واشنطن ــ الأخبار
نشــــر 20 ألــــف جنــــدي في غــــزة والخليــــل والقــــدس ونابلــــس لـ«حمايــــة أمــــن إسرائيــــل»

كشفت مصادر أميركية أمس أن إدارة الرئيس جورج بوش التقطت دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) إلى وضع قوات دولية في قطاع غزة، وفي ما بعد في الضفة الغربية، لتعيد الترويج لخطة أميركية سابقة، كانت قد أعلنت عنها قبل سنوات خلال حصار الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) عام 2002.
وأضافت المصادر إن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس حثت أبو مازن على مواصلة الترويج لخطة استقدام قوات دولية لتمكين السيطرة وضبط الوضع في قطاع غزة، بعد سيطرة حركة «حماس» أمنياً على القطاع ورفض إسرائيل العودة عن قرارها بالانسحاب الكامل من داخله.
وفي الوقت الذي لا يحظى فيه اقتراح استقدام قوات دولية في الوقت الراهن بقبول فلسطيني، سوى من قيادة السلطة الفلسطينية ومستشاري أبو مازن الذين يطلق عليهم اسم مجموعة الـ15، فإن الإدارة الأميركية تؤكد أن الخطة لا تعني أبداً وضع قوات أميركية مباشرة، لكن استقدام قوات دولية يساهم في تشكيلها حلف شمال الأطلسي، حيث ستكون إحدى المهمات التي سيركز عليها المبعوث الجديد للجنة الرباعية طوني بلير، فيما يقوم المنسق الأميركي الخاص لشؤون قوات أمن السلطة الفلسطينية الجنرال كيث دايتون بالمشاركة في وضع تفاصيل الخطة.
وقالت المصادر إن الفكرة الأميركية بنشر قوات دولية في الضفة الغربية وغزة كانت في الأساس قد طُرحت في السابق كقوة حفظ سلام تقوم بدور أمني لإنهاء المقاومة الفلسطينية المسلحة ضد إسرائيل، غير أن الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة أدى إلى تعليق الفكرة ليعاد النظر فيها مجدداً بعد سيطرة «حماس» على غزة وانهيار أجهزة أمن السلطة الفلسطينية السريع فيها.
ويرى مخططون عسكريون أن مثل هذه الخطة قد تحتاج إلى نحو عشرين ألف جندي مسلحين جيداً. وتقع الخطة الأصلية في 68 صفحة، وضعتها مدرسة الجيش للدراسات العسكرية المتقدمة (سامس) وهي مركز تدريب ومعلومات في كينفويرث في كنساس. وتتحدث الخطّة عن كيفية إجراء عملية حفظ السلام في العام الأول من وجود هذه القوات وإقامة وتطوير الدولة الفلسطينية الجديدة.
وتتحدّث الدراسة عن كيفية إجراء العملية الرئيسية في العام الأول بوجود قوات حفظ سلام في غزة والخليل والقدس ونابلس. وسيكون أحد الأهداف الرئيسية «تحييد الأجنحة المنشقة في القيادة الفلسطينية ومنع العنف الفلسطيني الداخلي».
ووصفت دراسة «سامس» الشباب الفلسطيني بأنهم «مدافع فضفاضة لا سيطرة عليها، وهم في بعض الأحيان عنيفون». وشارك في وضع الدراسة 60 ضابطاً وصفوا بـ«فرسان جيدي»، وهو وصف يطلق على طلبة «سامس» في السنة الثانية من تدرّبهم.
وفي الماضي، قام مركز «سامس» بوضع دراسات لرئاسة أركان الجيش الأميركي وهيئة رؤساء الأركان المشتركة للقوات الأميركية، وساعد في وضع خطة هجوم قوات التحالف البري على القوات العراقية لإنهاء سيطرتها على الكويت في شباط 1991.
وتضع هذه الدراسة عن المنطقة أهدافاً يتعيّن على القوة الدولية أن تنجزها في الثلاثين يوماً الأولى من مهمتها. وتشمل هذه الأهداف «إيجاد ظروف لتطوير الدولة الفلسطينية والأمن لإسرائيل. وهذا سيساعد على إعطاء الصفة الشرعية لهذه القوة. ويشجع النمو الاقتصادي والاستثمار الأميركي في فلسطين. وضمان توزيع متساو للمساعدة وتشجيع المصالحة بين الكيانات القائمة على قبول هويات وطنية جديدة، وبناء علاقة خاصة دائمة ترتكز على حدود شرعية جديدة لا على ادعاءات دينية إقليمية» (أي في الأراضي).
ولا تضع خطة «سامس» نظاماً كاملاً للمعركة بالنسبة إلى العشرين ألف جندي أميركي. وقال مصدر في الجيش الأميركي استعرض الخطة إن كل لواء من ثلاثة ألوية بحاجة إلى نحو 100 عربة مدرعة من نوع برادلي و 25 دبابة و12 مدفع «هاوتزر» ذاتي الارتداد إلى جانب طائرات هليكوبتر هجومية من طراز «أباتشي» وطائرات تجسس من دون طيار من نوع «كايوا».
وتتحدث الدراسة عن خمس مجموعات عربية وصفتها بـ«إرهابية» يمكن أن تستهدف القوات الأميركية بالاغتيال أو أخذ رهائن منها. وتوصي الدراسة بـ «الحياد في القول والعمل» كسبيل لحماية الجنود الأميركيين من أي هجوم. وتقول إن سوريا ومصر والأردن يجب أن تحذر «بأننا سنتصرف بحسم رداً على أي هجوم خارجي».
ويقول غلاف الخطة إنها وضعت لهيئة رؤساء الأركان المشتركة للقوات الأميركية، لكنّ المتحدث باسم «سامس» كريس غارفر قال إن «واشنطن لم تطلب الدراسة بل هي مجرد تمرين أكاديمي».
ورغم التصريحات المتكررة لمسؤولين أميركيين برفض وضع قوات أميركية بين الفئات المتحاربة، إلا أن موضوع غزة ساهم في تزايد الأصوات في هذا النقاش، التي تعتقد بأن الحاجة تتطلب فريقاً مميّزاً لتطبيق السلام بقيادة الولايات المتحدة.
وقد سبق للمبعوث الأميركي الخاص السابق للمنطقة الجنرال المتقاعد أنتوني زيني قوله «هناك خطة، إذا احتاج الأمر، إلى وضع عدد محدّد من قوات حفظ السلام في المناطق التي تحتلها إسرائيل». كما أن العضو الجمهوري البارز في مجلس الشيوخ أرلين سبكتر قال، رداً على سؤال إن كان يستطيع أن يتصور وجود قوات أميركية على الأرض، «إذا كان لنا أن نثبّت الاستقرار، وهذا عامل حاسم، فهذا أمر سأكون راغباً في النظر فيه».
أمّا رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، الديموقراطي جوزيف بايدن، فقد أضاف إلى قول زميله «أقول نعم في هذا السياق وبوجود قوات أوروبية أيضاً». كما سبق للعضو الجمهوري البارز في مجلس الشيوخ تشاك هاغل أن أعلن تأييده لإرسال «قوات أميركية أو من حلف الأطلسي» إلى مناطق السلطة الفلسطينية.

كل لواء من ثلاثة ألوية بحاجة إلى نحو 100 عربة مدرعة من نوع برادلي و 25 دبابة و12 مدفع «هاوتزر» ذاتي الارتداد إلى جانب طائرات هليكوبتر هجومية من طراز «أباتشي» وطائرات تجسس من دون طيار من نوع «كايوا»