حيفا ــ الأخبار
أعدّ قادة الجيش الإسرائيلي ورشة عمل هذاالأسبوع لبحث خطة التسلّح «تيفن»، للفترة الممتدّة بين عامي 2008 و2013. ولحين تصديق رئيس الأركان غابي أشكينازي على صيغتها النهائيّة، تساؤلات عديدة تُطرح عن خطوطها العرضية وأساس وجهتها. هل الأولويّة في التطوير لسلاح البرّ أم البحر أم الجوّ؟ سؤال برسم «قياديّين» لا يريدون تكرار خسارة حرب لبنان الثانية على وقع الضغوط الماليّة

علّق محلّل الشؤون العسكرية في صحيفة «معاريف» عامير رابابورت، على محادثات القادة العسكريّين في شأن استراتيجيّتهم المستقبليّة، بالقول إنَّهم «عانوا من ضائقات الأغنياء»، حائرين في السؤال: «هل يستخدمون الزيادة في الميزانيّة لشراء دبّابات ومدرعات، وإقامة وحدتين إضافيتين في سلاح البر، أم يبرمون صفقة لشراء طائرات متطوّرة؟»، فيما أوضح المحلّل الآخر في الصحيفة نفسها، عوفير شيلح، أنَّ «الرؤية الأمنية التي عرضها وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك تنصّ على قائمة مشتريات لما يريد الجهاز شراءه، مستخدماً الضرائب التي ندفعها»، موضحاً أن باراك يفضل أن يكون «غنياً وصحياً»، وهذا على ما يبدو، أفضل من أن يكون «فقيراً ومريضاً».
وأشار رابابورت إلى أنّه في الأسبوع الذي بحثت فيه قيادة الجيش الإسرائيلي قضية التسلّح، لم يجر الحديث عمّا يسمّى «شباك الفرص»، التي تعني الفترة الزمنية التي لا تشهد حرباً، موضحاً أنّ السؤال المركزي الذي راود الكثيرين في الورشة، تعلّق في أيّ مجال يجب الاستثمار مالياً: في سلاح الجوّ أم في سلاح البحر؟ في أسلحة الهجوم أم التحصين؟ ردّاً على الإرهاب، أم ردّاً على الخطر النووي الإيراني؟
كما أوضح رابابورت أنّ القادة أعدّوا عروضاً، كلّ منهم على حدة، حيث أبدى المشاركون رأيهم في هذا الصدد. وكلّهم ينتظرون النتيجة. إلّا أن القرار يعود إلى قائد هيئة الأركان غابي أشكينازي، للمصادقة من أجل عرضها أمام المجلس الوزاري المصغّر.
وأشكينازي، بحسب المحلّل نفسه، يعاني «ضائقة الأغنياء»، في إشارة إلى المسؤولين السياسيين. والجيش الإسرائيلي سينال في السنوات المقبلة، ضمن تطبيق خطة «تيفن»، إضافةً ذات معنى على الموازنة السنوية «خلافاً للتقليصات» التي سبقت العدوان على لبنان في العام الماضي. ويوضح أنّ العام المقبل سيكون «عاماً صعباً» من ناحية الموازنة المخصّصة للشؤون العسكريّة، إلّا أنّ الجيش سيحظى بربح من بعدها بواسطة زيادة تدريجية من حيث الموازنة، هذا بالإضافة إلى ازدياد في المعونة الأميركيّة من 2.5 مليار دولار إلى 3 مليارات دولار سنوياً.
ويتوقّع رابابروت أنّه رغم عدم إعلان قائد هيئة الأركان عن قراره، إلّا أن سلاح البرّ الإسرائيلي الذي عانى تقليصات بعشرات النسب المئوية في فترة قائد هيئة الأركان الأسبق موشيه يعالون، سيحظى، هذه المرّة، بزيادة ذات معنى. ويفترض أيضاً أنّ هناك أموالاً كثيرة ستُنفق على التدريبات لجنود الاحتياط والنظاميين، كيلا يتكرّر الخطأ نفسه في إخفاق الوحدات التي لا تعرف تشغيل السلاح وتنفيذ التمارين العسكرية الأوّلية، موضحاً أنّ أشكينازي سيُنفق مليارات الشواكل على تدريبات الجيش وتعبئة المخازن بالسلاح.
