محمد بدير
أشار تقرير صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أن إسرائيل ترى تغييراً كبيراً في سياسة السعودية تجاه الدولة العبرية والسلطة الفلسطينية، وأنها تمتنع عن تأييد الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحكومته الجديدة، خوفاً من عزل «حماس»، مشيراً إلى أن الرياض تعمل على مصالحة بين «فتح» و«حماس» خوفاً من تقرّب الأخيرة من إيران

أفادت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أمس أن تقريراً أعدّته وزارة الخارجية الإسرائيلية في الثاني من الشهر الجاري، ورد فيه أن «امتناع السعودية عن التعبير عن دعم واضح لأبو مازن وحكومته الجديدة يعكس بالأساس معارضة سعودية لسياسة الرئيس الفلسطيني بعزل حماس، إذ يخشى السعوديون من أن يؤدي عزل حماس واستمرار المقاطعة ضدها، الى تعزيز الحلف بينها وبين الإيرانيينوأضاف تقرير الخارجية الإسرائيلية إن «السعودية امتنعت عن التدخل في الخلاف الداخلي الفلسطيني ورأت وجوب التلاقي واتّباع استراتيجية العناق الدافئ بين فتح وحماس لا العكس»، مشيراً إلى «خيبة أمل السعوديين من انهيار اتفاق مكة» الذي تم برعاية الملك السعودي عبد الله في شهر آذار الماضي، والذي تقرر على أثره تأليف حكومة وحدة فلسطينية، ووجهت بمقاطعة دولية واسعة وأقالها عباس في أعقاب أحداث قطاع غزة وسيطرة «حماس» عليه.
وفي الوقت الذي خلص التقرير إلى أن «السعودية ترى فشل التطلع الإسرائيلي لخلق مسار تسوية سياسية بالتعاون مع الجامعة العربية»، نقلت «معاريف» عن مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى قولها إن «محافل سعودية ومصرية وأردنية أعلنت في محادثات مغلقة مع محافل إسرائيلية رفيعة أن المبادرة السعودية التي يتطلع اليها رئيس الوزراء ايهود اولمرت كأساس للتسوية قد ماتت حالياً ولا معنى لمواصلة هذا المسار، طالما تواصلت عملية الفوضى في السلطة الفلسطينية».
وحسب المصادر السياسية الإسرائيلية نفسها، فإن «نظراءهم في مصر والأردن والسعودية أوضحوا لهم من خلال قنوات منفصلة، أن طواقم الجامعة العربية المفترض أن تصل الى إسرائيل (بتكليف من الجامعة العربية لإجراء اتصالات مع إسرائيل وإقناعها بقبول المبادرة العربية) يُحتمل ألّا تصل على الإطلاق في الأمد المنظور»، مشيرين الى ضرورة أن «تكفّ إسرائيل عن استخدام مفهوم المبادرة السعودية وأن تسحب السعودية بشكل رسمي كل تأييد لتصريح الملك عبد الله عام 2000، الذي كان أساس قرار الجامعة العربية في حينه»، في إشارة الى استخدام المسؤولين الإسرائيليين مصطلح «مبادرة السلام السعودية» بدلاً من استخدام «مبادرة السلام العربية»، بسبب عدم تضمن الأولى لبند واضح عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهو ما تعارضه اسرائيل بشدة وترى أنه سيقضي على إسرائيل كدولة يهودية.
وقال مصدر سياسي إسرائيلي، لـ «معاريف» إنه «يمكن بالتأكيد تأبين المبادرة السعودية في الوقت الحالي على الأقل»، لكنه استدرك قائلاً إن «من الصعب تنبؤ مجرى الأمور في الشرق الأوسط، ذلك أن هذه المبادرة كانت نائمة لمدى خمس سنوات في الماضي، ومن المحتمل أن نعود الى الحديث عنها بعد زمن ما، لكن على ما يبدو لن يتم ذلك في المدى القريب او المتوسط».
ونقلت «معاريف» عن مصادر أمنية وسياسية إسرائيلية قولها إن «بيانات الدول العربية المعتدلة تمثّل عملياً خطوة استكمالية لسلسلة المؤشرات والبيانات السابقة لهذه الدول، التي تتنكر من خلالها، عملياً وعلى الأقل في الوقت الحالي، لكل مسار يتعلق بالمبادرة السعودية». وأشارت هذه المصادر إلى أن «المبادئ الجديدة للأنظمة العربية، ترى أن على إسرائيل أن تعزّز (مكانة) رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، إضافةً إلى وجوب استحصال موافقة من كل دول الجامعة العربية تجاه أي خطوة متعددة الأطراف» بينها وبين العرب.
يذكر أن أولمرت يولي اهتماماً خاصاً في الأشهر الأخيرة بإحياء تصريحات الملك السعودي عبد الله عام 2002 في الفترة التي كان فيها ولياً للعهد، بما تطلق عليه إسرائيل «المبادرة السعودية» التي لا تتضمن حق العودة للفلسطينيين وتنص على اقامة علاقات سلام وتطبيع مع اسرائيل في مقابل انسحاب كامل الى حدود الرابع من حزيران 1967. ولطالما أوضح أولمرت في الفترة الأخيرة أنه يرى في «المبادرة السعودية» أساساً متيناً لإجراء محادثات سلام مع الدول العربية «المعتدلة».