حيفا ــ فراس خطيب
تعــاون بيـــن «دائــرة الأراضــي» و«عطيــرت كوهانيــم» لسلــب ممتلكـــات المقدسيّيــن


تبتكر سلطات الاحتلال يومياً أساليب مختلفة لمواصلة عمليات تهويد القدس، مستفيدة من مؤسسات غير رسمية، تعمل بالتعاون مع دوائر السلطات الإسرائيلية لمصادرة أراضي المدينة المحتلة.
وتمّ أمس الكشف عن تعاون وثيق بين الجمعية الاستيطانية اليهودية «عطيرت كوهانيم»، الساعية إلى تهويد البلدة القديمة ومحيطها في القدس المحتلة، وبين «دائرة الأراضي» في إسرائيل، لسلب أراض في ملكية عربية فلسطينية وتحويلها إلى ملكية الجمعية.
وذكرت صحيفة «هآرتس» أنّ هناك تعاوناً حديثاً بين الطرفين، على سلب ما يقارب 30 دونماً من ملكية عربية وتحويلها إلى ملكية الجمعية من دون مناقصة تذكر. وأوضحت أن دائرة الأراضي أجّرت الأرض إلى الجمعية الاستيطانية، رغم أنها ليست تابعة لها ولا تقع تحت ملكيتها.
الأرض المذكورة عبارة عن كرم للزيتون اسمه «كرم المفتي»، يقع في حي الشيخ جراح. وسميت كذلك لأنّ ملكيتها تعود إلى الشيخ أمين الحسيني، المفتي السابق للقدس، اشترتها «شركة فنادق القدس» العربية في ستينيات القرن الماضي، وتحولت ملكيتها إلى الشركة. لكنّ هذا لم يمنع دائرة الأراضي الإسرائيلية من توقيع عقد مع الجمعية الاستيطانية «عطيرت كوهانيم» لـ«فلاحة الأرض»، رغم أنّ الجمعية الاستيطانية لا تملك أي خلفية في مجال الزراعة أو الفلاحة.
ونقلت «هآرتس» عن مسؤول رفيع المستوى في دائرة الأراضي قوله إنّ «العقد تمّ بيننا وبين الجمعية للحفاظ على الأراضي بأياد يهودية».
أما أصحاب الأرض العرب (شركة فنادق القدس)، فقالوا من خلال التماس تقدموا به إلى المحكمة الإسرائيلية العليا إنّ الموظف المسؤول في دائرة الأراضي «عمل لمصلحة عطيرت كوهانيم، لمنع الفلسطينيين أصحاب الأرض، من الاستمرار في مسار التخطيط التابع لها».
ويصف الملتمسون ممارسات دائرة الأراضي بأنّها «فاسدة»، مطالبين المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ميناحيم مازوز، بالتحقيق في «تدخل عطيرت كوهانيم في اتخاذ قرارات سلطوية».
تاريخ المصادرة!
في شهر آذار الماضي، صادر الاحتلال الأرض المذكورة بناءً على طلب تقدمت به دائرة الأراضي في إسرائيل. وقد وقّع وزير المال السابق في حكومة إيهود أولمرت، ابراهام هيرشزون، على أمر مصادرة الأرض لـ«أغراض جماهيرية» أيضاً.
يذكر أنه بعد الاحتلال عام 1967 للقدس، كانت وزارة المال الإسرائيلية قد أعلنت انها تنوي مصادرة «كرم المفتي» لـ«أغراض جماهيرية»، إلا أنّ هذا الإعلان لم يطبّق. وواصل أصحاب الأرض الفلسطينيون العمل فيها وصيانتها. وقد أعلنت المحكمة الإسرائيلية مرتين أن شركة فنادق القدس العربية هي التي تملك الأرض لا طرف ثالث.
وقبل سبع سنوات، قدّم أصحاب الأرض طلباً إلى لجنة التخطيط والبناء الإسرائيلي لبناء فندق تابع للشركة على المساحة المذكورة، بالإضافة إلى قاعة مؤتمرات ومركز ثقافي. وقال مصمم تخطيط المشروع العربي، إن لجنة التخطيط اللوائية، أقرّت بأنّ أصحاب الشركة المقدسية (العرب) لهم الملكية والحق على الأرض.
