مهدي السيد
رغم مرور عام تقريباً على عدوان تموز، لا تزال لجان التحقيق الإسرائيلية تحجز بين الحين والآخر وقتاً مستقطعاً على الحلبة السياسية في إسرائيل لتصدر تقاريرها عن أوجه مختلفة من الإخفاقات التي اقترنت بالعدوان. وقد جاء أمس دور لجنتين من هذه اللجان لتعلنا خلاصات الجهود التي بذلتاها في مجالين محددين: الأول، يتعلق بالتعديلات التي ينبغي إدخالها على آلية العمل في ديوان رئيس الحكومة بشكل خاص، والثاني بالآليات الواجب اتباعها لتحسين مستوى كبار قادة الجيش الإسرائيلي.
فقد أوصى طاقم التوجيه لتطبيق استنتاجات لجنة فينوغراد برئاسة رئيس الأركان الأسبق الفريق في الاحتياط أمنون ليبكين شاحك، بإقامة قيادة للأمن القومي تعمل في مكتب رئيس الحكومة برئاسة رئيس مجلس الأمن القومي، الأمر الذي يعني إدخال تعديلات دراماتيكية في بنية المكتب.
وبحسب التوصيات، التي ستُناقش اليوم في جلسة خاصة للجنة الوزارية التي تشكلت بعد التقرير المرحلي للجنة فينوغراد، سيصبح رئيس المجلس الرجل القوي في مكتب رئيس الوزراء والمسؤول الوحيد عن وضعه في صورة المستجدات الأمنية والسياسية. وتقترح توصيات اللجنة أن يتم هذا الأمر كل صباح من خلال عرض استخباري يقوم على أساس المواد التي تصل إلى المكتب من كل الأجهزة الاستخبارية (الشاباك، الاستخبارات العسكرية، الموساد ومركز البحوث السياسية في وزارة الخارجية).
ووفقاً لمعلقين إسرائيليين، فإن المعنى العملي لهذه التوصية هو إفراغ ثلاثة مناصب أساسية في مكتب رئيس الوزراء من مضمونها، هي: رئيس طاقم المكتب، الذي ينسق اليوم كل عمل المكتب، والذي سيصبح في حال تطبيق التوصيات مسؤولاً فقط عن تحديد جدول اللقاءات المدنية لرئيس الوزراء؛ والسكرتير العسكري، الذي يشغل اليوم مهمة المنسق بين المؤسسة الأمنية ورئيس الوزراء والمسؤول عن آخر المعلومات الاستخبارية الجارية. ووفقاً للتوصيات سيصبح مسؤولاً فقط عن تنسيق لقاءات رئيس الوزراء مع رؤساء الأجهزة الأمنية، على أن تكون برتبة رائد، لا لواء كما هي الحال الآن. والمنصب الثالث هو المستشار السياسي الذي ستنحصر صلاحياته بتنسيق لقاءات رئيس الوزراء مع ممثلين أجانب وتسجيل محاضر اللقاءات.
كما تضمن التقرير، الذي أعده طاقم التوجيه، توصيات أخرى، أهمها «إقامة مركز لإدارة الأزمات الوطنية في ديوان رئيس الوزراء يكون خاضعاً لمسؤولية مجلس الأمن القومي؛ وتعزيز مكانة مجلس الأمن القومي، والمشاركة بشكل دائم لمندوب مركز البحوث السياسية في وزارة الخارجية في جلسات المجلس الوزاري السياسي ـــــ الأمني وعند الحاجة عرض موقف الوزارة؛ زيادة كمية ونوعية المعلومات الاستخبارية التي تُحَوَّل من شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي إلى وزارة الخارجية، من أجل الأبحاث السياسية، ومشاركة مندوبي وزارة الخارجية في المداولات السياسية ـــــ الأمنية في ديوان رئيس الوزراء.
وفي السياق، قدمت أمس لجنة خاصة منبثقة من لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، تقريراً يتعلق بدراسة تأهيل كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي. وأوصت اللجنة، التي يرأسها عضو الكنيست آفي إيتام، في تقريرها بإقامة كلية أكاديمية للدراسات الأمنية والعسكرية، وإلزام المرشحين لتولي المناصب القيادية في الجيش الحصول على لقب أكاديمي في مواضيع الجيش وإدارة القتال من هذه الكلية. وتأتي هذه التوصية في أعقاب تقرير شديد اللهجة أصدره مراقب الدولة، قبل ستة أشهر.
وفي أعقاب هذه التوصيات، من المقرر أن تعمل لجنة الخارجية والأمن على سن قانون «كلية الأمن»، الذي «سينظم عملية إقامة الكلية العسكرية، التي سيكون الجيش مسؤولاً فيها عن تطوير العلوم العسكرية وتوفيرها بمستويات أكاديمية».
وتجدر الإشارة إلى أنه سبق لمراقب الدولة أن قدم تقريراً عن هذا الموضوع، أشار فيه إلى أن 82 في المئة من جنرالات الجيش، و 68 في المئة من الضباط برتبة عميد، و 76 في المئة من الضباط برتبة عقيد، لم يتم تأهيلهم في كليات الأمن القومي، وأن غالبية المرشدين في الكلية لا يوجد لديهم التأهيل والتجربة المطلوبان لتدريس مواضيع الأمن القومي بمستوى أكاديمي. وبحسب التقرير، تلقى الضباط في الجيش برامج تدريب مختلفة، الأمر الذي أدى إلى «عدم وجود لغة مهنية مشتركة وواضحة».