strong>محمد بدير
يكاد القلق الإسرائيلي من احتمال اندلاع مواجهة مع سوريا يُخرج قادة تل أبيب عن طورهم في سعيهم إلى تهدئة روع دمشق بشتى الوسائل منعاً لحصول ما تسميه إسرائيل «حسابات خاطئة» قد تدهور الأمور على جبهتها الشمالية نحو حرب هي غير مستعدة لها.
ولم تكد تمر ساعات على التصريحات ـــــ الرسائل التي أطلقها رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، خلال اجتماع وزاري أول من أمس خُصّص لبحث الوضع على الجبهة الشمالية، والتي حرص فيها على طمأنة سوريا مشدداً على استبعاد حصول حرب معها، حتى عاد أولمرت وكرر الرسالة نفسها أثناء اجتماع مسائي في اليوم نفسه، معلناً توقعه، لا صيفاً هادئاً فقط، بل أيضاً خريفاً وشتاءً هادئين.
وقال أولمرت، في اجتماع لنشطاء من حزب «كديما» عقده مساء الثلاثاء في منزله في القدس المحتلة، «إننا نشهد أخيراً عناوين (صحيفة) حماسية، وأنا أقول بشكل هادئ: أعتقد أننا أمام صيف هادئ وخريف هادئ وشتاء هادئ»، وأضاف «بطبيعة الحال نحن نعمل على بناء قدرات الجيش الاسرائيلي وتعزيز أهليته في التدريبات، وكذلك على استيعاب الوسائل القتالية المتطورة التي نحتاج إليها، لكن ليس لدينا أي خطط أو رغبة أو مصلحة في الوصول الى مواجهة في شمال البلاد أو جنوبها، كما ليس للسوريين أيضاً مصلحة».
وفي السياق، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن تل أبيب نقلت في الأسابيع الأخيرة رسائل تهدئة إضافية إلى سوريا تشدد على عدم وجود نيات إسرائيلية للشروع في حرب ضدها. وأوضحت الصحيفة أن هذه المرة الثانية التي تنقل فيها إسرائيل رسائل مماثلة إلى دمشق، مشيرة إلى أن ذلك يعود إلى التخوف الذي يسود دوائر صناعة القرار في تل أبيب من حصول تقدير خاطئ في الجانب السوري للإجراءات الميدانية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في المنطقة الشمالية عموماً، وفي الجولان خصوصاً.
ونقلت الصحيفة عن مصدر رفيع المستوى قوله إن الرسائل نُقلت عبر قنوات أجنبية عديدة بالتوازي مع تصريحات أولمرت في هذا الخصوص.
ونقلت «هآرتس» عن دبلوماسي أوروبي قوله «إن الوضع على الحدود الشمالية هش وحساس، إلا أنه، بحسب تقديرات الاتحاد الأوروبي، لا يوجد خطر اندلاع حرب لأنه لا توجد رغبة لدى أي من الطرفين في المبادرة إلى مواجهة».
وقالت «هآرتس» إن المعلومات الاستخبارية تفيد بتنامي النشاط في وحدات الجيش السوري، على رغم أنها لا تشير إلى حصول أي تغيير في تموضع وحدات المشاة والمدرعات أو الصواريخ.
وصرح مصدر للصحيفة بأن «السوريين أيضاً يحاولون بقدر استطاعتهم خفض مستوى إبراز استعداداتهم بغية عدم إثارة خوف إسرائيل، ولا يزالون مقتنعين بأننا نحن الذين سنهاجمهم».
إلى ذلك، أشارت «هآرتس» إلى أن «انخفاضاً طرأ لدى محافل الاستخبارات الإسرائيلية في معقولية السيناريو الذي يفترض قيام سوريا بتنفيذ هجوم خاطف بهدف السيطرة على منطقة صغيرة في الجولان، كجبل الشيخ أو إحدى القرى الدرزية، سعياً إلى إجبار إسرائيل على الدخول في مفاوضات معها». وفي مقابل ذلك ترى هذه المحافل أن «السيناريو الأكثر معقولية الآن هو تنفيذ عمليات إرهابية في الجولان من جانب منظمات جديدة تُنشأ في سوريا لهذا الغرض». وأضافت الصحيفة أنه في مثل هذا السيناريو يمكن الرد الاسرائيلي على عملية ما أن يؤدي الى تدهور شامل، إلا أنه «لا توجد معلومات استخبارية حقيقية عن نشاط خلايا إرهابية كهذه بتوجيه من النظام في دمشق».