وسمحت وزارة الداخلية بالاستمرار في البناء بعدما أثبتت الشركة بأنها مالكة الأرض. ومن خلال ملخصات للجلسات المنعقدة في مكتب التخطيط اللوائي التابع لوزارة الداخلية، تبين أن أعضاء «دائرة الأراضي» كانوا في الجلسة، ولم يذكروا بأنهم أجّروا الأرض إلى الجمعية الاستيطانية، أو أن المساحة التي يجري الحديث عنها تابعة له.
ويقول مخطط المشروع موشيه مارجليت إن خطة البناء، التي قدّمتها الشركة العربية، عرضت على المسؤولين الرفيعي المستوى في بلدية القدس المحتلة وتمّت الموافقه عليها. وادّعى الملتمسون أيضاً أن رئيس البلدية في ذلك الحين إيهود أولمرت، وأيضاً نائبه يهوشواع بولاك، ورئيس لجنة التخطيط والبناء الملّي قد أيدوها.
لكن في مرحلة معينة، تبين أن الجمعية الاستيطانية «عطيرت كوهانيم» قدّمت تخطيطاً على المساحة نفسها، وأنه قبل ذلك بسنتين منحت دائرة الأراضي للمليونير اليهودي الأميركي، ارفيز موسكوفيتش، المعروف بتأييده للاستيطان ودعمه لـ«عطيرت كوهانيم»، الحق بتقديم طلب لبناء 250 وحدة سكنية في قطعة الأرض. ومارست الدائرة حينذاك ضغوطاً على وزراء في حكومة أرييل شارون للموافقة عليها.
وفي حزيران من عام 2000، بعد الكشف عن خطة موسكوفيتش و«عطيرت كوهانيم»، توجه محامو شركة فنادق القدس العربية إلى اللجنة المحلية للتخطيط والبناء، لإلغاء تخطيط موسكوفيتش، مدّعين أن «مقدمي التخطيط ليسوا أصحاب الأرض»، وأن الأرض تابعة للشركة العربية.
وقبل أشهر، حصلت الشركة العربية، على حكم صادر عن محكمة الصلح يقضي بإخلاء فلسطيني «غزا» الأرض التابعة للعرب. لكن في اليوم نفسه المعدّ لإخلائه، قدّمت شركة «عميدار» الحكومية، باسم دائرة الأراضي في إسرائيل، طلباً من أجل وقف الإخلاء.
وصرح مصدر رفيع المسوى في «دائرة أراضي إسرائيل» بأن الفلسطيني المذكور «عمل لمصلحة عطيرت كوهانيم» وأن العملية تمّت «لمنع سرقة الأراضي على أيدي الفلسطينيين».
ويقول أصحاب الأرض العرب إن إسرائيل تدير 20 في المئة من «كرم المفتي»، بحسب قانون «املاك الغائبين»، مشيرة إلى أن ملكيتها لـ 20 في المئة غير قانونية، لأن هذه الأرض لا يسري عليها قانون «أموال الغائبين»، لأن الشركة اشترتها من عائلة الحسيني قبل احتلال القدس. وطالبت الشركة بإلغاء حق دائرة الأراضي في أي جزء من الأرض وإعادتها إلى أصحابها كاملة.
وقالت الشركة العربية إن دائرة أراضي إسرائيل تؤجر الأرض منذ سنوات إلى الجمعية الاستيطانية في مقابل مبلغ زهيد تدفعه الجمعية لإدارة الأراضي في إسرائيل، وهو عشرة دولارات سنوياً.

إسرائيل تدير 20 في المئة من «كرم المفتي»، حسب قانون «أملاك الغائبين»، إلا أن هذه الأرض لا يسري عليها قانون «أموال الغائبين»، لأن شركة فنادق القدس العربية قد اشترتها من عائلة الحسيني قبل احتلال القدس