strong>وزراء الاحتــلال يطالبــون بـ«وقــف الثرثــرة» تجنّبــاً للتسبّــب بـ«ســوء تقديــر» يحــرّك «جبهــة الشمــال»كان ينقص إسرائيل أن تسعى دول عربية إلى طمأنتها بشأن النيات السورية تجاهها لتخفف من الهواجس التي تسكنها من إمكان مبادرة دمشق إلى شن حرب عليها؛ فوفقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية، هذا ما حصل فعلاً، من دون أن يكون واضحاً إن كان قد أعطى نتائجة على مستوى تهدئة روع تل أبيب حيال التوتر الذي يسود الشق السوري من جبهتها الشمالية.
وذكرت صحيفة «هآرتس» أن دولتين عربيتين «صديقتين» لإسرائيل نقلتا إليها الأسبوع الماضي رسالة «مفادها أن ليس لدى سوريا نية لمهاجمة إسرائيل في الأشهر المقبلة». وقالت الصحيفة إن مسؤولين رفيعي المستوى في هاتين الدولتين نقلا هذه الرسالة إلى القيادة السياسية في تل أبيب، مشيرة إلى أنها، أي الرسالة، «تستند، من بين جملة أمور، إلى محادثات أجراها المسؤولون مع نظراء لهم في العاصمة السورية».
وبحسب «هآرتس»، فإن الرسالة المذكورة هي جزء من مساعٍ تقوم بها «دول (عربية) معتدلة» في المنطقة لاحتواء أجواء التوتر القائمة بين سوريا وإسرائيل، وذلك على خلفية الخشية، في هذه الدول، من اندلاع مواجهة بين الدولتين قد تترك آثارها على مستوى المنطقة بأجمعها. وفي إطار رسالتهم التهدوية، أوضح المسؤولون العرب للإسرائيليين، بحسب الرسالة نفسها، أن التدابير التي تتخذها سوريا ذات طابع دفاعي، وأنها «انعكاس للاستعدادات الدفاعية التي تقوم بها إسرائيل في هضبة الجولان».
وفي السياق، ذكرت صحيفة «جيروزالم بوست» على موقعها الإلكتروني أمس، أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك سيقدم تقريراً إلى الحكومة يوضح أنه إشارات إلى أن سوريا معنية بالمبادرة إلى حرب على إسرائيل. كذلك يشير التقرير إلى عدم وجود معلومات تفيد بتخطيط حزب الله للقيام بأي عمل غير عادي. وقالت الصحيفة إنه من المقرر أن يبلغ باراك وكبار قادة الجيش الإسرائيلي الوزراء أن جيش الدفاع الإسرائيلي يجري تدريبات ويعمل على تطبيق الدروس التي تعلّمها من حرب لبنان الثانية.
وفي تطور يعكس مدى القلق الإسرائيلي من التوتر السائد على خط العلاقات مع سوريا، رأى عدد من الوزراء الإسرائيليين أنه «آن أوان الصمت» في الموضوع السوري، داعين إلى «وقف الثرثرة» بشأن احتمالات اندلاع الحرب على الجبهة الشمالية.
وكانت التصريحات والتقديرات والتسريبات المرتبطة بالوضع المتوتر على هذه الجبهة قد تحوّلت في الأسابيع الأخيرة إلى حدث شبه يومي على الحلبة السياسية والصحافية في إسرائيل، وهو ما دفع كثيرين إلى إبداء الخشية من الانعكاسات السلبية التي يمكن أن يتركها هذا الشكل من التعامل مع ملف بالغ الحساسية.
وقبل دخوله إلى الاجتماع الحكومي الأسبوعي أمس، قال وزير شؤون المتقاعدين، رافي إيتان، إنه يقترح التقليل من الكلام في هذا الشأن، معتبراً أن ما يثار حوله هو «على المدى القريب زوبعة في فنجان ماء». وأضاف «لكن على المدى البعيد، لدينا مشكلة مع إيران والعراق وسوريا وحزب الله، ويجب أن نستعد لذلك لأن هذا هو الطوق الذي يحيط بنا».
ورأى وزير البيئة، غدعون عزرا، أن «الأمر الأكثر أهمية هو أن نكون مستعدين». وأضاف «أقترح أن نعتمد على استخباراتنا، ويجب الإنصات لما يقوله رئيس الحكومة إذ هناك الكثير من الرسائل التي يبثها أشخاص غير مطّلعين».
أما وزير الصحة، يعقوب بنيزري، فقال من جهته «ما هذه الثرثرة؟ الوضع الراهن مع سوريا مستقرّ حتى الآن. وما قيل في أوساط الحكومة هو ضرورة بث التهدئة في مقابل دمشق؛ صحيح أن الجانبين يتحصنان، إلا أنه ليس من شأن ذلك أن يؤدي إلى التصعيد». وانضمّ وزير الإسكان، زئيف بويم، إلى دعوات زملائه فشدد على «الحاجة إلى تهدئة الأجواء المتوترة»، مضيفاً «أقدر أن دولة إسرائيل وجيشها مستعدان لأي سيناريو، لكن إلى جانب حالة الاستعداد المرتفعة علينا أن نمنع تفسيرات خاطئة تسبب سوء التقدير».
لكن المشكلة في إسرائيل، على ما يبدو، أن التقارير الوافدة عن تنامي القوة العسكرية لسوريا، والتي تغرق صفحات الصحف فيها بشكل شبه يومي، تبقى أقوى حضوراً من أي دعوات رسمية إلى التهدئة تطلق بين الحين والآخر.
وفي هذا الإطار، أشارت «هآرتس» أمس إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تتابع بقلق كبير المعلومات التي تتحدث عن عملية التسلح السوري، وآخرها ما نشرته صحيفة «نزفيسيمايا غزيتا» الروسية عن اقتراب موعد تسليم موسكو لدمشق نحو 50 منظومة صاروخية مضادة للطائرات، من طراز «بانتسير أس 22». وأشارت «هآرتس» إلى أن من أسباب القلق الإسرائيلي على هذا الصعيد أيضاً، هو إمكان نقل بعض هذه المنظومات إلى حزب الله، ليستخدمها بطريقة يدوية بحيث يصعب اكتشافها.