في ظلّ تردّد دول التحالف في الإقدام على خطوة إرسال قوات برّية إلى اليمن، خصوصاً مع إحجام السعودية عن هذا الخيار لعلمها بصعوبة مواجهة قواتها «أنصار الله» برّياً، تظلّ الاحتمالات مفتوحة على خيارات بديلة قد تبدو أكثر فاعلية بنظرها مثل دعم وتمويل جبهات يمنية مقابل الجيش والحوثيين، أو عبر تحريك المجموعات الإرهابية خصوصاً تنظيم «القاعدة»، الذي شنّ هجوماً ضخماً في محافظة حضرموت، خلال اليومين الماضيين. حضرموت التي ظلّت بعيدة عن الصراع بين «أنصار الله» والجيش من جهة و«القاعدة» من جهة أخرى، بقيت أيضاً بعيدة عن صواريخ وغارات العدوان السعودي على اليمن. كذلك بقيت قوات الجيش الموجودة في المحافظة بمأمن من تهمة الموالاة لـ«أنصار الله» التي يتخذها العدوان مبرراً لاستهدافه، وهو ما لم يبقها بعيدة عن الاستهداف.

سيناريو خطير ظهر مع نهاية الأسبوع الماضي في المحافظة تمثل بسيطرة تنظيم «القاعدة» على مدينة المكلا، عاصمة حضرموت، ومينائها ومقر قيادة المنطقة الأولى للجيش والقصر الجمهوري وكافة مؤسسات الدولة. وفي الوقت الذي تحرك حلف قبائل حضرموت المكلا بحجة محاربة «القاعدة» واستعادة المكلا، أكدت مصادر محلية أن ‏البحرية ‏السعودية تمكنت من إنزال ثلاثة آلاف مسلح من إرهابيي ما يسمى «جيش الإسلام» استقدمتهم من غوطة سوريا، ‏وهو ما يفسر تمكن «القاعدة» من السيطرة على المدينة بتلك السرعة وإطلاق قيادات في التنظيم من السجن المركزي، فجر الخميس ‏الماضي.
تتواصل المعارك
في ضواحي
محافظة عدن

وأكدت مصادر أن اتفاقاً جرى أول من أمس، بين تنظيم «القاعدة» وقيادات ما يسمى «جيش الإسلام» وحلف قبائل حضرموت الذي أنشأته الرياض قبل عام ونصف عام وحزب «الإصلاح» والتيار ‏السلفي، وبمباركة قيادات عسكرية موالية لـ«الإصلاح» وللرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي وللواء الفار علي محسن الأحمر وعلى رأسهم قائد اللواء «27 ميكا» المنتمي إلى التيار نفسه.
وأفادت المصادر لـ«الأخبار»، بأن القائد العسكري لم يحرّك ‏ساكناً رغم نداءات قوات الأمن في المدينة بإرسال تعزيزات، بعد هجوم «القاعدة» فجر الخميس الماضي بواسطة آلاف القادمين عبر إنزال ‏بحري.‏
ومع ذلك، نفى بيانٌ صادر عن «حلف قبائل حضرموت» علاقته بالاتفاق الذي جرى مع «القاعدة» في المكلا، واصفاً من وقّعوه بأنهم «قيادات غير مخوّلة».
وكانت أنباء محلّية قد ذكرت أن الاتفاق جرى بحضور القيادي ‏الإصلاحي العميد فهمي محروس ومدير أمن ساحل حضرموت سابقاً والشيخ صالح الشرفي أحد «صقور» السلفية الجهادية في ‏ساحل ‏حضرموت في سياق تحركات تديرها السعودية.
الاتفاق الذي تداولته وسائل إعلامية يمنية وعربية نص على إلغاء أي تسمية تميز بين أبناء حضرموت كتسميات (القاعدة ـ «أنصار الشريعة» ـ الحلف ـ الإخوان)، وتسليم معسكر مطار الريان التابع للواء «27 ميكا» بكل معداته وتشكيل لجنة مشتركة من المكونات المذكورة، ومنع عمليات النهب لأي معدات أو سلاح خاص بمعسكر الريان، على أن تقوم اللجنة بتوزيع السلاح ‏على ‏المواطنين بشكل متساوٍ للدفاع عن أنفسهم في حال حصول أي طارئ، في إشارة إلى تقدم الجيش و«أنصار الله» لتحرير المكلا. كذلك نص الاتفاق على أنه في حالة التسليم السلمي لمعسكر الريان، يُسمَح بمغادرة كل الجنود غير المنتمين إلى حضرموت، من ‏الشمال ‏خصوصاً، لعدم ضمان ولائهم للتحالف وتفادياً لتكرار ما حصل في كل من محافظتي عدن ولحج وقاعدة العند.
ونصت النقطة الخامسة بحسب نص الاتفاق على تشكيل لجنة لإدارة المحافظة من الموثوقين والمخلصين الذين تقترحهم اللجنة، لتسيير وتسهيل أوضاع المحافظة.‏
وفي سياق تطور الوضع في محافظة حضرموت، أكد المصدر في حديثه لـ«الأخبار» أن مسلحين يتبعون «القاعدة» سطوا في ساعة متأخرة من فجر أمس الثلاثاء على مبنى البنك «اليمني للإنشاء ‏والتعمير».‏
يأتي هذا في وقت تتواصل فيه المعارك في ضواحي ومديريات محافظة عدن بين الجيش اليمني واللجان الشعبية من جهة وبين القوات الموالية ‏لهادي و«القاعدة» من جهة أخرى.
وبحسب مصادر ميدانية تحدثت لـ«الأخبار»، تمكنت اللجان الشعبية والجيش من تطهير مديرية المعلا وواصلت تقدمها باتجاه القلوعة والبريقا، بعد أن كانت قد أعلنت في وقت سابق تطهير الميناء وجزيرة العمال والتواهي لتصبح عدن شبه خالية من أي مسلحين مناصرين لهادي و«القاعدة».
وأكدت المصادر أن بوارج يشتبه في أنها أميركية، ‏بينما تقول وسائل اعلامية أنها تابعة للتحالف السعودي، قصفت تجمعات للجيش اليمني الذي يحرز تقدماً في المدينة.
وفي ما يشبه المساندة الواضحة لميليشيات هادي و«القاعدة»، كثفت السعودية غاراتها العدوانية خلال اليومين الماضيين على ميناء عدن وقاعدة العند و‏مناطق متفرقة في المدينة بهدف الضغط على قوات الجيش واللجان الشعبية للانسحاب من عدن.
وكانت الطائرات السعودية قد أغارت على معسكر الجيش في محافظة الظالع الذي يتعرض ‏منذ أسبوعين لحصار واستهداف من «القاعدة». وقال شهود عيان لـ«الأخبار» إن الغارات استهدفت كلاً من مقر اللواء «33 مدرع» ومقر الأمن المركزي في الضالع ومبنى محافظة سناح ‏ومقر الأمن المركزي في قعطبة، في محاولة لتمكين «القاعدة» من السيطرة مجدداً على محافظة الضالع التي كان الجيش واللجان الشعبية قد طهروها الأسبوع الماضي.‏
ع. ج.