strong>يتسلّلــون إلى إسرائيــل للعمــل... والتســوّل
العوائق الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، التي أوجدت وضعاً اقتصادياً متردياً، سلبت أطفال فلسطين فرصة التمتع بهذه المرحلة من حياتهم، وحوّلتهم إلى عمّال، يخاطرون بأرواحهم عبر التسلّل إلى إسرائيل، بحثاً عن لقمة عيش، حتى لو كانت في القمامة أو التسوّل.
عيسى (15 عاماً)، أحد هؤلاء «العمال»، الذين يتسللون الى اسرائيل من الضفة الغربية للعمل بين شوارعها وعند اشارات المرور.
وفرض جدار الفصل، الذي تبنيه اسرائيل في الضفة، على الأهالي الذين يعانون الفقر ارسال أطفالهم (ابتداء من عمر 3 سنوات) الى اسرائيل للعمل لساعات بدلاً من الأكبر سناً (18 وفوق) لصعوبة تسلّلهم وتعرضهم لخطر أكبر.
ويبيع هؤلاء الأطفال السجائر والبطاريات. وفي الليل، ينامون في الحقول والمساجد والمقابر، وأحياناً على الطرق. وغالباً ما يتعرضون للسرقة من اللصوص والتجار أو للاعتداء الجنسي، أو يرغمون على بيع المخدرات.
عيسى، الذي يرتدي ثياباً بالية، يقول «أحصّل معظم المال الذي يحتاجله أهلي. أنا لا أعمل من أجل مستقبلي، بل فقط في سبيل أمي وأبي».
في بعض الأحيان، قد تلقي الشرطة الإسرائيلية، المنتشرة عند حدود الجدار، القبض على الأطفال أو تطلق النار عليهم. ويقول عماد حرب، المشرف على عيسى وأطفال آخرين، «ليست مشكلة كبيرة أن يُقتل الأطفال لأني أملك المزيد منهم».
عمالة الأطفال الفلسطينيين داخل اسرائيل هي مجرد نتيجة لارتفاع نسبة البطالة في الضفة الغربية الى نحو 25 في المئة، وهو ما يضطر الطفل الى أداء دور «المعيل» للعائلة.
عبور الأطفال الحاجز لم يعد سهلاً أيضاً، إلا أن هذه المسألة لم تحدّ من عمالة الأطفال بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وجرت العادة أن يدفع التجار الفلسطينيون وفلسطينيو 48 إلى أهالي الأطفال مبلغ 50 دولاراً، لأخذ الأولاد الى اسرائيل. وتطلق عليهم السلطات الاسرائيلية تسمية «القواد». هم يرغمون الأطفال على التسول عند تقاطعات الشوارع، ثم يأخذون أموالهم، ليعود الأطفال الى منازلهم في نهاية الأسبوع، أو بعد اسابيع، وهو ما يتسبب في حرمانهم من رؤية أهاليهم، أو الذهاب الى المدرسة، وأقلّه الحصول على قسط من الراحة.
كيف تبدأ رحلة الأطفال حسبما يصفها حرب؟
تبدأ من الضفة الغربية حيث يستقلّون سيارة أجرة وصولاً الى الحاجز. يزحفون تحت الجدار وصولاً الى الناصرة. يبادر حرب الى الدفاع عن نفسه قائلاً «نريد أن نعيش».
يعمل عيسى في اسرائيل منذ نحو 3 سنوات، فقط في العطلة الصيفية. يحصل على نحو 80 دولاراً في الأسبوع، وهو ما يفوق المبلغ الذي يجنيه شقيقاه. الا أن لحرب الحصة الأكبر، رغم أن مهمته تقتصر على مراقبة الأطفال وحمايتهم، مكتفياً بإصدار الأوامر وتحديد أمكنة وجودهم.
غذاء الأطفال عبارة عن «حمص وخبز وتونا». ليس في استطاعتهم اشعال النار حتى لا يثيروا انتباه الأمن الاسرائيلي، الأمر الذي يضطرهم الى تناول طعامهم في مكب النفايات.
وعن هذه الظاهرة يقول المتحدث باسم الشرطة الاسرائيلية شلومو درور، «توقفنا عن محاربة هذه الظاهرة. نكتفي بإعادة الاطفال الى منازلهم حيث يتعرضون للضرب من أهلهم لعدم تمكنهم من تحصيل المال، فيرسلونهم مجدداً».
كان يقدر عدد العمال الفلسطينيين بنحو 150 ألفاً، الا أنه انخفض مع بداية الانتفاضة الفلسطينية في عام 2000، ومع بناء الجدار الفاصل، ليصبح نحو 500.
ويرى رئيس بلدية الناصرة رامز جريسي، أن الاحتلال والفقر والبطالة دفعت العائلات والأطفال الى هذا السلوك. ويضيف «لا أعتقد أن أباً يقبل أن يتسوّل طفله عند اشارات المرور، الا اذا كان وضعه المعيشي مأساوياً».
(أ ب)