strong>مهدي السيد
منظومة «دعوة» للزكاة والصدقة وتقليص الإجراءات البيروقراطية ومنع تحويلات الأموال لـ«حماس»

بلغ الحرص الإسرائيلي على السلطة الفلسطينية وحكومة تسيير الأعمال برئاسة سلام فياض حدّ صوغ الخطط التوجيهية لهما لمساعدتهما في الانتصار على حركة «حماس» في الانتخابات المقبلة.
هذا ما كشفته أمس صحيفة «هآرتس»، التي أشارت إلى أن الخطة المذكورة تتمحور في جوهرها حول تبنّي الأساليب نفسها التي تعتمدها «حماس» في شبكاتها الرعوية الاجتماعية. وقالت إن الخطة عُرضت للمرة الأولى في مؤتمر مغلق عُقد في الآونة الأخيرة في معهد واشنطن لبحوث الشرق الاوسط، بمشاركة مسؤولين كبار من كل من الولايات المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر والأردن.
وأشارت الصحيفة إلى أن معدّ الخطة هو راني لوفنشتاين، الذي كان يشغل منصب مستشار كبير للمدير العام لوزارة المال ورجل الارتباط المركزي مع الفلسطينيين في المجال الاقتصادي في السنوات الخمس الاخيرة. ويعدّ أحد الاسرائيليين الأكثر قرباً من رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض.
وتشتمل خطة لوفنشتاين على توصيات تتعلق بفعاليات ونشاطات يجب أن تقوم بها السلطة الفلسطينية لتعزيز السيطرة في الضفة الغربية. والتوصية المركزية هي اقامة منظومة «دعوة» للزكاة والصدقة، تكون بديلة عن الجمعيات الخيرية التي تستخدمها «حماس» لكسب التأييد الشعبي، الأمر الذي سينعكس في الانتخابات المقبلة.
وتطرّق لوفنشتاين إلى استراتيجية العمل التي يجب على السلطة اعتمادها للإمساك بزمام الأمور، والتي تقوم على سرعة العمل وسرعة ظهور النتائج لكسب الرأي العام الفلسطيني. فدعا السلطة الفلسطينية إلى أن تركّز جهدها على النشاط الاقتصادي على مدى 90 إلى 120 يوماً، وألا تعنى حالياً بالمشاريع بعيدة المدى، مثلما كان يحصل في السنوات الاخيرة، وذلك في ضوء حقيقة أن الهدف الذي يجب أن يكون نصب عيني الحكومة الفلسطينية هو التأثير السريع على الرأي العام وعلى جودة حياة الفلسطينيين.
وبحسب الخطة، فإن مثل هذه الخطوات يمكنها أن تحوّل الضفة إلى نموذج اقتصادي ناجح بالقياس إلى غزة، الأمر الذي سيؤدي في المدى المتوسط الى إمكان الفوز في الانتخابات.
ولم تبق مقترحات لوفنشتاين نظرية، إذ إنه دعمها بلغة الأرقام، مجرياً مقارنة بين موازنة منظومة الدعوة التابعة لـ «حماس» وبين موازنة السلطة، فأشار الى أن الموازنة السنوية لمنظومة «حماس» أقل بكثير من حجم دفعات الرواتب الشهرية للسلطة. وهكذا تدفع السلطة كل شهر نحو80 مليون دولار رواتب ومبلغاً مماثلاً للموازنة الجارية، وتبقى لديها مبالغ لا بأس بها يمكنها أن تستخدمها لبناء شبكة دعم اجتماعي للسكان.
وفي الجانب الإداري، توصي الخطة أيضاً بالعمل على طريقة «حماس»، أي تقليص الإجراءات البيروقراطية والتحويل المباشر لدعم المحتاجين. وأحد المقترحات هو أن تشتري الحكومة الفلسطينية آلاف الحقائب المدرسية قبل العام الدراسي القريب وتوزعها على التلامذة هدية، الأمر الذي سيوجد تأثيراً فورياً على الرأي العام. كذلك توصي الخطة بالدمج بين زيادة الأمن الشخصي للسكان في الضفة، وبين تحسين النظام العام.
ولكي تكتمل هذه الخطة لا بد من تحديد الدور الإسرائيلي والعربي المطلوب. وبحسب لوفنشتاين، يتعين على اسرائيل أن تواصل تحويل اموال الضرائب للفلسطينيين وأن تمنح بعض التسهيلات لحرية الحركة في الضفة. اما الدول العربية فيتعين عليها أن تمنع تحويل الاموال إلى «حماس».
وفي تعليل تحذيري صريح لمقتضيات الخطة ودوافعها، قال لوفنشتاين إن على الفلسطينيين أن ينفذوا هذه الخطوات كيلا يسألوا بعد سنتين كيف سيطرت «حماس» على الضفة أيضاً.
وفي تعليق لـ«حماس»، قال النائب في المجلس التشريعي عن الحركة، أيمن دراغمة، إن «هذه الخطة ليست من أجل خدمة السلطة الفلسطينية، بل لخدمة إسرائيل أولاً، التي تعيش الآن في أسعد لحظات حياتها جراء الانقسام الذي تشهده الأراضي الفلسطينية». وطالب الحكومة الفلسطينية بإدراك مدى خطورة هذه الخطة، موضحاً أن «إسرائيل تلعب على واقع التناقض والانقسام الداخلي، وأنها تحاول تعزيز هذه الحالة وتغذية الصراعات الفئوية والحزبية وكأنها تقول: نحن نقف مع طرف ضد طرف آخر».