هآرتس» ــ موشيه آرنز
قد يكون تغيير البرنامج والشعارات مهمة لا تقل صعوبة عن التخلي عن التصورات والمواقف المتجذرة، إلا أن هذا ما يجب فعله أحياناً. لقد آن الأوان لإعادة النظر في شعار الدولتين لشعبين ـــــ دولة اسرائيل والدولة الفلسطينية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وغزة.
هذا النموذج لحل الصراع الاسرائيلي ـــــ الفلسطيني، الذي طرحه للمرة الأولى اليسار المتطرف المعجب بياسر عرفات، تغلغل في وعي غالبية الاسرائيليين وتبنّاه أيضاً من كانوا في السابق معارضين شديدين له ومنهم ارييل شارون.
يتعامل الإسرائيليون اليوم مع هذا الشعار كأنه حقيقة ثابتة. «خريطة الطريق» التي عرضها الرئيس (الأميركي جورج) بوش وتبنّتها حكومة شارون بحماسة، هي صورة مُستحدثة عن هذا الشعار. لقد تحول شعار الدولتين لشعبين إلى «بقرة مقدسة».
لقد طور الفلسطينيون، منذ عام 1948، هويتهم الوطنية بنسبة تفوق الشعوب العربية الأخرى. هل رأى الفلسطينيون الذين يعيشون غربي نهر الاردن أنفسهم جزءاً من الشعب الاردني عندما كانت يهودا والسامرة (الضفة الغربية) تابعتين للحكم الاردني وحصلوا على الجنسية الاردنية بين عامي 1949 ـــــ 1967؟ وهل تعدّ اعادة السيادة الاردنية الى يهودا والسامرة رداً ملائماً على المشاعر الوطنية الفلسطينية؟.
في هذه المرحلة تُعدّ هذه الأسئلة فرَضية لأن حكام الأردن لا يربدون وجع الرأس هذا، وقد أوضحوا ذلك جيداً قبل عشرين عاماً. وبالدرجة نفسها، يتضح أن المصريين الذين احتلوا غزة في عام 1948 وبقوا فيها حتى 1956 ثم عادوا اليها بعد انسحاب اسرائيل في عام 1957، لا يرون أي سبب لتحمل المسؤولية عن غزة. ليس لدى أي دولة عربية استعداد لصهر اللاجئين الفلسطينيين داخلها. اسرائيل، التي دمجت في داخلها العرب بصفتهم مواطنين متساوين في الحقوق، لا ترغب في دمج فلسطينيي يهودا والسامرة وغزة أيضاً وتحويلهم الى مواطنين اسرائيليين. الواقع البائس هو أنه لا أحد يريد الفلسطينيين.
فهل يعني ذلك أن قيام الدولة الفلسطينية هو الحل الوحيد؟ وهل يجب أن تكون غزة مرتبطة بيهودا والسامرة؟ ما بدا مسألة بديهية أصبح مسألة مشكوكاً فيها إثر اعمال العنف الأخيرة في غزة. فمن ذا الذي يرغب في دولة يهيمن عليها العنف وتشجع الاعمال الإرهابية؟ من ذا الذي يريد دولة كهذه إلى جانبه؟.
من الممكن التحدث عن تعزيز قوة محمود عباس على أمل أن يجلب الاستقرار للأراضي الفلسطينية ويقمع الإرهاب، لكن هل هذا توقع واقعي؟ هل يمكن بالفعل التوقع منه أن يفرض سيطرته على يهودا والسامرة وأن ينجح أيضا في التحدي الأصعب ـــــ السيطرة على زمام الأمور في غزة وانتزاعها من أيدي «حماس»؟ من الأفضل البدء في البحث عن شعار سياسي جديد على أساس الصورة التي تظهر عليها الأمور الآن.