيد، الذي اختطفته اسرائيل في عام 1989 من بيته من لبنان. وعندما أزال الاسرائيليون ضغط التحقيق، سمح للديراني بأن يتجول في ساحة السجن، ولاحظ المحققون انه يخفي شيئاً تحت احدى الحجارة، تبين انها رسالة يبعثها للشيخ عبيد.
قرر المحققون عدم وقف الرسائل، فيما كانوا يصورونها ويعيدونها الى مكانها. لكن الديراني كان حذراً وتوقع ما يمكن ان يفعله الاسرائيليون، فكان يكتب بلغة الرموز. وأقرّ المحققون، بحسب الصحيفة نفسها، بأن هذه الطريقة ايضاً لم تجد نفعاً.
وكتب في خلاصة التحقيق «أن الديراني كان على علم بموضوع التحقيق وطرقه. ولهذا، تقدم ببطء، وفي كل مرة حرر معلومة بحذر، وجاء هذا فقط بعدما كشف المحققون له ما يعرفونه».
وعند انتهاء التحقيق معه، أجبرت الدولة على الاعتراف بأنّها لا تحتاج إلى الديراني للتحقيق، ولا للمحاكمة. إلا انَّها صممت على احتجازه بحجة أنه من الممكن أن يكون «ورقة مساومة» لتبادل الاسرى في موضوع رون أراد.
وادّعى محامي الديراني، تسفي ريش، في إحدى الجلسات السرية، «أن رون أراد نزل بمظلة في ارضه، وهو احتجزه، وأنا لا أعرف اذا كانت هذه جريمة. واذا كان مكتوباً أنه نقله، هذا ليس صحيحاً. كانت هناك مفاوضات بين عامي 1986و 1988 من أجل اعادة رون اراد الى اسرائيل. فشلت المفاوضات ولم يتفق الطرفان بسبب فارق عشرات الاسرى الذين لم ترغب اسرائيل بتحريرهم ولم يتم تحرير اراد. ومن بعدها اختطف اراد على ايدي الايرانيين، وبحسب معلوماتي هو عندهم. اذا كنتم تعتقدون بأنه (الديراني) قام بفعلة غير قانونية فحاكموه. وعندها سيكون ورقة مساومة محكوماً عليه. لكننا لا نحتاج إلى أن نأتي كل ثلاثة اشهر وأن نرى ما الجديد. لا شيء جديداً».

«معاريف»: طفرة بناء منازل عند الحدود مخاوف إسرائيلية من استخدام حزب الله لها

ذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أمس، أن الجيش الإسرائيلي يراقب أعمال بناء البيوت في جنوب لبنان، بمحاذاة الشريط الحدودي مع إسرائيل، وهو يخشى من أن يستخدمها حزب الله كمواقع عسكرية ومراقبة تحت غطاء أنها منازل لمدنيين لبنانيين.
وقالت الصحيفة إن عملية بناء مكثفة لمئات المباني المحاذية للسياج، بدأت تظهر في الأشهر الثلاثة الأخيرة. لكنها أقرّت بأن «هدف هذه المباني غير واضح»، مشيرةً إلى وجود مخاوف لدى الجيش من أن تكون هذه المنازل مواقع خفيّة لحزب الله. واستشهدت الصحيفة ببناء عشرات المباني والمصانع، خلال الأشهر الأخيرة، في القطاع السياجي المحاذي للمطلة، وبعضها في أماكن لم تكن مأهولة من قبل اللبنانيين.
ونقلت عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إنه «ما من شك في أن هناك وتيرة بناء عالية، وقد بدأ في الفترة الأخيرة ظهور عدد متزايد من المصانع التي يتم بناؤها بمحاذاة الحدود، لكن هذا لا يفسر شيئاً، ونحن نراقب هذه التطورات ولا نستخف بها».
ومما أثار الدهشة، بحسب «معاريف»، أن بعض المباني تم بناؤها في أمكنة قريبة من مصادر المياه في المطلة والغجر. وتم أيضاً «تشييد مبنى كبير، لم يعرف ما هو هدفه، على بعد كيلومترين من المنطقة المأهولة من كفركلا، وعلى بعد 300 متر فقط من الحدود مع إسرائيل».
ونقلت «معاريف» عن سلطات المياه الإسرائيلية قولها «نحن نشعر بأن استهلاك المياه في الأعلى (لبنان) يتزايد، وتجري برامج لاستغلال عالٍ لمصادر المياه، وإن هناك احتمالاً للمس بموضوع كميات وحتى بنوعية المياه التي تصل إلى إسرائيل».
كما نقلت الصحيفة عن رئيس اتحاد المزارعين دوبي أميتي قوله إن «هناك العديد من المباني التي يصعب اليوم معرفة نيات اللبنانيين منها، وهو ما قد يبدو تمويهاً لشيء ما، لكن شعوري الشخصي أن بعض المباني يستخدم كمصدر ضخ للمياه التي تصل من الحاصباني والوزاني».
وختمت الصحيفة أنه «في الوقت الذي يتروّى فيه الجيش من ربط طفرة البناء بحزب الله، فإن سكان المطلة القدماء الذين يعرفون جيرانهم لا يشكّون بذلك». ونقلت عن أحد المزارعين في المستوطنة قوله «ليس لديّ شك بأن الذراع الطويلة لحزب الله هي من تدفع سكان جنوب لبنان للبناء بالقرب من السياج»، مضيفاً «لقد حددنا لأنفسنا بألّا نسمح لأيّ أمر بأن يضرّ بعملنا وبروتين حياتنا القائم في الوقائع الجديدة منذ حرب لبنان الثانية».