يحيى دبوق
يبدو أن مخيلة الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز لا تنضب من اقتراحات «الحلول» للصراع العربي ـــــ الإسرائيلي. وهو يتفنن في تغليف طروحاته التي تدور كلها حول محور واحد، مصلحة إسرائيل، وتُفضي في النهاية إلى نتيجة واحدة، إهدار الحقوق الفلسطينينة والحصول على الحد الأقصى الفلسطيني في مقابل تقديم الحد الأدنى الإسرائيلي.
وآخر ابتكارت بيريز في هذا المجال هو تحويل الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية إلى سلعة بشرية في مقابل ضمان أمن الإسرائيليين، وهو طرح أقل ما يُقال فيه إنه يحوّل المعتقلين الفلسطينيين من قضية أمنية وسياسية من حيث الظاهر والادّعاء، إلى ورقة ابتزاز ومساومة وضغط، وهو ما يُشكل انحداراً في المستوى الإنساني لم يعرف التاريخ السياسي مثيلاً له.
فقد كشفت صحيفة «معاريف»، أمس، النقاب عن اقتراح جديد لبيريز يقوم على معادلة «المعتقلين مقابل الأمن» مع السلطة الفلسطينية، في إطاره يتقرر جدول زمني مرتب وجدول مطالب في الموضوع الأمني.
وبحسب المسار الذي يقترحه بيريز، فإنه إذا وفر الفلسطينيون «البضاعة الأمنية» التي تطلبها إسرائيل منهم، فستفرج إسرائيل في غضون خمس سنوات عن كل المعتقلين الأمنيين الفلسطينيين، على أن يتم الإفراج على مراحل، عن ألفي معتقل فلسطيني كل سنة، في مقابل إثباتات على الأرض على عمل فلسطيني في موضوع الأمن والتقدم في الإصلاحات وبناء أجهزة النظام والأمن الفلسطينية.
مسار كهذا، كما يعتقد بيريز، أكثر نجاعة بكثير من نقل مزيد من الأراضي إلى السلطة الفلسطينية، وخاصة أنهم غير ناضجين، برأيه، لأن يأخذوا على عاتقهم مثل هذه الأراضي. كما أنه سيشكل أيضاً، برأي بيريز، «حافزاً هائلاً في المجتمع الفلسطيني ويجدد الشرعية للمسيرة السلمية بشكل عام وللتعاون الأمني مع إسرائيل بشكل خاص».
وذكرت «معاريف» أن بيريز «طرح اقتراحه في الأسابيع الأخيرة على محافل عديدة، بينها رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت ورئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض، عندما التقيا سراً ـــــ بيريز وفياض ـــــ الأسبوع الماضي في القدس، في مقر الرئيس، في لقاء استغرق أكثر من ساعتين».
وكان لافتاً موقف أولمرت وكبار المسؤولين في حكومته من فكرة بيريز المطروحة، حيث أشارت «معاريف» إلى أنهم يعتقدون بأنه ليس لها احتمالية عملية بحجة أنه لا يوجد رئيس حكومة في إسرائيل قادر على إطلاق معتقلين فلسطينيين بالجملة، بينهم من قتل إسرائيليين.
وتجدر الإشارة إلى أن الفكرة الأخيرة لبيريز تشكل جزءاً من سياق وإطار عام للتسوية، ذلك أن الرئيس الإسرائيلي يعتقد، بحسب الصحيفة، أنه يتعين على إسرائيل الآن أن تدير «مفاوضات ذكية» مع الفلسطينيين.
وينبغي لأولمرت، بحسب «معاريف»، أن يعود من مؤتمر السلام الذي دعا إليه الرئيس الأميركي جورج بوش في تشرين الثاني مع إعلان مبادئ يركز على اتفاق مبدئي لإقامة دولة فلسطينية، يصب فيه الطرفان في هذه المرحلة مضموناً اقتصادياً بالأساس. بمعنى أنه سيتقرر خلال هذا المؤتمر جدول زمني لإقامة الدولة الفلسطينية، على مراحل، تتخذ في خلالها على الأرض أساساً خطوات اقتصادية.
ووفقاً لرؤية بيريز وتصوره، فإن مبادئ إقامة الدولة الفلسطينية ستكون تلك المعروفة من الصيغ العادية، بما في ذلك «مسار السجناء»، ومبادرات أخرى.