باريس ــ بسّام الطيارة
في الوقت الذي ربط فيه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي «خطر المجابهة بين الغرب والإسلام» بأزمات الشرق الأوسط، وفي طليعتها المسألة الفلسطينية، مُقرّاً بضرورة الوصول إلى حل مبني على أساس دولتين، برزت إلى الساحة الإعلامية حملة لمقاطعة إحدى كبريات الشركات الفرنسية «ألستوم» بسبب تنفيذها مشروع «مترو القدس» الذي أطلقته السلطات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة ليربط بين القدس الغربية والمستعمرات وراء القدس الشرقية، والمقرر الانتهاء منه في مطلع ٢٠٠٩.
وتحت شعار «من أجل القدس قاطعوا الشركات الفرنسية»، أطلق ناشطون من دول عديدة حملة لمقاطعة الشركة. ويهدف مشروع «مترو القدس» إلى ربط المستوطنات المبنية في الأراضي المحتلة شرقي القدس بالشطر الغربي من المدينة، ما يساهم في إحكام الحصار على القدس الشرقية، وفصلها عن الضفة الغربية. ويرى فيه الناشطون إرادة حكومية تمهّد لضم المدينة بالكامل إلى السيطرة الإسرائيلية، مع التنديد بأن بناء الخط يقود إلى مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية.
والمعروف أن المشروع يخالف مجمل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي المتعلقة برفض الاعتراف بضم القدس المحتلة، وخصوصاً القرار ٤٦٥ الصادر عام ١٩٨٠ والذي يطالب بـ«عدم تقديم أي عون ومساعدة على ضم الأراضي المحتلة».
ورداً على سؤال لـ«الأخبار» عن رأي الحكومة الفرنسية بما تقوم به الشركة الفرنسية، كررت المتحدثة باسم وزارة الخارجية باسكال أندرياني موقف باريس «بأن المشاركة الفرنسية في بناء خط المترو في القدس ترتبط بشركة خاصة ولا يمكن نسبها إلى الحكومة الفرنسية». وتابعت أن السلطات الفرنسية «نقلت إلى الشركة الفرنسية قلق السلطة الفلسطينية في ما يتعلق بقسم من هذا المشروع». وأضافت إن باريس «لا تزال على موقفها المبدئي القائل بأن الوضع النهائي للمدينة يجب أن يكون موضوع مفاوصات بين الجانبين»، رافضةً الإجابة عن سؤال حول المسؤولية القانونية التي تترتّب على الشركة، التي تملك الحكومة الفرنسية ١٥ في المئة من أسهمها، من جراء مخالفتها القوانين الدولية.
وقد عاد ملف «مترو القدس» إلى التداول بعد قرار الحكومة المصرية اختيار الشركة الفرنسية «ألستوم» لتنفيذ الخط الثالث لمترو الأنفاق في القاهرة، وهو عقد بقيمة ٢٣ مليون يورو، إلى جانب شركة فرنسية أخرى هي «كونيكس» بعقد قيمته ٨١ مليون يورو.
ويتصدر دعوة المقاطعة تجمع مهندسين مصريين تقدموا بطلب لفسخ العقد مع «الستوم» لقيامها بمخالفة القانون الدولي، الذي يحظر مساعدة سلطات الاحتلال على ضم أراضٍ محتلة والمطالبة بعدم التعامل معها في مشاريع مقبلة قبل توضيح موقفها من أعمال مشروع المترو في القدس.
وسبق للجامعة العربية أن ندّدت خلال القمة العربية في الخرطوم عام ٢٠٠٦ بمشاركة الشركة الفرنسية في المشروع، ودعت الشركات الضالعة بالمشروع إلى الانسحاب فوراً لتجنّب اتخاد إجراءات ضدها، وطالبت حينها الحكومة الفرنسية باتخاذ موقف من هذا الملف في ضوء مسؤولياتها تجاه القانون الدولي.