القاهرة | تتجه جماعة «الإخوان المسلمون» إلى تدشين مرحلة «الشتات» في سابقة جديدة على عمل الجماعة منذ نشأتها، وذلك عبر تقنين وهيكلة وجود قياداتها في الخارج، وذلك في إطار مؤسسي وفق اللوائح الداخلية، بعد ما يقارب عامين على عزل الرئيس الأسبق، محمد مرسي، المنتمي إليها.وفي ما يبدو أنه جولة من جولات صراعها المستمر مع مؤسسات الدولة المصرية، وتهيئة لنفي قد يطول لقيادات «الإخوان» الفارين من مصر عقب عزل مرسي في الخارج، شكلت الجماعة كما أعلن المتحدث الرسمي باسمها ما سمته «المكتب الإداري للإخوان المسلمين المصريين في الخارج»، برئاسة أحمد عبد الرحمن.
ووفق تقسيمات الهياكل الإدارية داخل الجماعة، فإن المكتب الإداري هو الحلقة الثالثة بعد مكتب الإرشاد ومجلس الشورى العام.

وسيشرف على كل محافظة من محافظات الجمهورية مكتب إداري يختاره الأعضاء (الإخوة العاملون) الذين هم وفق تراتبية الأعضاء ودرجاتهم في «الإخوان» يمثلون أعلى المراتب.
وفق المعلومات المتوافرة، إن اختيار أعضاء المكتب الجديد كان بمشاركة «الإخوة العاملين» من المصريين في الدول التي شهدت نزوحاً كبيراً لـ"لإخوان" عقب عزل مرسي، وهي قطر وتركيا وماليزيا والسودان. وفيما رفضت المصادر الإفصاح عن باقي تشكيلة أعضاء المكتب بناءً على بعض الحسابات والتقديرات التي تضعها الجماعة، إلا أنها أعلنت أن التشكيل الجديد يستهدف تنظيم التشتت وكثرة المتحدثين من قيادات الجماعة، وتخصيص الرؤية الرسمية للجماعة عبر رئيس المكتب المختار، ولكن عليه أن يلتزم تماماً الرؤى والمواقف التي يأخذها «إخوان الداخل».
أيضاً سيضطلع المكتب بأدوار مهمة في نقل وتفعيل الحراك في الخارج بعيداً عن القيود المفروضة على «إخوان مصر»، وخصوصاً في ظل حديث عن تفاوض في المنطقة على خلفية العدوان على اليمن، بعدما باركت الجماعة ودعمت «عاصفة الحزم» من أجل «استعادة الشرعية المفقودة». ولا يخفى أن «الإخوان» تسعى بهذا الموقف إلى الحصول على ضغط خليجي باتجاه النظام المصري، وهو ما صرح به القيادي الإخواني جمال حشمت في تصريحات قبل أيام، إذ قال إن «هناك وفاقاً ووئاماً تاريخياً بين الجماعة والمملكة السعودية، ما عدا مرحلة الملك عبد الله الراحل الذي كانت سلطته تمارس أدواراً ضد أمنها القومي».
بالطبع، لم يكن لتمر تصريحات حشمت دون أن يغمز بـ«التصدي للمد الشيعي والتغول الإيراني والحسينيات الشيعية في القاهرة»، كعربون محبة من الجماعة للمملكة «صاحبة الزعامة السنية»، التي طالبها حشمت بـ«إعادة تقييم دورها في مصر الآن في ظل حالة من القهر والقمع التي يتعرض لها الشعب المصري... أما أن تلجأ إلى الإخوان عندما تريدهم، وتقتلهم عندما لا تريدهم، فهذا أمر غير مقبول».
كل هذه المعطيات ربما أجبرت الجماعة على اختيار من يمثلها في إدارة الحوار والمفاوضات خارجاً، ولكن اختيار أحمد عبد الرحمن أظهر استمرار هيمنة «الصقور» على آلية اتخاذ القرار برغم كل التغييرات جراء سجن قياداتها أو خروجهم من البلاد. فرئيس المكتب الجديد من المقربين للقيادي الإخواني المسجون خيرت الشاطر، الذي كان الرجل الأقوى داخل الجماعة عقب خروجه من السجن بعد تنحي حسني مبارك إثر ثورة 25 يناير، وهو أيضاً شغل منصب أمين الحزب في الفيوم، كذلك شغل رئيس المكتب الإداري لـ«إخوان الفيوم»، المحافظة التي تحظى بثقل إخواني كبير.
كذلك سيكون من مهمات المكتب الجديد، كما تقول المصادر نفسها، تهيئة الأجواء لـ«إخوان الشتات» سواء بتوظيفهم والترتيب لتوفير أعمال لهم، وتهيئة الوضع الاجتماعي من مناحي السكن والعمل والدراسة عبر العلاقات مع سلطات الدول، أو الكيانات الإخوانية الموجودة هناك أساساً، بالإضافة إلى توفير الدعم المالي للجماعة التي تفرض على «الإخوة العاملين» مبلغاً مالياً من دخله الشهري يصل إلى اقتطاع نسبته 10%.
يشار إلى أن الجماعة تستعين كثيراً بـ«الإخوان المصريين في الخارج» لتوفير الدعم المادي لها قبل مواسم الانتخابات وبعض النشاطات الاجتماعية والتربوية الأخرى التي كانت تدشنها، ووصلت هذه الاستعانة إلى حد طلب راتب «شهرين» من كل «أخ عامل» في الخارج إبان الحملة الانتخابية لمرسي قبل سنوات.