وعلى الرغم من الحاجة لتحسين قدرة سلاح البرّ الإسرائيلي، يرى رابابورت أنّ سلاح الجوّ هو من عليه الردّ على التهديد الإيراني، ما يزيد من تخبّطات في خطة «تيفن» مغزاها: هل يجب شراء عشرات الطائرات من طراز «أف ـــــ 35» المتطوّرة، التي تنفذ في عام 2014 ويجب توقيع اتفاقية شرائها في عام 2009، أم شراء دبّابات متطوّرة لسلاح البرّ من طراز «سترايكر» الأميركي أو «النمر» (ميركافا) الإسرائيلي.
أثناء نقاش القادة، هناك من قال إنّ الجيش الإسرائيلي اقتنى في السنوات الماضية 24 طائرة من طراز «أف ـــــ 15» و «أي ـــــ 102» و«أف ـــــ 16»، وهي لا تزال قوية، لذا، يجب تأجيل التسلّح بالطائرات. وهناك أيضاً من يرى أن إنفاق مليارات الشواكل لشراء دبّابات هو بمثابة «عودة إلى خطأ ما بعد حرب الغفران» في عام 1973. ففي أعقاب «الصدمة التي سبّبتها الحرب، أُقيمت الكثير من الوحدات الزائدة» وعلّق مسؤول عسكري على الوقائع بالقول: «استغرقنا سنوات كثيرة للتخلّص من هذه الفوارق، والآن يفكّرون بإقامتها من جديد».
ويرى البعض أيضاً أن الجيش الإسرائيلي لا يزال يلملم ما خسره خلال عدوان تمّوز على لبنان، وأنّه يحسّن الموجود ولا يسير قدماً. وهذا ما يشير إليه رابابورت، الذي حذّر من إهمال قضايا في الجيش في أعقاب ازدياد الميزانية، ويوضح أنّه في الميزانيّات الكبيرة، تنتج حالة من إهمال القضايا الصغيرة، معلّلاً بالقول إنّ في وزارة الدفاع «أناساً زائدين»، وفي الجيش النظامي «جنود يعانون تقويماً صحّياً منخفضاً، أو يعانون أوضاعاً شخصية لا تؤهّلهم المشاركة في فرق قتالية».
ويقول المحلّل في «معاريف» عوفير شيلح إنَّ أشكنازي، لم يقدّم في هذه الورشة إعلاناً للضباط عمّا سيكون مستقبلاً. ولخّص الورشة بالقول: «كانت هذه هي المرّة الأولى التي يجتمع فيه جسم كبير من أجل التحدّث. لم تكن هناك وحدة في الآراء، لا يزال كل واحد موجوداً في المكان الآتي منه. الصورة بعد حرب لبنان الثانية لم تكن ذات معنى واحد وقاطع. حاول الضباط بالأساس توضيحها لأنفسهم».
ويضيف شيلح: «هناك أمور لا يناقشها أحد، وهي الحاجة للتدريبات، فليس جميعهم يعلمون كم من الوقت يجب إبقاء الاحتياط في وضعهم الحالي. كما أنّ الإصلاحات لم تُنفّذ، والوضع الأساسي لجنود الاحتياط لم يتغير، إذ لا يمكن الاستمرار بدعوتهم مرة تلو المرة كي يتدرّب النظاميون»، مشيراً إلى أنّ الجيش يعاني أيضاً «فجوات في القدرات والمواهب».
وسلاح الجوّ الإسرائيلي، بحسب إشارة شيلح، يطالب بمئة طائرة من طراز «أف ـــــ 35» التي يصل سعر الواحدة إلى 100 مليون دولار، لأنّ على هذه الطائرة الحلول مكان مقاتلات «أف ـــــ 16» التي سيمرّ على استعمالها العام المقبل 30 عاماً، وتمتلكها دول عربية (لا تتمتع بالأجهزة الدفاعية نفسها التي اشترتها وطوّرتها إسرائيل).
ويتساءل شيلح محذّراً: «أليس من الممكن أن تكون هناك حالة أخرى مثل الحالة» التي كانت في صفقة «أف ـــــ 16»، أي التي كلّفت 4.5 مليارات دولار، حيث وصفها مسؤولون في الجيش الإسرائيلي بأنّها «كبيرة أكثر من اللازم»، مشيراً إلى أنّ «أشكينازي سيوصي قادة الجيش وسيصادق باراك والحكومة حتى الورشة المقبلة».