هآرتس» ــ الوف بن
تجسّد التعديلات الوزارية في حكومة ايهود أولمرت القاعدة القديمة التي تقول إنه لا شيء في الحياة أهم من التوقيت والظروف. يبدو للوهلة الأولى أن في إسرائيل منذ أمس حكومة الأحلام. وحتى لو لم يكن كل الوزراء ملائمين لوزاراتهم مثل القفاز في اليد، إلا أنه يصعب تخيل طاقم أكثر تجربة ومهارة في قيادة الدولة. اولمرت وأيهود باراك وتسيبي ليفني وحاييم رامون وروني بار اؤون وبنيامين بن اليعزر وشاؤول موفاز واسحق هيرتسوغ ومئير شطريت وايلي يشاي وأفيغدور ليبرمان.
كان بإمكان هذا المنتخب المثير للانطباع أن يجترح أموراً كبيرة لو كان قد تبلور بعد الانتخابات، إلا أنه يتوجه الى الملعب بصورة متأخرة تبعث على الأسف. سنة ثمينة أُهدرت على تعيينات اولمرت الفاشلة للوزراء السابقين في المالية والدفاع، وعلى الحرب في لبنان وتشعباتها وقضايا التحقيقات البوليسية ضد القيادة العليا. حكومة اولمرت ستُشغل في الزمن الباقي بالصراعات الداخلية والانزلاق نحو الانتخابات المقبلة، لا بدفع العملية السياسية الى الأمام.
المسألة المركزية على جدول أعمال الحكومة المتجددة ستتمثل في صدقية وزير الدفاع، الذي يتوقع الجمهور منه أن يسحب حزب العمل من الحكومة، وأن يُسقط اولمرت عندما يُنشر تقرير فينوغراد النهائي. وإن لم يُسقطه، فعليه على الأقل أن يحدّد تاريخاً متفقاً عليه وقريباً للانتخابات. في محيط باراك يعِدون بالخروج من الحكومة في تشرين الأول، إلا أن هذا الوعد يبدو فارغاً من مضمونه في الوقت الحاضر.
في مقر وزارة الدفاع، ساد السرور لعودة باراك. بعد السنة البائسة التي مضت مع عامير بيرتس الذي تلخصت صلاحيته بلقب «سيدي الوزير»، سيكون من الممتع للجنرالات والمسؤولين الكبار أن يعملوا مع من يفهم الخطط الميدانية. مشكلة باراك تكمن في أن الجمهور لم يستوعب صورته الجديدة بعد، وأنه يعطي أفضلية واضحة لنتنياهو كمحافظ على الأمن ودافع للسلام.
في ظل هذا الوضع، ثمة شك في أن تكون ثلاثة أشهر في وزارة الدفاع فترة كافية لباراك الجديد لكي يخوض الانتخابات من موقع متفوق على نتنياهو. وإذا استقال من الحكومة في تشرين الأول فسيجد صعوبة في تولي القيادة من على مقاعد المعارضة، إذ إنه ليس عضو كنيست. وهكذا، ستتمحور الأشهر المقبلة في التوترات الداخلية القائمة بين إعادة بناء صورة باراك ووعده بالخروج بعد تقرير فينوغراد وبين الحيل السياسية التي سيقوم بها اولمرت ورامون له. هذا الوضع هو احتفال بهيج للمراسلين السياسيين لبرامج الثرثرة في الإذاعة، إلا أنه يترك القليل من الطاقة للسياسة الخارجية والأمن.
في الواقع الإسرائيلي الذي يحرزون فيه الانتصار في الانتخابات من موقع اليمين المعتدل، تكفي فكرة اقتراب الحكومة من السقوط حتى تصبح السياسة لعبة تقطيع الوقت في الحكم. من يحتاج الى كل إصبع حول الطاولة (في عمليات التصويت) حتى يبقى على كرسيه لن يخاطر باتخاذ قرارات مثيرة للخلاف. حتى على هذا النحو، لا يمكن القول إن المحيط الاستراتيجي واعد على خلفية الانقسام في السلطة الفلسطينية والفيتو الأميركي ضد التحادث مع سوريا.
ما الذي يمكن تحقيقه في فترة الغسق هذه؟ حكومة اولمرت الجديدة ستضطر الى ترسيخ وقف إطلاق النار مع «حماس» في غزة تحت غطاء الكلمات الفارغة حول «تعزيز أبو مازن» في الضفة، وإعادة بناء الجيش من منطلق الحذر الشديد من التورط العسكري مع سوريا، وتصدر جهود وطنية ودولية بمشاركة نتنياهو في مواجهة التهديد النووي الإيراني.
النجاح سيُقاس من خلال الحفاظ على الاستقرار الأمني والاقتصادي ومنع مشاكل التصعيد على الحدود. المبادرات والانعطافات والتجديد ستُترك على ما يبدو للحكومة المقبلة.