يديعوت أحرونوت - غاي باخور
جاءت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الى الشرق الاوسط مع سلة مملوءة بالهدايا المثيرة للقلق. بدا للوهلة الأولى، أن وضع الدول المؤيدة للغرب في المنطقة سيتحسن من الآن فصاعداً. اسرائيل ستحصل على مساعدات عسكرية بقيمة 30 مليار دولار على مدى عقد، ومصر ستحصل على 13 مليار دولار في إطار الدعم الأميركي العسكري لها، فيما دول الخليج ستحصل مجتمعة على 20 مليار دولار.
الرسالة التي صرحت بها رايس كانت: هذا الرد سيُمكّن هذه الدول من التغلب على التهديد الايراني والسوري وكذلك التهديدات التي يمثّلها كل من حزب الله والقاعدة.
لماذا إذاً تبدو وجوه قادة المنطقة متجهمة؟ لأنهم بدأوا يدركون حجم الكارثة. كل هذه الحلوى المعطاة لهم ترمي الى تحلية بشارة واحدة بسيطة: الولايات المتحدة لا تنوي مهاجمة إيران عسكرياً. إنها تقول لحلفائها في المنطقة: نحن سنعطيكم السلاح ولن ننسى تشجيعكم، فلتنجحوا في مساعيكم ضد ايران وليعطكم الله الصحة.
ليس هناك احتمال آخر لتفسير هذا السخاء المفاجئ من الولايات المتحدة الذي يرمي الى بلورة حزام عسكري في الشرق الاوسط، وكذلك حزام سياسي يترجمه مؤتمر دول المنطقة المزمع عقده في الخريف المقبل. إلا أن هذا حزام من انتاج شرق اوسطي، وسيكون مضطراً لمواجهة ايران وتسلحها التقليدي والنووي.
لشدة الدهشة، لا تُبدي الولايات المتحدة حتى الإصرار الدبلوماسي تجاه ايران. بريطانيا وفرنسا وألمانيا أكثر تصميما منها في كل ما يتعلق بالتشدد في العقوبات. اميركا بوش تبدو كأنها قد فقدت اهتمامها بهذه المسألة.
من هنا ندرك نحن أيضاً انه لا إصرار كذلك في قضية مؤتمر السلام المزمع: هناك عمل كسول يجري بتباطؤ وتثاؤب عبر جهاز التحكم عن بُعد. من اجل المقارنة، نُذكّر بأن وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر قد تجول في المنطقة نصف عام على الأقل، في عام 1991، إعداداً لمؤتمر مدريد. كان يهدّد هنا ويضغط هناك، ويربت الأكتاف هنا وهناك، ويعزز المواقف في مكان آخر الى أن تمكن من عقد ذلك المؤتمر الناجح الذي حرك العملية السياسية.
هذه أنباء سيئة للشرق الاوسط. النهج المرن الذي تتبعه رايس انتصر على النهج المتصلب لنائب الرئيس ديك تشيني. وبما أن الولايات المتحدة ليست معنية بالتخلي عن حليفاتها فهي تقوم بالتغطية على هجرانها والرحيل عنها بقطع متنوعة من الحلوى. لكن ليس هناك أي شك في ذلك: إنها عملية تخلٍّ وهجران.
الولايات المتحدة تتطلع إلى الفرار من المنطقة بعد فشلها المدوّي في العراق، وبعد إخفاقها في ترسيخ الديموقراطية الضعيفة في الأنظمة وإضعافها لها الى درجة التهديد بإسقاطها. قبل تدخل الاميركيين في العراق، كانت هذه المنطقة أكثر استقراراً بكثير.
لكن إيران أيضاً ستبدأ في استيعاب هذا التخلي الأميركي، وبناءً عليه ستزيد من وقاحتها وصلفها وتحدّيها. معنى ذلك: زيادة حدّة الإرهاب الايراني في لبنان والضفّة والقطاع والعراق. الولايات المتحدة دخلت الى دوامة شرق اوسطية جديدة سرعان ما ستُنزل على المنطقة بأسرها كارثة أخرى، وستكون خيبة الأمل والغضب متناسبين طردياً مع حجم التوقعات من نظام بوش العبثي.